أفتى الشيخ أبو عبد المعز محمد علي فركوس، بعدم جواز تقديم طلبات الزواج للجمعيات الخيرية، وأطلق موقع الشيخ مؤخرا فتوى ينبذ فيها طلبات الزواجالتي توجه إلى الجمعيات الخيرية، والتي أشار إلى أنها نوع من الشرك في حالة استطاع الفرد الاستغناء عنها، خاصة وأنهاتشكل ''مفسدة الافتقار'' لغير الله تعالى بانشغال العبد عن ربه في سؤال المخلوقين. وقال الشيخ ''فركوس'' ردا على سؤال إمكانية جواز طلب العون من جمعية خيرية لإقامة مشروع زواج جماعي، بأن مفسدةالطلب تغني عن ضرورة وحاجة الفرد إلى ذلك، مشيرا إلى أن الطلبات الدنيوية والمادية التي يحتاجها الإنسان ينبغي أن يتوجهبها إلى الله، مستدلا على ذلك بعدة آيات قرآنية وأحاديث نبوية، على غرار ما جاء في سورة الفاتحة في قوله تعالى ''إِيَّاكَ نَعْبُدُوإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ'' ''الفاتحة: 5''، وفي قوله أيضا ''وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللهُ مِن فَضْلِهِ''، ''النور:33''. وجاء هذا في الوقت الذي أصبح فيه هذا النوع من الزواج أمرا رائجا في جميع أوساط المجتمع، حيث أصبحت تشرف عليههيئات خيرية ورسمية ويخضع لقوانين ومعايير خاصة، من خلالها يتم دراسة ملفات المتقدمين لطلب الإعانة بغرض الزواج،الأمر الذي اعتبره الشيخ بدون مبرر شرعي مستدلا على ذلك بأحاديث نبوية كثيرة منها قوله صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم لابنعباس رضي الله عنهما: ''إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللهِ..''. وأكد الشيخ فركوس من خلال الفتوى التي أطلقها على موقعه بأن الطلبات التي يتوجه بها شباب الأمة إلى الجمعيات الخيريةبغرض طلب الإعانة على الزواج غير محبذة، وتميل بدرجة كبيرة إلى الشرك بالله عز وجل في حال كان السؤال عن غيرضرورة قاهرة مستحقة للسؤال، حيث قال: ''إن سؤال الناس إنما يباح للضرورة، وتركه -توكُّلاً على الله- أفضل، لما يترتَّب فيسؤال المخلوقين من مفسدة الافتقار إلى غير الله وهي نوع من الشرك''. وأضاف الشيخ بأن هذه المسائل قد تؤدي إلى إيذاء المسؤولين، وهو ما يدخل ضمن إطار مفسدة إيذاء المسؤول وهي نوع ظلمالخلق، إلى جانب مفسدة التذلل لغير الله وهي ظلم للنفس، مستدلا على ذلك بما جاء في ''مجموع الفتاوى'' لابن تيمية ''1901''،وقال الشيخ فركوس أيضا بأن ''هذا بخلاف السؤال في أمور الدين التي قد ترقى إلى درجة الوجوب العيني، وكذلك الحقوقالعينية والأدبية والمعنوية الثابتة للإنسان بدليل شرعي يجوز له أن يسألها ممَّن هي بيده ويطالب بها''، في حين بيّن بأنه في حالةأبيح السؤال لضرورة فينبغي أن تقدَّر هذه الحاجة بقدرها. النص الكامل للفتوى كما جاءت السؤال: هل يجوز طلب العون من جمعية خيرية لإقامة مشروع زواج جماعي؟ الجواب: الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصَحْبِهِ وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد: فالأصلُ أنَّ العَوْن الدنيوي أو المادي لا يطلبه المسلمُ إلاَّ من الله سبحانه رغبة إليه وتوكُّلاً عليه، وذلك تحقيقًا لقوله: إِيَّاكَ نَعْبُدُوإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ الفاتحة: 5 ، ولقوله تعالى: فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ، وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ الإنشراح:8-7 ، أي: ارغب إلى الله لا إلىغيره، ولقوله صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم لابن عباس رضي الله عنهما: ''إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللهِ..'' 1- أخرجه أحمد (3031)، والترمذي كتاب ''صفة القيامة والرقائق والورع'' (2516)، والحاكم (6233)، من حديث ابن عباسرضي الله عنهما. والحديث صحَّحه أحمد شاكر في تحقيقه ''مسند أحمد'' والألباني في ''صحيح الجامع'' (7957).)