لا يمكن وصف منظر الشيخ "الجيلالي حسن" ، والعجوز "خيرة عالم" إلا بالمهينة في حق مواطنين طاعنين في السن يموتان في صمت في زمن يعيش فيه الكثيرون في بحبوحة، فبمجد دخولك لكوخ هاذين العجوزين تجف دموعك قبل نزولهما شفقا و رأفة بهما في زمن انتزع فيه الإحسان إلى من ضحى بحياته لنكبر نحن. دخلت النهار و هي أول جريدة تزور كلا من العجوزين في المعاصم أفقر بلدية بتيسمسيلت على حالتين اقل ما يقال عنها أنها وصمة عار كتبت على جبين الأبناء و الجيران، حيث يقطن الشيخ الجيلالي حسن ذو ال 84 سنة في كوخ حسبناه منذ الوهلة الأولى خاصا بالحيوانات لكن دخولنا إليه فند كل تخميناتنا .. ظلام دامس داخل الكوخ وروائح تشمئز منها النفوس ، أوقدنا ولاعة و تقدمنا من أحد أركان الكوخ وجدنا شيخا يرقد في ثياب رثة وفراش بالي لا يكاد يغطي جسده الهزيل ،بعض الأواني التي لا تصلح حتى لإطعام الحيوانات مرمية في بعض زوايا الكوخ ذهلنا لهول المشهد لم يستطع الشيخ التحدث إلينا لأنه مقعد لا يقوى على الحركة و هو وحيد في هذا الكوخ المعزول و لا أحد يقوم براعيته باستثناء بعض العناصر من مفرزة الحرس البلدي الذي يقومون بين الحين و الآخر بتفقده وجلب بعض الطعام له، الشيخ الجيلالي له إبن يعيش في مدينة تيسمسيلت كما أكد لنا بعض الجيران ، هذا الابن ترك والده مقعدا وانتقل إلى المدينة حاولنا البحث عن ابن هذا الشيخ لأخذ أقواله حول وضع والده لكن تعذر علينا الوصول إليه . وغير بعيد من هنا كانت وجهتنا الثانية إلى دوار البرايك بنفس البلدية وفي كوخ مترامي الأطراف تقطن عجوز طاعنة في السن تبلغ من العمر 84 سنة تدعى "خيرة عالم "، هذه العجوز تسكن بمفردها و لا أحد يقوم على رعايتها باستثناء شخص ربته في صغره و هو يتفقدها بين الفينة و الأخرى، دخلنا كوخ السيدة خيرة وجدناها جالسة في أحد أركانه حاولت القيام للترحيب بنا لكنها لا تقوى على ذلك ، وجدنا بعض الأواني مبعثرة هنا وهناك وموقد غاز تستعمله العجوز خيرة للطهي و التدفئة أحيانا ، الأفرشة جد بالية و الروائح لا تشجع على البقاء في المكان ،.. ثقوب بسقف الكوخ و الحشرات تغزو الغرفة. بعد عودتنا من هذا المكان عرجنا على الخلية الاجتماعية الجوارية للتضامن وهناك التقينا مع منسق الوكالة السيد ناجي بلقاسم" ، ولدى استفسارنا عن الحالتين كشف محدثنا أن الخلية قامت خلال الشهر الفارط بوضع تقرير مفصل عن الحالتين وتم تقديمه إلى رئيس دائرة عماري ومديرية الحماية الاجتماعية من أجل التكفل بالحالتين ، لكن ولغاية كتابة هذه السطور لا يزال الشيخ الجيلالي حسن و العجوز خيرة عالم ينتظران علّ الضمائر الميتة تتحرك في زمن أصبح فيه الجزائري يموت في صمت.