لم تشفع الإجراءات المتخذة ضمن القانون الجزائي -فيما يخص تشديد العقوبات المسلطة على المتهمين بارتكاب أعمال العنف ضد الأفراد بصفة عامة، أو ضد الأصول على وجه الخصوص- في تقليص نسبة الجرائم المعاينة داخل الخلية الأسرية، لاسيما المرتكبة منها في حق الوالدين. حيث استقر متوسط الجرائم المسجلة من قبل الأجهزة الأمنية عبر مختلف ربوع الوطن في حدود 200 قضية سنويا حسب آخر الإحصائيات المتوفرة، الأمر الذي جعل مصالح الدرك الوطني إلى جانب رجال القانون يدقون ناقوس الخطر للحد من استفحالها، بعدما لوحظ ارتفاع محسوس في هذا النوع من القضايا الذي يهدد أمن واستقرار العائلة الجزائرية.ورغم أن القانون الجزائي الجزائري قد تعاطى بشكل من الصرامة مع هذا النوع الإجرامي، حيث سلط بموجب المادة 267 عقوبات تصل إلى حد السجن المؤبد في حالة ما إذا أدى الضرب والجرح المرتكب عمدا إلى الوفاة دون قصد إحداثها، بينما يواجه الجاني تسليط عقوبة الحبس لمدة تتراوح بين 10 و20 سنة إذا ما تسبب في بتر أحد أعضاء والديه أو حرمانهم من استعماله أو فقد البصر أو بصر أحد العينين أو أية عاهة مستديمة أخرى، في حين لا تقل العقوبة عن 5 سنوات إذا ما قام الفاعل عمدا بجرح أو ضرب والديه الشرعيين أو غيرهما من أصوله الشرعيين دون أن يؤدي ذلك إلى عجز عن العمل، غير أن كل هذه الإجراءات لم تضع حدا لتنامي ظاهرة العنف الأسري في أوساط المجتمع الجزائري، أو بالأحرى لم تساهم في كبح هذه الجريمة الشنعاء المرتكبة في حق أقرب الناس إلى الجناة، والذين كانوا في الأمس القريب أكثر الناس عطفا وحنانا عليهم، بحيث تؤكد الأرقام المتوفرة، أن ما لا يقل عن 200 والد، سواء أما أو أبا، يتعرضون سنويا للإعتداء والعنف على يد فلذات أكبادهم، وهو ما تثبته حصيلة الشكاوى التي سجلتها مصالح الدرك الوطني منذ بداية السنة الجارية إلى غاية 31 أوت المنصرم، والتي تشير إلى أن 209 والد كانوا ضحايا ممارسة الضرب والجرح من قبل أبنائهم، من بينهم 105 أباء و104 أمهات، وذلك مقابل 277 ضحية الضرب والجرح العمدي ضد الأصول خلال 8 أشهر 2009.