السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته أما بعد: أمي نور أنا فتاة كنت لاهية عابثة، لكن الله ألهمني سداد الرأي والتوبة عما كنت أقترفه من معاصي أو ذنوب صغيرة إن صح التعبير، ومنذ بزوغ توبتي أضاءت الأنوار الحمراء بمنزلنا، فنحن سبع بنات ثلاثة متزوجات، لا أفخر مطلقا أنهن أخواتي، لأنهن جعلن البيت وكرا للشيطان، موسيقى طوال اليوم حتى في رمضان، بيتنا لا يكاد يذكر فيه الله، وليت أن الحد وقف هنا، بل لم يتركنني وشأني، فأنا تحت المجهر دائما كل أخطائي وإن كانت صغيرة لا تُغتفر، بل وتنشر عند أخواتي المتزوجات ويشتمنني، حتى أضحيت لا أرد على اتصالاتهن، إذا جاءني خبر سار الكل يحزن والسكون يسود بيتنا، أما إن حزنت فيكدن يسقطن من الفرح والنشوة والنكت الزائدة عن الحد، مزحي معهن غير مقبول ويُفسر على غير الوجه الذي أردت، واحدة منهن غاضبة مني منذ سنة بدون سبب، والثانية قاطعتني لأنّي طلبت منها أن تصلي كيف لا ونحن في شهر الغفران، والثالثة لا تتكلم معي إلا شرا، أما الرابعة فذات أقنعة لا تُعد، أمامي بشكل وخلفي بأشكال، إن حدث لواحدة منهن شيء اجتمعن وتكاتفن مع بعضهن، أما إن كنت أنا فلا حياة لمن تنادي. إن كانت والدتي راضية عنّي بذلوا ما في جعبتهن من أذى ونميمة لإسخاطها عليّ، حتى أني مراقبة في كل تحركاتي وأشيائي الخاصة أصبحت أضعها في علبة كبيرة أغلقها بالمفتاح الذي مللت من تخبئته هنا وهناك، حتى صديقات الطيبات حين يهاتفنني على الهاتف الثابت ويطلبنني، أخواتي لا يُنادوني بل مباشرة يجبنهن أني مشغولة أو بعيدة. أمي نور لقد تخرجت من الجامعة منذ سنتين، فأصبحت خادمة بلا راتب، فالبيت كبير وكلهن لا يفارقن التلفاز، أنا التي أقوم بكل الأعمال، رغم أنه لدينا جدول يشمل أشغال المنزل واسم كل واحدة أمامه، فإذا عاد والدي للمنزل غيّرن التلفاز إلى قناة قرآنية وكأن شيئا لم يكن، أجزم أن ما أنا فيه هو الحقد بأم عينه، بدليل أنه لا يقر لهم قرار حتى يرونني حزينة منطوية على نفسي من شدة حزني. فصلاتي أبدا لا تخلوا من الدعاء لهن بالهداية. حتى وقت النوم، لا يدعوني أنام مطلقا من شدة الضجيج المتعمد، كما أنهن يتساندن و يتشاورن وحدهن وإذا حضرت سكتن، أعيش بغربة أشد ما تكون غربة طعمها مرّ، فهل من عزاء وسلوى أمي نور. سمية/ جيجل الرد: عزيزتي؛ إنها قصة مؤلمة لفتاة تقية طاهرة عفيفة رغبت فيما عند الله فهنيئا لك أيتها الفاضلة. أبدأ من حيث أنهيت الرسالة "أعيش بغربة أشد ما تكون غربة طعمها مر"، إنها غربة روحية غربة تفكير وأسلوب حياة وتصورات واهتمامات فالقابض على دينه والتزامه كالقابض على الجمر، لذلك لابد لك من الصبر والحلم وأخذ الأمور بهدوء وترو، خاصة إذا كان الأمر مع أقرب الناس. عزيزتي، والدك فيه خير والدليل أن أخواتك يحسبن له حسابا، وأمك أيضا يبدو أنّها من أهل الخير، لذلك يجب أن تحسني علاقتك معهما كما أمر الله، وبالتالي فإنّ أبويك سيجدان الفرق الكبير بين حياتك وحياة أخواتك، فتصبحين عندهما المفضّلة وهذا سيقوي وضعك في البيت، كما يجب أن تعاملي أخواتك بلين ورفق ونوعي في أسلوب الحديث معهن واستعيني بالله ثم بأبويك، فالنصيحة من أجل اتباع سواء السبيل تحتاج إلى زاد من الإيمان والصبر وإلى خلق رفيع، لذلك أقول لك توكلي على الله واصبري وصابري وأجرك على الله وسيجعل الله لك مخرجا سواء بهداية أخواتك، أو بوقوف أبويك معك أو بأن يرزقك الله رجلا صالحا تؤسسين معه أسرة طيبة، فعليك بالدعاء والانكسار والخضوع لله تعالى، ولكن لا تستعجلي ولا تقنطي ولا تضعفي. وفقك الله إلى الحق وسواء السبيل وحسن التصرف خاصة ونحن في هذه الأيام المباركة. ردت نور