في ظل التعتيم والتكتم على ال 17 تجربة نووية فرنسية إسرائيلية تعود ذكرى أول تجربة نووية فرنسية بالصحراء الجزائرية اليوم وتعود معها صور ومشاهد الدمار والفراغ التي خلفتها عملية التفجير الذي أطلقت عليه فرنسا الاستعمارية اليربوع الأزرق ونفذته في 13/12/1960 بمنطقة حمودية برقان. التجربة التي فاقت قوتها 70 ك.طن خلفت ضحايا من أبناء المنطقة وعناصر من اللفيف الأجنبي وأحرقت بالكامل حيوانات وطيور استعملوا فئران تجارب وبعد مرور 48 سنة من تنفيذ أول تجربة مازالت فرنسا تمارس التعتيم والتكتم على كامل تجاربها ال 17 السطحية منها بالحمودية والباطنية بأينكر بتمنراست وتحاول الهروب إلى الأمام دون أدنى اعتذار أو القيام بخطوة اتجاه الاعتراف بالجرائم وتعويض الضحايا الذين انتظموا في جمعية محلية تسمى جمعية ال 13 فبراير 1960 حاولوا طيلة السنوات الفارطة تحسيس الرأي العام الوطني بمعاناتهم وتطلعوا إلى أن تصبح جمعيتهم وطنية تأخذ على عاتقها الدفاع عنهم وكشف جرائم فرنسا النووية بالجنوبالجزائري والتي اقترفتها بحضور ودعم إسرائيلي ومباركة أطلسية. جمهورية الصحراء الوسطى الحلم الفرنسي المتبخر يعود الاهتمام الفرنسي بالصحراء الجزائرية بشكل كبير إثر اكتشاف البترول والغاز الطبيعي وثروات أخرى كالذهب، النحاس، الرصاص، المنغنيز واليورانيوم إلى جانب كونها همزة وصل بين شمال إفريقيا ومستعمراتها في منطقة الصحراء الكبرى والساحل وتعزز الاهتمام أكثر بعد نجاح الثورة في الشمال وسحق انتفاضات الجنوب بهمجية بربرية بشعة، لذلك حاول الفرنسيون المناورة من أجل البقاء مع إمكانية إعلان المنطقة أرضا وطنية فرنسية وبدأ الحديث في الدوائر الاستعمارية عن إقليم صحراوي يتمتع بحكم ذاتي يرتبط بالوطن الأم فرنسا وتم خلال سنوات فقط على الترويج لفصل الصحراء إنشاء وزارة خاصة وقيادة عسكرية أيضا استعدادا لوضع المشروع قيد التفاوض وتزامنا مع ذلك بدأت تحركات عسكرية في إطار إنشاء مراكز نووية وصاروخية وأعلن في 1957 عن اعتبار منطقة رقان نحو 140 كلم عن مقر ولاية أدرار حاليا منطقة نووية تخصص لإجراء مختلف التجارب وتسارعت الخطوات لإنجاز المشروع في وقت نجحت فيه الثورة في تنفيذ عدة عمليات نوعية كما هو الشأن بالنسبة لمعارك العرق الغربي الكبير بنواحي واحات وبوادي قورارة (تيميمون حاليا) حيث وقعت معارك حاسيب غمبو وتسلقة وطلمين وأجدير كما نجحت الثورة حسب مجاهدي الجهة في الكشف عن مخططات فرنسا الرامية إلى إجراء تجارب نووية برقان واعتقد أبناء المنطقة العام 1958 أن قنبلة نووية ما ستنفجر خاصة بعد تزايد التحركات والاستعدادات لكن صعوبات جمة برزت وتم تأجيل تنفيذ التجربة حتى العام 1960 يقول أحد الشهود "لقد تحولت الحمودية نحو 50 كلم جنوب شرق رقان إلى مدينة عسكرية وتم نقل المئات من الناس إليها وإحضار أجانب وحيوانات ووضعت في رقبة كل شخص "قلادة" مكتوب عليها اسم المعني وعنوانه الشخصي وجنسيته وطلب منها الانبطاح أرضا عند البدء في القيام بالتجربة وحينما تم التنفيذ اهتزت الأرض تحت أجسامنا وعمت الفوضى واعتقدنا أنها نهاية العالم، لقد كانت جريمة بكل المقاييس ومنذ ذلك التاريخ ورقان منكوبة