بعد أيام من عودة الهدوء إلى ولايات الوطن التي شهدت احتجاجات تحولت إلى أعمال شغب ونهب وتخريب، احتجاجا على ارتفاع أسعار بعض المواد الاستهلاكية، تنفس المواطن الصعداء، بعد ساعات عصيبة خلفت 3 قتلى والكثير من الأضرار المادية الجسيمة، التي طالت مؤسسات عمومية وممتلكات خاصة، بعد التدابير والإجراءات الاستعجالية، التي اتخذتها الحكومة، لتهدئة الأوضاع وامتصاص غضب الشارع، الذي لم يكن يتحمل المزيد من التصعيد، خاصة وأن مطالبه أتفق الجميع على شرعيتها، كما اتفقوا تماما على إدانة الأساليب الهمجية، التي انتهجها بعض المنحرفين وأفراد العصابات ودفع ثمنها المواطن، ورغم أن الإجراءات لم تدخل عمليا حيز التنفيذ إلا أن الأسعار عرفت تراجعا استحسنه المواطن كثيرا، متمنيا أن تعرف بقية المواد الاستهلاكية تخفيضات في الأسعار. قادتنا أمس جولة استطلاعية للعديد من المحلات التجارية ببعض بلديات العاصمة، كباش جراح، القبة، لمعرفة أسعار مادتي الزيت والسكر، التين أقرت الدولة، بشأنهما مؤخرا تخفيضات هامة، غير أن الملاحظ على هذه المحلات، التي عرفت حركية كبيرة، بعد أن تصالح المواطن مع مادتي السكر والزيت، اللتين طلقتهما الكثير من ربات البيوت واستغنت على خدماتهما الكثير من المطابخ الجزائرية رغم أهميتهما البالغة ، احتجاجا على المستويات القياسية، التي عرفتها أسعارها والتي تفوق وبكثير القدرة الشرائية للكثير من المواطنين، ورغم امتعاض البعض من تماطل التجار في تطبيق الأسعار الجديدة، التي تحدث عنها وزير التجارة عبر وسائل الإعلام، فإن حالة من الرضا تسود الشارع الجزائري، الذي ثمن المبادرة وكان يتمنى التفات السلطات لأحواله دون انتظار احتجاجات خرجت عن نطاقها وخلفت 3 قتلى وزرعت الخوف والرعب بنفوس المواطنين وعطلت مصالحهم وسير حياتهم العادية. الأسعار تتهاوى تدريجيا بعد اندلاع الاحتجاجات وعمال الشغب والتخريب بالعديد من مناطق الوطن والتي توسعت شيئا فشيئا في ظرف زمني وجيز جدا، كان لا بد من التدخل واحتواء الوضع بالشارع، الذي بات مفتوحا على كل الاحتمالات، خاصة وأن بعض الأطراف التي تحاول الاصطياد في المياه العكرة بدأت تستثمر في هذه الاحتجاجات والأهم أن المطالب التي لم يحسن الشباب اختيار وسائل التعبير عليها كانت مشروعة وتعبر عن حالة من اللارضى، التي يعيشها الشارع الجزائري والذي قسم ظهره غلاء الأسعار، لتعرف الأمور الكثير من الانفراج، بعد أن أكد البيان الصادر عن المجلس الوزاري المشترك، الذي انعقد السبت الفارط، برئاسة الوزير الأول «أحمد أويحيى»، والذي أقر جملة من التدابير الاستعجالية الرامية إلى تخفيض أسعار المواد الغذائية الأساسية، والتي تقرر بموجبها تخفيض يصل إلى 41 بالمائة من أعباء سعر التكلفة وعليه أكد وزير التجارة «مصطفى بن بادة»، أنه مع نهاية الأسبوع، سيدخل الإجراء حيّز التنفيذ الفعلي وستكون الأسعار الجديدة عملية، بمختلف المحلات التجارية، حيث لن يزيد سعر الكيلوغرام الواحد من السكر عن 90 دينارا، بعد أن وصل خلال الأيام الفارطة إلى 120 دينار، أما سعر قارورة الزيت ذات سعة 5 لترات، فسيخفض إلى 600 دينار، بعد أن تجاوز