لم يزر الطبيب يوما طوال حياته وفقد كل أفراد عائلته في ظرف 6 أشهر أكثر من 40 سنة قضاها «عمار سوامس» أو «طرازان البحار» كما يلقب، ببراكة في شاطئ «مرمار» بعاصمة الولاية سكيكدة، عاشقا الطبيعة إلى جانب عشرات القطط، وهو الذي لم يزر الطبيب يوما قاضيا وقته في تنظيف الشاطئ من الأوساخ وحماية زواره. زيارتنا إلى «عمار» كانت بمساعدة صديق لنا ينحدر من سطورة التي ينحدر منها «عمار»، الذي حين وصولنا إلى «براكته» لم نجده في المكان والسبب كان بحثه عن كمية من السمك ليغذي بها عشرات القطط التي تعيش معه بالمكان. وحتى الوقت الذي انتظرناه لم نحسه لأننا استمتعنا بالمكان ونظافته، قبل أن نسمع شخصا يتنحنح قبل أن تخرج جحافل القطط من كل مكان، فقد عرفت بأن صديقها حل بالمكان وبيده غذاؤها، حيث استقبلته القطط في نصف الطريق قبل أن ترافقه إلى جدار. وهو مكان تناولها لغذائها، أين تترك له مكانه الخاص قبل أن يباشر هو توزيع الغذاء عليها وفي وجهه سعادة كبيرة، بعد ذلك رحب بنا الرجل الذي عمل بحارا لسنوات وفتح لنا قلبه كما فتح لنا باب «براكته». عمل «عمار» في سفن الشحن، وهو ما مكنه من زيارة عديد الدول وأكسبه ثقافات عديدة، قبل أن يستقر بهذا المكان الخالي، خاصة في هذا الفصل، مفضلا تفريغ نفسه لخدمة الطبيعة وعلى راحة باله، خاصة إذا عرفنا أن المعني فقد كل أفراد عائلته في ظرف 6 أشهر. تعلق الرجل بالطبيعة جعله لا يزور الطبيب، له برنامج خاص طيلة السنة فهو يعمل يوميا على تنظيف الشاطئ ورفع فضلات الزوار، مع ضمان الحماية لزوار المكان من أي تحرشات أو اعتداءات. وهو ما يعتبره «عمار» من أسباب سعادته، فهو يحب ما يقوم به لأنه يحب الطبيعة، ونحن نجلس إليه وإذا برئيس بلدية سابق يصل إلى المكان، فهو أحد الأصدقاء الذين تعرفوا على «عمار» وباتوا مدمنين على الجلوس برفقته في بهذا المكان الجميل، لم نفوت الفرصة وسألنا القادم عن صديقه. فقال إن «عمار طرزان» حقيقي، فالمكان محمي في وجوده من كل الأخطار، مطالبا بترك هذا البطل يعيش في سلام ما تبقى له من عمره بالمكان، بعد ذلك تركنا طرزان البحار يطعم قططه ويحرس عن بعد زوار الشاطئ، على أمل أن يتحقق طلبه ويواصل العيش في هذا المكان بسلام.