السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته أما بعد: أريد أن أفضفض عن نفسي، عن سنين طويلة كنت فيها مجرد متفرج، أتفرج على حياتي وأمي تسيرها كما تشاء، فهي التي تحرك والدي، فلماذا لا تحركني أنا أيضا؟ اختارت لي كل شيء حتى أصدقائي وأنا في الجامعة، عاملتني كطفل تختار له ألعابه ومأكله ومشربه وأنا راض جدا لا أتضجر ولا أقول أي شيء، تخرجت وعملت في وظيفة بحثت لي هي عنها، وأنا واقف في مكاني أنتظر، فقد علمتني هي أن أنتظر حتى تختار لي هي كل شيء، وبالطبع اختارت لي أمي زوجتي فتاة في نفس شخصيتها قوية صارمة، وأنا منقاد تحت سيطرة امرأة ترهب كل الناس، وأخرى تفوقها شراسة وقوة، وبالتأكيد أصبحت دمية في يدها تحركها كما تشاء، كنت أشعر أنني مجرد آلة تنفذ كل ما تؤمر به في صمت، لكن كل ذلك تغير في لمحة بصر، والسبب يعود لزوجتي فقد رأيتها وسمعتها تتحدث مع أختها في الهاتف عني، وكانت تقول بما معناه أني كالخاتم الصغير في أصبعها، تفعل بي ما تشاء، وأنني غبي جدا، وكانت تضحك بمرح وهي تتكلم عني باستهزاء شديد وسخرية. وفي موضع آخر سمعتها بأذني تقول:"أنه ليس رجلا.. والو خير منو"، خرجت وأنا لا أرى أمامي إلا السواد، ذهبت إلى بيت والدتي فطلبت مني كعادتها أن أتشاجر مع جارنا، لأنه قذف بالأوساخ أكرمكم الله أمام بيتنا، وبدون أن أشعر صرخت رافضا لطلبها وخرجت وأنا أعرف أن الدهشة قد تملكتها، لأنّي أول مرة أعبر عن رأيي، رجعت إلي بيت الزوجية، فوجدت زوجتي تتأهب للخروج بملابس غير لا ئقة بامرأة متزوجة، فمنعتها، فرفضت أن تنصاع فصفعتها بقوة وكم كانت صدمتها كبيرة. أصبحت بعد ذلك شخصا جديدا، كرهت الرجل الذي تحركه النساء، أصبحت الرجل المحرك للمنزل، أحسست باحترامي لنفسي، ندمت لسنوات من عمري عشتها في خنوع ضائع، تائه بلا شخصية أو كرامة، كيف لأم أن تحطم حياة ابنها، أظنه الحب الأناني الذي يكسر الرجل ويجعله معزولا عن عالم الرجال وتصرفاتهم، مجرد دمية تتحرك ولا تفكّر، إنها السيطرة العقيمة التي تجعل الرجولة، تتراجع للوراء ويحل محلها إنسان باهت الملامح والفكر، لا يتقدم إلى الأمام أبدا، يعيش سعيدا وهو مكسور من الداخل لا يجد نفسه، فيتساءل بعد أن غاب عن دنيا الرجال، وأصبح رجلا في جسد فقط، بلا تصرفات بلا تفكير بدون أي شيء. نصيحتي لكل أم ألا تجعل بتربيتها العقيمة أبناءها ضعاف شخصية.. أحمد الله أنني كتبت وفضفضت قليلا، لأنني كنت سأموت من الشعور الذي يخالجني، وأحمد الله أنني لن أقضي حياتي وأنا بقايا رجل.