سعر اللتر الواحد منها، من قبل 160 دينار، داعيا كل تجار الجملة والتجزئة إلى ضرورة احترام الأسعار الجديدة والتقيد بها، مؤكدا أنهم سيحصلون من المنتجين على صكوك تعوض الخسارة المحتملة و"تغطي الفرق في السعر"، كما سيحصل المنتجون على المقابل المالي"، الذي لن تتأخر الدولة في دفعه، ما دامت تتوفر على الإمكانيات المالية للتدخل، عندما يتعلق الأمر بحماية المستهلك من الالتهاب الاستثنائي للأسعار". وفي ضوء قرارات مجلس الوزراء الأخيرة فقد أخطر «بن بادة» مجمع «سيفتال» بعد أن لاحظ أعوان الرقابة وقمع الغش، عدم تقيد نقاط بيعه بالإجراءات المنصوص عليها والشكاوى التي تقدم بها باقي المتعاملين الاقتصاديين، الذين قالوا إنه يريد تضييق الخناق عليهم واحتكار السوق وحده..إجراءات بدأت تأتي بثمارها بعد التخفيضات التي لمسناها نهار أمس وأول أمس بالعديد من المحلات والتي تراوحت بالنسبة لمادة السكر بين 87 دينار 97 دينار للكيلوغرام الواحد. الزيت هو الآخر تراجعت أسعاره حيث تراوح سعر القارورة الواحدة من سعة خمس لترات بين 670 دينار و760 دينار، كما بيعت قارورة زيت من سعة 2 لتر ب 280 دينار، في انتظار أن تطبق الأسعار المعلن عنها ابتداء من نهار اليوم، كما سبق وأن أعلن وزير التجارة، الذي أكد في سياق آخر على تنصيب جهاز قانوني، لمراقبة الأسعار وضبطها حتى لا تبقى رهينة تقلبات السوق. التجار في الموعد..ويثمنون القرار لاقى قرار تخفيض سعر، مادتي السكر والزيت ترحيبا كبيرا عند الكثير من التجار، الذين تبادلنا أطراف الحديث معهم، فكما يؤكد الكثير منهم، أن ما عرفته البلاد من احتجاجات، خلف عندهم ذعرا كبيرا، خاصة وأن الشباب الطائش كان يهدم ويحطم كل ما تأتى عليه أيديهم، لا يفرق بين ملكية عمومية وملكية خاصة، فكما يقول السيد "عبد القادر" تاجر بحي "الكاليتوس" المحاذي لسوق باش جراح، الذي شهد احتجاجات عنيفة، "أنه وكل تجار المنطقة كانوا يتخوفون من تعرض محلاتهم للسرقة، كما حدث في بعض المناطق، لذا أغلقوا محلاتهم وفضلوا الانتظار حتى تهدأ الأمور، خاصة وأن بعض الأنباء، تؤكد أن بعض محلات الجملة تعرضت للسطو وحتى شاحنات الحليب لم تسلم من السطو، لذا كان لا بد من احتواء الوضع وامتصاص غضب الشارع، الذي لا يدفع ثمنه إلا المواطن وحدة، مقرا في ذات الوقت بشرعية المطالب، فغالبية السكان الذين يقتنون من عندي، طلقوا نهائيا قبل اليوم المادتين وقلة من كان يشتريها، لكن اليوم ومع انخفاض الأسعار، بدأت الحركية تعود إلى هاتين المادتين، اللتين زاد عليهما الطلب، أما «إبراهيم» تاجر بذات الحي، فهو الآخر ثمن القرار وأكد تراجع الأسعار والتزامه كباقي التجار بالأسعار الجديدة، ما دامت الدولة ستعوض المنتجين وهم بدررهم سيدفعون لنا فارق السعر، فالأسعار الجديدة رفعت الكثير عن كاهل المواطن الذين يبقى السواد الأعظم منه بسطاء دخلهم لا يسمح لهم باقتناء هذه المواد بهذه الأسعار المكلفة، رغم أنها أساسية، فخلال الأيام الماضية كثيرا ما كنت اضطر لبيع السكر بالرطل ونصف الرطل، لأنني ابن المنطقة وأعرف أحوالهم جيدا، آراء تجار المنظر الجميل بالقبة لم تصنع هي الأخرى