انتشرت بها الأمراض كالسرطان والعيون والأمراض الجلدية والتشوهات، لقد كانت للتجارب الثلاثة -قال بوعلي- نتائج مدمرة وأنا على يقين أن القنبلة الرابعة لم تنفجر". توصيات في مهب الريح بدأت فعاليات المجتمع المحلي بأدرار تبحث في ملف التجارب النووية تزامنا مع إطلاق مبادرة جادة من قبل وزارة المجاهدين والمنظمة الوطنية للمجاهدين بهدف الوقوف على جرائم فرنسا النووية حيث تم عقد سلسلة من الندوات الوطنية بكل من أدرار وتمنراست لكن سرعان ما توقفت، ويتساءل المواطن بالمنطقة عن سر تراجع الاهتمام بالملف خاصة في ظل التحولات التي عرفتها العلاقات الفرنسية الجزائرية كما يتساءل عن سر صمت الشخصيات التاريخية والسلطات العليا للبلاد وعجز نواب المنطقة عن إعادة إثارة الملف أمام البرلمان كما فعلها النائب الحر محمد القروط، ويسود الاعتقاد وعلى نطاق واسع في أوساط الأهالي والمواطنين أن توصيات الندوات الوطنية ذهبت أدراج الرياح خاصة ما تعلق منها بالتعويضات وحتى على المستوى المحلي لم تعد الجمعيات على استعداد لإحياء ذكرى اليرابيع بنفس الطريقة لكن الضحايا والشهود يقولون ويؤكدون على أنه حان الوقت لكشف الحقائق ويذهب بوعلالي "أباديدي" إلى أبعد الحدود حينما يقول إن خطر النووي ما يزال قائما فهناك قنبلة لم تنفجر بينما تشير الروايات إلى أن فرنسا قامت بأربع تجارب برقان هي اليربوع الأزرق في 13/02/1960، اليربوع الأبيض في 01/04/1960، اليربوع الأحمر في 27/12/1960 وأخيرا اليربوع الأخضر في 25/04/1961 أما الشريف عكرمي من سالي حوالي 30 كلم شمال رقان ومحمد سوداني بزاوية كنتة 70 كم شمال رقان فيتهمان فرنسا بارتكاب جرائم حرب ويؤكدون على أن دوي التفجيرات وصل إلى حدود قصور توات كلها وقد تم حينها تسجيل عدة حالات إجهاض. إسرائيل شريك وشاهد على الجرائم تعود بداية التعاون الفرنسي الإسرائيلي النووي إلى العام 1953 إذ عقدت الدولة العبرية اتفاقا مع باريس تضمن بنودا سرية أهمها الاستفادة من تجارب الطرفين وتبادل الخبرات والتدريب المشترك وكذا تبادل المواد الأولية في صناعة السلاح النووي والصواريخ والطيران والأسلحة الاستراتيجية لقد زودت إسرائيل فرنسا حسب البحوث والدراسات المختلفة فرنسا براءة اختراع "دوستروفسكي" لإنتاج الماء الثقيل وذلك قبل القيام بتجارب يرابيع رقان ويمكن القول إن مشروع التعاون النووي الإسرائيلي الفرنسي ارتبط باسم شمعون بيريز الرئيس الإسرائيلي الحالي ورئيس الوزراء سابقا وأحد زعماء حزب العمال فهو المهندس رقم واحد دون منازع لشراكة فرنسية إسرائيلية في المجال النووي فهو الذي صرح قبل 43 عاما من اليوم حينما ترك منصب المدير العام لوزارة الدفاع قال إن الكثيرين انتقدوا المشروع في أول الأمر لأنهم اعتبروه مغامرة سياسية قد توحد العالم ضدنا. لقد استخدمت واشنطن اكتشاف مفاعل ديمونة كورقة ضاغظة للمساهمة في إنجازه وإنجاحه حيث تمكن الجواسيس الإسرائيليون من اختراق المؤسسات النووية الأمريكية وساهموا في نقل التكنولوجيا النووية لتظهر بعد سنوات فقط دولتان نوويتان بجانب أمريكا هما فرنسا وإسرائيل ولا غرابة إذا قلنا إن خبراء إذا قلنا إن خبراء إسرائيليين شاركوا في إجراء التفجيرات النووية الفرنسية بالصحراء الجزائرية خاصة باينكر في منطقة الهقار بتمنراسن والتي تواصلت إلى ما بعد الاستقلال والبالغ عددها 13 تجربة كلها باطنية وتعد تجربة مونيك (27/02/1965) أشدها قوة تفجيرية بطاقة 127 ك.