تراجعت عمليات تجنيد الشباب للجهاد في الدول العربية والإسلامية المحتلة، بنسبة كبيرة جدا وصلت إلى حد انعدامها مؤخرا، هذه الأخيرة التي أشرفت عليها جماعات الدعم والإسناد بالجزائر لأكثر من 10سنوات، الشيء الذي عاد بالإيجاب على تراجع أعداد الجزائريين المسجونين بالدول المجاورة، التي تعد مراكز عبور لهم. فككت مصالح الأمن الجزائرية كل جماعات الدعم والإسناد التي اعتمدتها القاعدة لعقد من الزمن، في تقوية صفوفها بالدول العربية والإسلامية المحتلة، إذ أنه كانت تنشط بالجزائر عشرات الشبكات المختصة في تجنيد الشباب نحو العراق، أفغانستان والشيشان وحتى الصومال والسودان حسب ما كشفت عنه تحريات مصالح الأمن، في إطار مكافحة الإرهاب. وكانت شبكة أبو الوليد التونسي من أكبر شبكات الدعم والإسناد على المستوى المغاربي، هذه الأخيرة كانت تتخذ من الجزائر قاعدة لها ومقرا لمعظم أعمالها، إذ أنها كانت وراء تجنيد معظم الجزائريين الذين التحقوا بالعراق، بعد سقوط النظام الحاكم، وذلك إلى غاية تفكيكها سنة 2007، أين تم إلقاء القبض على قائدها ومحاكمته أمام محكمة الجنايات بالعاصمة. وتراجعت عمليات التجنيد خلالها، إلى غاية ظهور شبكة أبو المثني التي خرجت من صلب شبكة أبو الوليد التونسي، حيث استمرت في تجنيد الشباب، وإقناعهم بضرورة الجهاد في العراق، إلى جانب جماعة السلفيين الذين تم إلقاء القبض عليهم قبل الإنطلاق في إرسال أول دفعة إلى العراق لتتوالى عمليات تفكيك شبكات الدعم، إلى غاية القضاء عليها نهائيا خلال سنة 2008. وثبت تراجع نشاط هذه الشبكات في الآونة الأخيرة، من خلال انعدام ملفات المتابعة القضائية للمجندين في إطار الجهاد في العراق وغيرها من الدول، حيث تعود أغلب قضايا المتابعين في الانتماء إلى جماعات إرهابية تنشط بالخارج إلى سنوات 2006 و2007، في الوقت الذي يصرح هؤلاء بحقائق توحي بتراجع عمليات التجنيد نحو هذه الدول، أمام نقص الإمكانات المادية وتكثيف الخناق على عناصرها بالجزائر. وأدى تراجع عمليات التجنيد نحو الدول العربية والإسلامية المحتلة، ما يصرح به المجندون في محاضر التحقيق من مظاهر التمييز العنصري، حيث كشف العديد منهم عن إجبار الجزائريين الذين يصلون إلى العراق على تنفيذ عمليات انتحارية بدل حمل السلاح، مما اضطر أغلبية الملتحقين خلال السنوات الأخيرة، إلى العودة إلى عائلاتهم بدل الانصياع لأوامر قادة التنظيم. وصرح بعض العائدين من العراق، أنهم خيروا بين الانتحار تحت مدرعات القوات الأمريكية أو العودة إلى بلدانهم، في حين اضطر البعض الآخر إلى تقديم ذرائع واهية للإفلات من حتمية تطبيق أوامر القادة، خاصة وأن العراق يضم عدة جماعات مسلحة في مقاومته ضد القوات الأمريكية. وقال أحد المجندين؛ أنه عاد من سوريا بعدما علم بالهدف الذي يجند لأجله الجزائريين في العراق، حيث احتج بولادة زوجته في الجزائر وضرورة العودة للعناية بها، فيما فضل صديقه المواصلة إلى العراق وموته بعد مدة في عملية انتحارية، حسب التصريحات التي ثبتت على لسان عدد من العائدين من العراق. وتطبق تعليمة توجيه المجندين إلى العمليات الإنتحارية، على كل الملتحقين الجدد من الجزائريين خاصة، الأمر الذي أدى إلى قمع رغبات بعض المغرر بهم، زيادة على وعي الشباب بمصير الجماعات الإرهابية في الجزائر وفتاوى الدعاة، إلى جانب البيانات التي أطلقها أمراء ومنظرو القاعدة القدماء، والتي أكدوا فيها أنهم كانوا على ظلال، وأنه لا يجوز الخروج عن الحاكم.