تطرح وضعية بعض اللاعبين الجزائريين المحترفين في أوروبا، بسبب ملازمتهم مقاعد الإحتياط الكثير من التساؤلات، بشكل أدى بالكثير من النقاد الرياضيين إلى السعي من أجل تقصي الأسباب الحقيقية التي أدت الى هذا التهميش الذي باتت تتعرض له ركائز المنتخب قبل 70 يوما عن انطلاق منافسات كأس العالم، خاصة في الفترة الأخيرة التي تلت مشاركة ''الخضر'' في نهائيات كأس إفريقيا الأخيرة. الظهور الأخير في أنغولا وإن كان فرصة لتلميع صورة المنتخب الوطني الذي أعلن عودته إلى واجهة الكرة الإفريقية بوصوله إلى المربع الذهبي الذي غاب عن إنجازات ''محاربي الصحراء'' لعقدين كاملين إلا أنه كان له انعكاس سلبي على العناصر الوطنية التي تنشط بالدوريات الأوروبية بعد أن فقدت بعضها ثقة مدربيهم وأصبحت تلازم مقاعد الاحتياط، وإن حدث وتم توظيف البعض منهم فلبعض الدقائق أو عند الإضطرار كتعويض اللاعبين المصابين على غرار ما حدث لعنتر يحيى مدافع ''بوخوم'' في مواجهة بوروسيا أو كريم مطمور لاعب ''مونشنغلادباخ'' في اللقاء الأخير أمام هامبورغ، وذهب البعض إلى اعتبار المشاركة الأخيرة في دورة أنغولا وبقاء العناصر الدولية بعيدة عن نواديها لمدة شهر بمثابة الكارثة التي جاء تأثيرها سلبيا وعواقبها وخيمة للغاية عن هؤلاء اللاعبين. مطمور، عنتر يحيى ومنصوري ضحايا وطنيتهم ! ولعل أهمّ ملاحظة تعزز هذا الطرح هي وضعية الثلاثي مطمور، يحيى والقائد منصوري الذين كانوا يلعبون بانتظام مع نواديهم ويشكلون قطعا أساسية قبل الراحة الشتوية التي تزامنت مع بداية التحضير للمنافسة الإفريقية ومنهم حتى من حمل شارة القائد في صورة مدافع بوخوم، ليتحولوا إلى احتياطيين بعد نهاية ''الكان'' ويستبعدوا من قائمة اللاعبين الأساسيين مما دفع ببعض المتتبعين والمهتمين بالشأن الكروي الجزائري إلى اعتبار الثلاثي المذكور ضحية تلبية دعوة المنتخب حيث كان لتفضيله السفر والدفاع عن الألوان الوطنية مدة شهر كامل انعكاس سلبي عليهم، أمام مدربين ومسيرين بعقليات احترافية لا مجال فيها للعواطف، ولا تعتمد إلا على العناصر الأكثر جاهزية كما حدث مع مطمور الذي كان يوظف بانتظام مع ناديه، إلا أن فترة غيابه خلال تواجده مع ''الخضر'' اضطرت مدرب منشنغلادباخ الى البحث عن خيارات أخرى وتفضيله للثنائي كولاتي وبوباديا على حساب لاعبنا الذي أحيل على مقاعد البدلاء، ونفس السيناريو تكرر مع صانع الألعاب زياني الذي أمضى الصيف الماضي في نادي فولفسبورغ الألماني قادما من أولمبيك مارسيليا بصفقة تجاوزت السبعة ملايين أورو ليجد نفسه خارج قائمة ال18 في المباراة الأخيرة من دون أي تبريرات ولا تفسيرات من المدرب، وهو الذي دشن موسمه أساسيا وحتى منافسيه في خط الوسط البرازيلي خوزي والياباني هاسيبي ليسا أفضل منه بتلك الدرجة التي تجعله بشكل دائم خارج الخدمة، ولو أنه من غير المستبعد أن زياني يدفع فاتورة مشاركته مع ''الخضر'' مثلما جرت