قالت مصادر عسكرية من فرنسا والنيجر لرويترز يوم الثلاثاء أن عشرات من العربات العسكرية الليبية عبرت الحدود الصحراوية إلى النيجر فيما قد يكون اتفاقا سريا تفاوض عليه الزعيم الليبي المخلوع معمر القذافي للجوء إلى دولة إفريقية صديقة. وقال المعارضون الليبيون الذين أطاحوا بالقذافي قبل أسبوعين أنهم يعتقدون أيضا أن 12 عربة أخرى عبرت الحدود النائية وكانت تحمل ذهبا ونقودا نهبت على ما يبدو من فرع للبنك المركزي الليبي في سرت مسقط رأس القذافي، وذكرت المصادر العسكرية أن جيش النيجر رافق قافلة مكونة من 200 إلى 250 عربة إلى مدينة أجاديز الشمالية. وقال مصدر عسكري فرنسي أن القذافي قد يلحق بالقافلة في طريقها إلى بوركينا فاسو المجاورة التي كانت قد عرضت منحه اللجوء. والنيجر مستعمرة فرنسية سابقة ودولة فقيرة لا تشرف على بحار تقع جنوبي ليبيا. ونفت كل من فرنسا والنيجر وبوركينا فاسو وكذلك المجلس الوطني الإنتقالي وحلف شمالي الإطلسي أي معلومات عن مكان القذافي أو عن أي صفقة للسماح له بالسفر للخارج أو الفرار من المحكمة الجنائية الدولية أو الليبيين الذين يريدون محاكمته وقال برنار فاليرو المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية أن اختيار المحكمة الذي سيمثل أمامها القذافي متروك لليبيين لكنه لن يسمح له بالفرار في هدوء. وأضاف يجب أن يقدم للعدالة بسبب الجرائم التي إرتكبها خلال الإثنين وأربعين عاما الماضية. ونقلت قناة العربية الفضائية عن وزير خارجية النيجر بازومي محمد قوله أن القذافي لم يكن في القافلة التي وصلت في وقت متأخر يوم الإثنين، وقال مساعد للرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ليست لدينا معلومات محددة تشير إلى أن القذافي موجود هناك، لكن هذه التعليقات لا تتعارض مع تصريحات لمصدر عسكري فرنسي قال فيها أن القذافي (69 عاما) وإبنه سيف الإسلام قد يلحقا بالقافلة في وقت لاحق في طريقهما لبوركينا فاسو. ولعبت فرنسا دورا قياديا في الحرب ضد القذافي ويرجح أن الحلفاء الغربيين يستطيعون رصد القافلة الكبيرة في المنطقة الصحراوية، لكن عداني إيلو سفير النيجر في الأممالمتحدة بجنيف قال لرويترز أن مراقبة آلاف الأميال في الصحراء تظل صعبة، وأضاف منطقة الصحراء شاسعة والحدود مضطربة إذا عبر ركب من 200 إلى 250 عربة فإن الأمر أشبه بنقطة في بحر. وأذيعت للقذافي رسائل مسجلة أعلن فيها التحدي منذ أن أجبر على الإختباء قبل أسبوعين. وتعهد في وقت سابق بأنه سيقاتل حتى الموت على أرض ليبيا لكن صداقات قديمة تربطه بدول إفريقية فقيرة تقع جنوب ليبيا وكان يتقاسم معها جزءا من ثروة ليبيا النفطية. وقالت المصادر أن القافلة التي ربما تضم ضباطا من وحدات عسكرية مقرها في جنوب ليبيا قد تكون دخلت عبر الجزائر وليس عبر حدود ليبيا مع النيجر مباشرة. ووصلت القافلة ليل الإثنين قرب مدينة أجاديز، واستقبلت الجزائر الأسبوع الماضي زوجة القذافي وإبنته وإثنين من أبنائه مما أثار غضب المعارضة المسلحة التي تحكم ليبيا حاليا. وقال موسى إبراهيم المتحدث الهارب باسم القذافي يوم الإثنين أن العقيد الليبي في صحة جيدة ومعنوياته عالية وأنه موجود في ليبيا. وقال في تصريحات أذيعت عبر التلفزيون هو موجود بخير وبصحة جيدة وفي مكان ما لن يصل إليه هؤلاء الشراذم وهو موجود في ليبيا. وتقوم الطائرات الحربية