الاستثناء، فالجميع رحب كثيرا بالقرار، الذي أسعد الكثير من العائلات التي لا تمكنها قدرتها الشرائية من تحمل المزيد من الأعباء، فالحاج «طاهر» يقول "ثلاثون سنة وأنا أمارس التجارة و لدي الكثير من الزبائن، لكن لم يحدث، طوال كل هذه المدة، أن قرأت الحسرة وقلة الحيلة في عيون الناس كما حدث هذه المرة، فالكل، حتى ممن كان يشترى من عندي 2 و3 كيلوغرامات، أصبح يكتفي برطل أو كيلوغرام واحد والأمر سيان بالنسبة للزيت، فمن كان لا يفكر إطلاقا في اقتناء لتر واحد، أصبح يفضلها في ظل الغلاء الفاحش، لكن اليوم الحمد لله، فالفرحة والبسمة عادت للوجوه، الواجمة التي أرهقتها الحياة و زادت الأسعار الفاحشة من همومها". في انتظار المزيد..ارتياح كبير لدى المواطنين أستقبل المواطن قرار التخفيضات في أسعار مادتي السكر والزيت التي أقرتها وزارة التجارة بكثير من الارتياح، الذي زاد أكثر بعد أن لمس نتائجه الأولى عمليا بالمحلات، خاصة وأن «الكثيرين كانوا متخوفين، من أن تبقى مجرد كلام للاستهلاك الإعلامي والتسويق السياسي»، ف«محمد» الذي اقتنى 2 كيلوغرام من السكر ب سعر95 دينار، أعرب عن ارتياحه فهو قبل اليوم كان يقتنى بالرطل فقط، لأنه لا يعقل أن يصل سعر مادة أساسية كالسكر إلى 120 دينار، في الوقت الذي كنا ننتظر فيه تخفيضات بمناسبة حلول العام الجديد، أما الحاجة "يمينة" التي انقطعت عن السكر منذ وصول سعره إلى 120 دينارا، و أقسمت ألا يدخل بيتها حتى تتراجع أسعاره، فقد عادت إلى اقتنائه بعد أن أصبح سعره في المتناول وخوفا من عودة ارتفاع أسعاره، فقد اقتنت 5 كيلوغرامات وحتى الزيت من حسن حظها كما تقول، أنها اقتنت قبل مدة قارورة من 5 لترات قبل ارتفاع أسعاره. «مولود» هو الآخر بعد أن ألزم زوجته باعتماد الزبدة في المطبخ عاد إلى اقتناء الزيت بعد تراجع أسعاره، حيث أن دفع 650 دينار من أجل قارورة 5 لترات، هو ثمن معقول مقارنة بالأسعار خلال الأيام الماضية. أسعار رغم تباينها من محل إلى آخر، في انتظار أن تضبط نهائيا، وتعمم التخفيضات على باقي المواد الاستهلاكية، لاقت استحسان المواطن ورضاه والأهم، أنه منذ الخميس الفارط، بدأت الأسعار في الانخفاض تدريجيا، فالسعر انخفض من 120 دينار إلى 100 دينار، ووصل أمس إلى 97 دينار، والأمر سيان بالنسبة لمادة الزيت، التي تراجعت أسعارها تدريجيا. تخفيضات رحب بها المواطن الذي لم يكن ينتظر أن يتم اتخاذها بعد تحطيم ممتلكات عمومية وخاصة، غياب خدماتها، سيكلفه الكثير من الخسائر، فالبعض تحطمت سياراتهم، وهم لا يزالون بصدد تسديد أقساطها إلى غاية اليوم، والبعض الآخر في غياب ثقافة التأمين، وجدوا أنفسهم بين عشية وضحاها مفلسين، بعد أن رفضت وكالات التأمين تعويضهم، لأن لا حق عندهم، لكن وكما يجمعون، ما فات قد مات والمهم أن تستوعب الجهات المعنية مزيدا من الدروس وأن تسارع إلى إقرار المزيد من التخفيضات، بباقي المواد الاستهلاكية الأخرى، خاصة أسعار الخضر، التي ارتفعت أسعارها هي الأخرى، والأهم أن تضمن هذه المكاسب وتحافظ على استقرار الأسعار وألا تبقى رهينة المضاربة والمضاربين، خاصة في المناسبات التي تثير جشع التجار.