بث تلفزيون النهار مقاطع لفيديوهات البودكاستر التي شغلت الرأي العام في الجزائر على مدار الأيام القليلة الماضية، والمتعلقة بالموقف من التشريعيات المقبلة، ويتعلق الأمر بفيديوهات الفنانين الشابين ديزاد جوكر وأنس تينا. وجاء بث لقطات من تلك الفيديوهات التي حققت مجتمعة قرابة 4 ملايين مشاهدة، بعد 5 أيام من إطلاقها، في سياق تقرير مصور حاول تلفزيون النهار من خلاله، رصد ظاهرة جديدة باتت تكتسح المجتمع الجزائري وتؤثر فيه، وهي التدوين التلفزيوني، أو ما يعرف لدى المختصين باسم البودكاست. وعالج تلفزيون النهار من وجهة نظر اجتماعية وسياسية، ظاهرة البودكاست الذي بات ملجأ للشباب للتعبير عن مواقفه من السياسات والأحداث، فيما يمارس عزوفا مطلقا تجاه كل أشكال المشاركة السياسية، سواء بالانتخاب أو متابعة الخطاب السياسي للرسميين وحتى للمعارضة. وتعالج فيديو البودكاستر الخاصة بأنس تينا ظاهرة الحملة الانتخابية وما يرافقها من إطلاق للوعود الكاذبة بالجملة، بطريقة هزلية وساخرة، لكنها مملوءة بالرسائل السياسية، التي تجمع على شيء واحد مفاده أن القطيعة قد باتت اليوم أمرا محتوما بين السياسيين وعامة الشعب، وأن العملة الوحيدة الرائجة في عمليات التجنيد والتعبئة هي الشراء والبيع باستعمال المال الفاسد، وليس عبر وسائل الإقناع المعروفة في كل دول العالم. أما فيديو مانصوطيش لصاحبها ديزاد جوكر، فقد تناولت فيما يشبه المونولغ المصور المرفوق بموسيقى تصويرية مؤثرة، ومشاهد ملتقطة بطرق جد محترفة ومتقدمة، خطاب شاب مل من وعود وكلام الرسميين، فتارة يظهر الشاب بمظهر المعاق المحروم من حقوقه والذي لا تكفيه منحة المعاق الهزيلة، وتارة أخرى يظهر بمظهر رب البيت الذي عجز عن ملء قفته بحاجيات منزله، بسبب تواضع راتبه الشهري، وفي أحيان أخرى بمظهر الرياضي الذي لم يلق الاهتمام قبيل خوضه منافسات دولية، أو الصيدلي الذي رفع مطالب مشروعة لكنه قوبل بهراوات قوات مكافحة الشغب. وفي هذا الإطار، قال الدبلوماسي السابق عبد العزيز رحابي، في معرض تحليله لظاهرة إقبال الجزائريين على الخطاب السياسي والاجتماعي الجديد الذي جسدته فيديوهات البودكاست تلك، مقابل عزوفه عن كل ما هو رسمي أو حزبي، أن الغلق والمنع الممارس في التلفزيون الرسمي ووسائل الإعلام الكبرى، لم يعد اليوم مجديا بسبب انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، مضيفا أن التطور التكنولوجي يفرض على السلطات إعادة النظر في طريقة تعاملها وتكييف خطابها الرسمي مع المستجدات.