كن وقد انطلقت سلسلة التجارب باينكر بعد رقان بنحو ستة أشهر فقط أي في 07/11/1961 وتواصلت إلى 16/02/1966. تل أبيب ضد تعاون فرنسي جزائري نووي يعتقد الساسة الإسرائيليون حاليا أن أي تعاون نووي فرنسي جزائري من شأنه الإخلال بالتوازن العسكري والسياسي في المنطقة خاصة وأن للدولة العبرية أصدقاء لا يمكن التخلي عنهم هذا إلى جانب الجاليات اليهودية التي تعتبر أية محاولة جزائرية لاكتساب إمكانيات طاقة نووية خطرا محدقا وبالتالي لابد من تحرك اللوبي اليهودي بباريس لعرقلة تنفيذ اتفاقية التعاون في مجال النووي المدني بين الإليزي والمرادية كما يعتقد الإسرائيليون أن الجزائر قد تهدد الأمن المتوسطي على غرار غيران التي تهدد بحسبهم الأمن الخليجي والشرق أوسطي وما يعزز المخاوف الإسرائيلية التقارب الجزائري الإيراني وتعدد الشركاء في المجال النووي كلصين وروسيا والولايات المتحدةالأمريكيةوجنوب إفريقيا والأرجنتين فهناك توجهات نحو عقد جملة من الاتفاقيات لتطوير إمكانيات وقدرات الجزائر في مجال الطاقة النووية. والبداية كانت بالصين ثم فرنساوواشنطن وما قد يشجع على توسيع دائرة لتعاون والاهتمام بالطاقة النووية توجه عدة حكومات بالمنطقة العربية وحوض المتوسط نحو عقد اتفاقيات مع دول النادي النووي وفي هذا السياق وفي ظل سعي دول (5+1) لفرض عقوبات على طهران وغض الطرف عن مخزونات إسرائيل النووية دعت الجزائر من جنيف إلى وضع آليات لضمان سلامة وحماية الدول غير النووية. والواضح أن الدولة العبرية ستقف في وجه أي تعاون غربي جزائري في المجال النووي خاصة الفرنسي الجزائري بذريعة وحجج عديدة ولضمان تفوقها العسكري والنووي بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا. مطالب باسترجاع الأرشيف ودفع التعويضات احتفالات ضحايا التفجيرات النووية وسكان الجنوبوالجزائر عموما بالذكرى ال 48 لأول تفجير نووي فرنسي بالحمودية (رقان) تأتي بعد خطوتين قامت بهما فرنسا الأولى اتجاه المغرب والثانية اتجاه الجزائر ففي الرباط أعلن مسؤول فرنسي رفيع أوفده ساركوزي للعاهل المغربي عن دفع تعويضات ومنح إضافية لمجندين مغاربة سابقين في الجيش الفرنسي ولمحاربين قدماء أما بالجزائر فتم تسليم جزء من الأرشيف السمعي البصري عن الحقبة الاستعمارية ويتساءل مواطنو أدرار وأعضاء جمعية ال 13 فبراير 1960 في ظل هذه التحولات عن مصير أرشيف التجارب النووية برقان ومعارك تيدكلت باينغر والعرق الغربي الكبير وكذا مصير النفايات النووية الفرنسية كما يتساءلون عن أسباب تأخر فرنسا في الاعتراف بجرائمها بالجزائر خاصة بالجنوب ويجددون على ضوء بداية التعاون الفرنسي الجزائري مطالبهم بدفع التعويضات للضحايا وإنجاز مرافق طبية لعلاجهم ومخابر للتحاليل وكشف الحقيقة الكاملة للأجيال والرأي العام الوطني والدولي عن الجرائم النووية الفرنسية التي تم اقترافها بدعم وتدبير إسرائيلي.