تحل اليوم الخميس الذكرى ال 69 لانعقاد مؤتمر باندونغ،هذا الحدث التاريخي المهم الذي ساهم في تسريع مسار تصفية الاستعمار في عدة دول إفريقية، على غرار الجزائر التي تمكنت بفضل نجاح دبلوماسيتها الناشئة آنذاك أن تنتزع استقلالها، لتواصل بنفس روح نوفمبر النضال لنصرة قضايا التحرر العادلة في العالم على غرار القضيتين الفلسطينية و الصحراء الغربية. وعقد المؤتمر الأفرو- آسيوي في مدينة باندونغ، بأندونيسيا،خلال الفترة من 18 إلى 24 أبريل عام 1955، بمشاركة قرابة 600 منتدب،إلى جانب رؤساء ورؤساء حكومات ل29 دولة آسيوية وإفريقية،من أبرزهم الرئيس الاندونيسي أحمد سوكارنو،ورئيس الوزراء الهندي جواهر لال نهرو،والرئيس المصري جمال عبد الناصر الذين رافعوا من أجل تأييد المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان وحق تقرير المصير وشجب التمييز العنصري وإدانة الاستعمار ووجوب التخلص منه. وقد شاركت الجزائر في المؤتمر، كعضو ملاحظ، وذلك بعد سنة فقط من اندلاع ثورة التحرير الوطني المظفرة، في الفاتح نوفمبر 1954، بوفد من الرعيل الأول من أبناء جيل نوفمبر،من بينهم حسين آيت أحمد وأمحمد يزيد وسعد دحلب والطيب بولحروف،الذين استطاعوا بفضل التزامهم الثوري كسب التأييد الدولي لقضيتهم العادلة. كما شكل مؤتمر باندونغ تحولا أساسيا في تاريخ الدبلوماسية الجزائرية و القضية الوطنية على حد سواء، حيث أصدر قرارا ينص على حق الشعب الجزائري في تقرير المصير و الاستقلال. هذا وانتهى المؤتمر بإصدار لائحة تدعو الجمعية العامة للأمم المتحدة، إلى إدراج القضية الجزائرية في جدول أعمال الدورة العاشرة العادية للجمعية، وهو ما اعتبر أول انتصار دبلوماسي مدوي تحققه الثورة. وسرعان ما أتى مؤتمر باندونغ أكله، إذ تم قبول عضوية ست دول آسيوية وافريقية في الاممالمتحدة في ديسمبر من نفس السنة بينما انضمت ست دول أخرى ما بين 1956 و 1957. وخلال السنوات العشر التي تلت المؤتمر، انتزعت 31 دولة افريقية استقلالها من بينها الجزائر. ومن الجوانب المهمة لمؤتمر باندونغ،أنه أسهم في إرساء أسس وأشكال من التعاون، مثل حركة عدم الانحياز التي تأسست بعد 6 سنوات، والتي تعد الجزائر من الأعضاء المؤسسين لها وهي لم تكن قد استرجعت بعد سيادتها، حيث شاركت في المؤتمر التأسيسي الذي انعقد في بلغراد بيوغسلافيا في الفترة ما بين 1 إلى 6 سبتمبر 1961، و حصدت خلاله الحكومة الجزائرية المؤقتة آنذاك الاعتراف الرسمي من قبل المشاركين الذين طالبوا باستقلال الجزائر و بوحدتها الترابية. وعن "روح" باندونغ،صرح المجاهد و الدبلوماسي السابق نور الدين جودي أن المؤتمر كان حدثا "هاما" و نقطة تحول "حاسمة" في العلاقات بين العالم الثالث و القوى العظمى،مؤكدا أنه سمح لدبلوماسية الحرب التي بادرت بها جبهة التحرير الوطني بإيجاد مجال أول للعمل من اجل تحسيس الرأي العام الدولي بالقضية الوطنية. وبمناسبة إحياء الذكرى ال69 لباندونغ،أكد جودي أن المؤتمر "كان بالتأكيد حدثا مهما و نقطة تحول حاسمة في العلاقات بين دول العالم الثالث و القوى العظمى خصوصا القوى الاستعمارية و الامبريالية"،مشيرا إلى أنه بالنسبة للجزائر، كان للمؤتمر أهمية "خاصة" سيما بعد أن وجهت لها الدعوة لحضور المؤتمر في سنة 1955 أي بعد ستة أشهر من اندلاع الكفاح المسلح في الفاتح نوفمبر 1954.