وطائرات الإستطلاع التابعة لحلف شمال الأطلسي بتمشيط الصحراء الليبية منذ شهور مما يزيد من احتمال أن أي قافلة بهذا الحجم سترصد لكن متحدثا باسم الحلف قال أنه لا يلاحق القذافي وأن التفويض الذي منحته له الأممالمتحدة لا يعني سوى منع قوات القذافي من مهاجمة المدنيين. وقال الكولونيل رولاند لافوا في بيان مهمتنا هي حماية المدنيين في ليبيا وليس تعقب واستهداف الآلاف من القياديين الفارين للنظام السابق والمرتزقة والقادة العسكريين السابقين والنازحين، ويقول بدو الطوارق الذين يسكنون الصحراء عبر الحدود أن من بين من يفرون من ليبيا العديد من الأفارقة السود بعضهم ربما كان مقاتلا في قوات القذافي ويخشى معظمهم غضب وانتقام أعداء القذافي. وكان قادة عسكريون في المجلس الوطني الإنتقالي قد قالوا الأسبوع الماضي أن القذافي وسيف الإسلام موجودان في بلدة بني وليد الواقعة على مسافة 150 كيلومترا جنوبيطرابلس. لكن يبدو أن هذا الظن قد تبدد هذا الأسبوع بعد أيام من حصار البلدة، وقال مسؤولون في المجلس أن سيف الإسلام ربما فر جنوبا في الصحراء تجاه معقل القذافي الجنوبي في مدينة سبها وربما إلى النيجر. وتفصل 1300 كيلومتر من الرمال بين سبها وأجاديز ثم يمتد طريق بطول 750 كيلومترا إلى مدينة نيامي عاصمة النيجر، وتقع واجادوجو عاصمة بوركينا فاسو على بعد 400 كيلومتر أخرى شرقي نيامي. وفي مؤشر على أن الشخصيات الرئيسية لم تعد موجودة في بني وليد بعد مفاوضات متقطعة مع وجهاء القبائل قال مفاوضون تابعون للمجلس أنه مازال يأمل في تسليم المدينة بشكل سلمي لتجنب مزيد من إراقة الدماء، وحصل قادة قبليون على ضمانات من أنه لن تكون هناك أي عمليات إنتقامية ضد أنصار القذافي. وظهرت إشارة على أول قتال عنيف منذ أيام بالقرب من سرت وهي مسقط رأس القذافي وتطل على البحر المتوسط وذكر مقاتلون أن تبادلا لنيران القذائف والصواريخ وقع إلى الشرق من المدينة، وذكر متحدث باسم المجلس أن النقود والذهب الذي يعتقد المجلس أنها وصلت النيجر سرقت من فرع البنك المركزي في سرت. وأضاف فتحي باجا المسؤول في المجلس لرويترز أن عشر عربات تحمل ذهبا وعملات ورقية من الدولار واليورو عبرت في وقت متأخر يوم الإثنين من الجفرة إلى النيجر بمساعدة الطوارق. ولم يتضح ما إذا كانت العربات منفصلة عن الموكب العسكري الكبير الذي قالت مصادر أجنبية أنه عبر الحدود، وقال مسؤولان في النيجر في وقت سابق أن قائد كتائب القذافي الأمنية منصور ضو عبر الحدود إلى النيجر مع عشرة ليبيين آخرين يوم الأحد. وقال المصدر العسكري الفرنسي أنه قيل له أن قائد القوات الجنوبية الليبية اللواء على خانا ربما يكون أيضا في النيجر غير بعيد من الحدود الليبية، وأضاف المصدر قوله أنه علم أن القذافي وإبنه سيف يلحقان بخانا وينضمون إلى القافلة إذا قرروا قبول عرض بوركينا فاسو منحهم اللجوء. وكانت بوركينا فاسو وهي متلق سابق لمعونات ليبية ضخمة قد عرضت على القذافي اللجوء قبل نحو أسبوعين لكنها إعترفت أيضا بالمجلس الوطني الإنتقالي المعارض الذي أطاح به، وقال جبريل باسول وزير خارجية بوركينا فاسو أن القذافي يمكنه العيش في المنفى في بوركينا فاسو مع أن هذا البلد من الموقعين على معاهدة المحكمة الجنائية الدولية، واستولى بليز كومباوري على السلطة في بوركينا فاسو بعد انقلاب عسكري ويقود البلاد منذ 24 عاما.