؛ ذلك لأنَّالله -عزَّ وجلَّ- خيرُ كفيلٍ في أن يُسخِّر له مَن يُعِينُه في أمور زواجه إذا أراد العفاف وتحصين نفسه، وهذا وَعدٌ من الله تعالىلِلمُتَعَفِّفِين من عباده حيث قال: وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللهُ مِن فَضْلِهِ النور:33 ، وقال النَّبيُّ صلى اللهُعليه وآله وسَلَّم: ''ثَلاَثَةٌ حَقٌّ عَلَى اللهِ عَوْنُهُمْ: النَّاكِحُ الَّذِي يُرِيدُ العَفَافَ، وَالمكَاتِبُ الَّذِي يُرِيدُ اْلأَدَاءَ، وَالمجَاهِدُ فِي سَبِيلِ الله'' 2- أخرجه الترمذي في ''الجهاد'' (1655)، والنسائي في ''النكاح'' (3218)، وابن ماجه في ''العتق'' (2518)، والحاكم (2859)،وأحمد (7368)، والبيهقي (22231)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. والحديث حسَّنه البغوي في ''شرح السُّنة'' (65)،والألباني في ''غاية المرام'' (210)، وصحَّحه أحمد شاكر في تحقيقه «مسند أحمد» (14913)).وسؤال الناس إنما يباحللضرورة، وتركه -توكُّلاً على الله- أفضل، لما يترتَّب في سؤال المخلوقين من مفسدة الافتقار إلى غير الله، وهي نوع من الشرك،ومفسدة إيذاء المسؤول وهي نوع ظلم الخلق، ومفسدة الذل لغير الله وهي ظلم للنفس. 3- انظر ''مجموع الفتاوى'' لابن تيمية1901). قلت: وهذا بخلاف السؤال في أمور الدين، فقد يرقى إلى درجة الوجوب العيني، وكذلك الحقوق العينية والأدبيةوالمعنوية الثابتة للإنسان بدليل شرعي يجوز له أن يسألها ممَّن هي بيده ويطالب بها، وإذا أبيح السؤال لضرورة فينبغي أن تقدَّربقدرها.والعلمُ عند اللهِ تعالى، وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصَلَّى اللهُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانِه إلىيوم الدِّين، وسَلَّم تسليمًا. ( اعتبر الفتوى دعوة لمكافحة المؤسسات الخيرية الإسلامية ''شمس الدين'' يدافع عن شرعية إعانة الشباب على الزواج الجماعي استنكر الشيخ شمس الدين، رئيس جمعية الزواج الجماعي أمس، ما جاء في الفتوى التي أظهرها موقع الشيخ فركوس، وذلكبخصوص عدم جواز طلب المساعدة من الجمعيات الخيرية للزواج، حيث اعتبرها استعانة بغير الله، الأمر الذي يعد نوع منأنواع الشرك. وقال الشيخ شمس الدين في اتصال ب''النهار'' أمس أن ما أفتى به الشيخ فركوس غير منطقي وهو مناف للفطرةالإنسانية التي فطره الله عليها، كما أن الأحاديث التي تدل على وجوب إعانة المؤمن لأخيه المؤمن كثيرة جدا، استعرض الشيخبعضها على غرار قوله صلى الله عليه وسلم ''من فرج عن مؤمن كربة من كرب الدنيا فرج الله عنه كربة من كرب يومالقيامة''.وقال الشيخ شمس الدين بأن الحادثة التي وقعت للنبي سليمان كفيلة بدحض هذه الفتوى فقد استعان بالجان على جلبعرش بلقيس فهل يكون مشركا إذ استعان بغير الله. وعن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ''منمشى في حاجة أخيه كان خيرا له من اعتكاف عشر سنين'' رواه الطبراني والحاكم، وقال صحيح عن زيد بن ثابت رضي اللهعنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ''لا يزال الله في حاجة العبد ما دام في حاجة أخيه'' بإسناد جيد.وحديث بن عمررضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ''المسلم أخ المسلم لا يظلمه ولا يسلمه من كان في حاجة أخيه كان الله فيحاجته'' رواه البخاري ومسلم. وأضاف الشيخ أن القول بعدم شرعية استعانة المؤمن بأخيه المؤمن يدخل ضمن أطر الدعوةللفرقة ونبذ الأخوة التي دعا الله إليها، واعتبر الشيخ ما جاء به الشيخ فركوس مجرد غلو وتطرف، إذ لم يقل به أحد من قبل،مشيرا إلى أن الإستعانة التي يطلبها المسلم من هذه الجمعيات تعتبر شرعية وإعانة على كربات الدنيا، كما أنها لا تمت بصلة إلىالتذلل أو الإستعانة بغير الله نظرا للمعايير التي تحتكم إليها هذه الجمعيات.وأكد الشيخ شمس الدين من ناحية أخرى، أنالمستفيدين من هذه الإعانات هم المستحقين لها فعلا، مشيرا إلى أن أولائك الذين يتقدمون بطلب الإعانة وهم لا يستحقونهايدخلون في إطار الإحتيال ولا يمكن أن يكون بأي حال من الأحوال نوعا من الشرك، كما ذهب إليه الشيخ فركوس بعدما رأىبأنه تذلل لغير الله وإيذاء للمسؤولين.من ناحية أخرى، قال الشيخ شمس الدين بأن هذه الفتوى التي جاء بها الشيخ فركوس تدخلضمن إطار المخطط الأمريكي الداعي إلى محاربة المؤسسات الخيرية الإسلامية ولو بطريقة غير مقصودة، داعيا إلى تصويبهذه الفتوى التي من شأنها نبذ أي مبادرة خيرية قد تسعى لها جماعة ما.