استنكر عقلاء المجتمع الجزائري موجة أعمال التخريب التي شهدتها الجزائر على مدار الثلاثة أيام الماضية، منددين بالطريقة الهمجية التي أخذتها الإحتجاجات التي قادها شباب في العقد الثاني من العمر، قبل أن تنحرف عن إطارها المناهض لارتفاع أسعار المواد الإستهلاكية، وتصبح عبارة عن حرب معلنة لعصابات إجرامية، اغتنمت الفرصة للإعتداء على ممتلكات العامّة والخواص، فضلا عن تحطيم مختلف المحلات التجارية والمؤسسات لسرقتها والسّطو على محتواها. وفي هذا الصّدد انتقد محمد مكركب إمام مسجد القدس بحيدرة، الطريقة التي طبعت الإحتجاجات، على خلفية ارتفاع أسعار بعض المواد الإستهلاكية لاسيما السّكر، الزّيت والفرينة مؤكدا أنه من حق أي مواطن أن يبدي رأيه وأن يعبر عن رفضه لأمر ما، لكن دون أن يخرج ذلك عن الأطر الحضارية والسلمية، حيث يبقى الحوار حسبه الطّريقة المثلى لمعالجة أي مشكل أو خلاف قد يقع بين طريفين، حتى وإن تعلق الأمر بين الرعية وولاة أمورهم، لأن التخريب والتهديم -يضيف الإمام- لن يقود حتما إلى أية نتيجة ترضي أيا منهما، بقدر ما ستساهم في شحن التوتر وتحريض كل طرف ضدّ الآخر بعيدا عن كل الحلول. من جهته اعتبر ياسين صاحب متجر لبيع الأجهزة الإلكترونية بحي قاريدي 2 بالقبة، أنه من غير المعقول أن تتحول حركة احتجاجية حول غلاء المعيشة وارتفاع بعض المواد الإستهلاكية إلى عملية تدمير شامل لكل ما قد يعترض طريق هؤلاء الشباب بحجة التعبير عن رأيهم، مشيرا إلى أنّ الشّعب الجزائري تأثر حقا بهذه الزّيادة المفاجأة والمفرطة في الأسعار، خاصة في ظلّ انخفاض القدرة الشّرائية للمواطن البسيط، حيث لا يتعدى الأجر الوطني المضمون 51 ألف دج، إلاّ أنّ هذه الأعمال الهمجية لا تعكس إطلاقا رأي المجتمع بكامله، لاسيما أنّ من يقودها هم شباب أغلبهم بطّال ولا يتعدى سنهم 25 سنة، بما يضع فكرهم وتصورهم للوضعية المعيشية غير مكتمل. أما بالنسبة ل''كمال، م'' بائع في 26 سنة من العمر، فاستغرب مما آلت إليه الأوضاع، في وقت أخذت البلاد تعرف فيه شبه استقرارا على جميع الأصعدة، واستطاعت التّخلص من ويلات الإرهاب التي عانى منها الشعب الجزائري خلال العشرية السوداء، مستنكرا أشكال العنف والإجرام الذي ساد خلال الأيام القليلة الماضية شتّى ربوع الوطن، والذي طال الممتلكات العامة والخاصة على حد سواء، مضيفا أنه ليس هنالك ما يجيز تجريد المواطنين من أغراضهم الشخصية، تحت مرأى الجميع بحجة التنديد بالغلاء الفاحش أو المعاناة من الفقر. وفي مقابل ذلك فيرى محمد 28 سنة موظف متقاعد، أن هذه الأحداث عادت بالجزائر إلى سنوات الجمر، كما أنّ الأساليب والطّرق التي استعملت خلال موجة العنف التي سادت الوطن منذ الأربعاء الماضي، خارجة عن طبيعة وتقاليد المجتمع الجزائري ومستواحات من الأفلام الهوليوودية والغربية، حيث لم يسبق أن سلط الشباب غضبه على المحلات الخاصة و المؤسسات العمومية أو المقرات الإدارية، قبل أن يتحول الوضع إلى مجرد نهب وسطو. لكن عبد الحميد إطار في الدولة، فاعتبر أنه من الضروري تهدئة هذه الفئة الشبانية الثائرة وامتصاص غضبها في الفترة الراهنة، لاحتواء الأزمة في مرحلة أولية، ومن ثم قيادتها إلى الأساليب الحضرية للحوار والتّشاور، مؤكدا أنّ الشّباب الجزائري معروف بتحمسه وسرعة انفعاله مع الأحداث، مما يستدعي تعقليهم وليس تعقيدهم.