يهدف مشروع القانون العضوي الذي يحدد تنظيم المحكمة العليا و عملها و اختصاصها الذي سيعرض للمناقشة بالغرفة السفلى للبرلمان يوم الإثنين القادم للمناقشة إلى مساوقة تنظيم المحكمة العليا مع الإطار المؤسساتي للهيئات القضائية. ويسعى المشروع الذي عرضه وزير العدل حافظ الأختام السيد الطيب بلعيز يوم الاثنين الماضي أمام لجنة الشؤون القانونية والإدارية والحريات بالمجلس الشعبي الوطني إلى ضمان نطاق اختصاص المحكمة العليا وتوحيد الإجتهاد القضائي واحترام القانون عبر كامل الجهات القضائية التابعة لها. و ينص المشروع على أن المحكمة العليا هي محكمة قانون و تمارس رقابتها على الأوامر و الأحكام و القرارات التي تصدرها الجهات القضائية التابعة للنظام القضائي العادي من حيث تطبيقها السليم للقانون و احترام الأشكال و القواعد الإجرائية. كما يمكن للمحكمة العليا أن تكون استثناء محكمة موضوع في بعض الحالات المحددة قانونا. و تتشكل المحكمة العليا حسب هذا النص القانوني--من قضاة الحكم وقضاة النيابة العامة وأمانة الضبط كما أن لرئيسها الأول سلطات قضائية وإدارية يضمن بممارستها السير الحسن للمحكمة العليا و يتولى تنشيط و تنسيق و مراقبة أعمال مختلف المصالح بالهيئة. كما ينص على أن المحكمة العليا تفصل بتشكيلة جماعية من ثلاثة قضاة على الأقل و بقرارات تصدر عن إحدى غرفها أو الغرفة المختلطة أو الغرف المجتمعة و ذلك حسب حالات و أحكام محددة في المشروع. و بغرض تحسين و تسهيل أداء المحكمة العليا لمهامها ينص المشروع على دعمها بثلاثة أقسام إدارية كما ينص على ضمانات تعزيز استقلاليتها من خلال استقلالها المالي و الاستقلال في التسيير وإحداث ديوان على مستوى الرئاسة الأولى للمحكمة العليا يتولى إدارتها قاض. و وفق نفس النص فان الإعتمادات المالية للمحكمة العليا تسجل في ميزانية الدولة، و ينص القانون كذلك على أن مقر المحكمة يكون في الجزائر العاصمة وإنها تعمل على نشر قراراتها و كذا التعليقات و الأبحاث القانونية و القضائية كما تساهم في تكوين القضاة. و يقوم الرئيس الأول بتنشيط و تنسيق و مراقبة نشاط الغرف و أمانة الضبط و الأقسام و المصالح الإدارية بالمحكمة العليا كما يتولى تمثيل هذه الهيئة رسميا و رئاسة أي غرفة من غرفها عند الإقتضاء و رئاسة كل الغرف. و تتشكل المحكمة العليا من 7 غرف هي المدنية والعقارية و شؤون الأسرة و المواريث و الغرفة التجارية و البحرية و الغرفة الاجتماعية و الجنائية و غرفة الجنح و المخالفات تتشكل كل منها من 3 قضاة على الأقل. و يحدد المشروع بالتفصيل تشكيل الغرف و طريقة عملها و علاقتها ببعضها البعض. و حسب نفس النص يمثل النيابة العامة لدى المحكمة العليا نائب عام يقوم بتقديم الطلبات و الالتماسات أمام الغرف و يقوم عند الاقتضاء بالطعن لصالح القانون. يتشكل مكتب المحكمة العليا من النائب العام و النائب العام المساعد و رؤساء الغرف و عميد رؤساء الأقسام و عميد المستشارين و عميد المحامين العامين و يتولى إعداد النظام الداخلي للمحكمة العليا و إثارة حالات تعارض الاجتهاد القضائي و السهر على توحيد المصطلحات القانونية إلى جانب مهام أخرى. أما الجمعية العامة فيرأسها الرئيس الأول و تتولى دراسة المسائل المتعلقة بعمل المحكمة العليا و تقديم الاقتراحات بشأنها و إبداء الرأي حول مشروع النظام الداخلي للمحكمة العليا و انتخاب ممثلها بالمجلس الدستوري. و للإشارة فان مجلس الوزراء في اجتماعه يوم 3 فيفري الماضي قد تناول بالدراسة والموافقة على مشروع قانون عضوي يحدد تنظيم المحكمة العليا وسيرها وصلاحياتها. و يكمن الغرض المتوخى من هذا النص حسب ما جاء في بيان مجلس الوزراء في تيسير تنفيذ الأحكام الدستورية التي تنص على انه يتم تحديد تنظيم المحكمة العليا وسيرها وصلاحياتها بمقتضى قانون عضوي. ويأتي مشروع هذا القانون العضوي ليقنن ممارسة يسري العمل بها منذ أن اعتمد في الجزائر نظامان قضائيان أولها ذو طابع عادي تختص به المحكمة العليا وثانيهما ذو طابع إداري يختص به مجلس الدولة، و يجدر التذكير بأن رئيس الجمهورية رئيس المجلس الأعلى للقضاء حرص في إطار إصلاح المنظومة القضائية الجاري منذ عقد من الزمن على تأمين كافة الشروط و الوسائل للمحكمة العليا وللقضاة المستشارين حتى يؤدوا مهامهم على أحسن وجه وهذا مراعاة لجلال المهمة التي يتولونها. من جهتها اتخذت المحكمة العليا عدة إجراءات رافقت عمليات مراجعة قوانين الإجراءات القضائية وقلصت بصفة ملموسة من آجال نطقها بقراراتها.