العادة مع اللاعبين الأفارقة، حيث يثأر منهم مدربوهم وربما مسيروهم مثلما يقول البعض بطريقتهم من خلال حرمانهم من اللعب، حتى لا يفكروا مرة أخرى في تلبية دعوة منتخباتهم، كما أن بعض رؤساء النوادي ومن وجهة نظر تجارية توصلوا إلى قناعة بأنهم يدفعون ملايين الدولارات للاعبين ليسوا في متناولهم بشكل كلي بما أنهم يغيبون فترة شهر كامل أو أكثر، في سنة تنظم فيها كأس العالم وتختتم فيها البطولات كلها قبل 15 ماي، وهو الطرح الذي يعززه الدولي النيجيري كانو بعد أن أجزم في تصريحات صحفية بعد نهاية ''الكان'' بأن اللاعبين الأفارقة سيعدون الى فرقهم، ويجدون أماكنهم قد شغلها آخرون. هل يتعلق الأمر بمسألة الإمكانيات أيضا ؟ وإذا كان هذا رأي الكثيرين، فإن للبعض الأخر وجهة نظر تعاكس الطرح الأول وتنفي تأثير المشاركة الجزائرية في المنافسة الإفريقية على وضعية اللاعبين في نواديهم، وترجع أسباب عدم توظيف واستبعاد العديد من ''النجوم الجزائرية'' إلى المؤهلات والإمكانات الفنية والبدنية والمنافسة الشرسة على المناصب داخل الأندية الأوروبية التي لا تعترف بلاعب احتياطي وآخر أساسي وإنما تعمد الطواقم الفنية إلى الاستنجاد باللاعبين الأكثر جاهزية ويستشهد صف النقاد الذين يميلون إلى هذا الطرح بمشوار اللاعب النيجيري مارتينز زميل زياني في نادي فولفسبورغ الألماني الذي عانى في بداية الموسم من كرسي الاحتياط، لكن بعد عودته من انغولا أين أحرز رفقة النسور الخضر المرتبة الثالثة استعاد منصبه أساسيا وأجبر هداف البوندسليغا الموسم الفارط غرافيتي على الجلوس على مقاعد الاحتياط، يضاف إليهم بعض النجوم الأفارقة الذين يصنعون أفراح نوادي القارة العجوز حيث ما إن انتهى ''الكان'' حتى استعادوا مناصبهم بشكل طبيعي على غرار دروغبا مهاجم تشيلزي وزيدان المصري لاعب بوروسيا اللذين يصنعان أفراح جماهير نادييهما. مراجعة موعد ''الكان'' بات مطلب الجميع ومن دون أدنى شك فإن قرار هيئة حياتو بتغيير موعد تنظيم الكأس الإفريقية إلى السنوات الفردية حتى تصادف المنافسة الإفريقية مع الكأس العالمية سيكون أولى الخطوات التي ستنعكس إيجابا على الأفارقة الذين ينشطون في البطولات القوية خارج القارة السمراء، حيث انتقد الكثير من الفنيين تنظيم المنافسة الإفريقية في نفس السنة التي ينظم فيها كأس العالم الشيء الذي يعرض اللاعبين إلى الكثير من الضغوط من أنديتهم التي ترفض تسريحهم لمدة تزيد عن الشهر مما يضع العصافير الإفريقية في وضع حرج بين تلبية الواجب الوطني أو احترام العقد الاحترافي الذي يربطهم بنواديهم صاحبة العمل إن صح التعبير، كما أن البعض يطالب ببرمجتها كل 4 سنوات وخلال فترة الصيف تفاديا للمشاكل التي تحدث للاعبين، مثلما يحدث مع ''اليورو'' وهو ما صار مطلبا للجميع، ولو أن حياتو أكد على فكرة تغيير المواعيد الى السنوات الفردية دون أن يعد بشيء بخصوص موعدها ونقلها من فترة الشتاء إلى الصيف.