لا تزال شجرة زيتون "القديس أوغستين" تحتل ومنذ أجيال عديدة مكانة هامة في قلوب وذاكرة سكان سوق أهراس وحتى لأناس من وراء البحار. هي الشجرة، التي تم اكتشافها من طرف بعثات فرنسية العام 1843 وتمثل اليوم عنوانا لهبة الله خاصة وأنه على الرغم من عدم رعايتها و زبرها، إلا أنها دائمة الإخضرار والنمو. و فضلا عن ذلك، فإن هذه الشجرة، التي تعتبر رمزا للسلام والوئام ولطول العمر والأمل والوفاء تمثل فعلا رمزا لسوق أهراس وروح هذه المدينة التاريخية، التي أعطت الكثير للحضارة البشرية. و منحت هذه المدينة، التي تعايشت فيها الأديان البشرية بأكملها أبرز أبنائها مثل "أبوليوس المادوري" والأكثر كاثوليكية "سانطا مونيكا" وابنها العبقري الفيلسوف الكبير "أوغستين" والحكيم "أليبيوس" وصولا إلى "كاتب ياسين"، "مصطفى كاتب"، "سيدي مسعود"، "شهاب الدين التيفاشي" إلى الشهيد "باجي مختار". وحسب بعض الروايات، فإن أوغستين، ابن سوق أهراس، كان يجلس تحت هذه الشجرة لأوقات طويلة، للتعبد، التأمل وكتابة مذكراته ومؤلفاته حيث بقيت هذه الزيتونة رمزا لهذا الفيلسوف وهو ما تؤكده وفود باحثين ومؤرخين ومهتمين بحياة هذه الشخصية ما فتئوا يتوافدون على هذا الموقع. دعوة لإجراء دراسة لتحديد عمر الشجرة وتصنيفها وحسب مديرالمواقع الأثرية، فإنه لا يمضي يوما واحدا دون أن تظهر مواضيع وكتابات حول هذا القديس عبر وسائل الإعلام والإصدارات الجديدة، داعيا بالمناسبة إلى إجراء دراسة "دوندروكرونولوجية"، لتحديد عمر هذه الشجرة وذلك لدحض وتفادي كل المغالطات حول تاريخ هذه الزيتونة، التي ترى بعض الدراسات أن عمرها يصل إلى حوالي 900 2 سنة. واستنادا لذات المصدر، فإن هذه الشجرة كانت العام 2005 محل عملية إعادة تأهيل واسعة، بالتنسيق مع بلدية "أوستي"، بإيطاليا، أين دفنت والدة "سانت أوغسان" "مونيكا"، شملت تهيئة محيطها وإنجاز متحف صغير يضم ألواحا للقديس وعائلته ورفاقه جسدها بتقنية معمارية جذابة فريق من المختصين في المجال .و ضرورة تصنيف هذه الزيتونة كمعلم وتراث وطني مثل شجرة "الدردار" للأمير عبد القادر، بمعسكر، ودول أخرى صنفت أشجارا لها ضمن تراثها الثقافي على غرار أمريكا واليابان. وأوضح أحد أعضاء نادي التفكير والمبادرة، بأن معظم الأفواج الأجنبية، التي تستقدم إلى هذا المعلم عادة ما تشرف عليها وكالات سياحية تونسية، داعيا إلى توجيه هذه البعثات السياحية نحو الجزائر دون العبور عن طريق وكالات تونسية خاصة وأن مدينة عنابة المجاورة، التي تضم "بازيليك سانت أوغستين" بها جميع المرافق المؤهلة، لاستقبال الوفود الزائرة ما يعطي دفعا ثمينا للنهوض بالقطاع السياحي. معلم سياحي بامتياز و استنادا لمصدر بمديرية السياحة فإن هذه الزيتونة تمثل "معلما سياحيا" تحج إليه سنويا عديد الوفود الأجنبية من مختلف الجنسيات الإيطالية والفرنسية والولايات المتحدةالأمريكية والبرتغال وحتى الأقدام السوداء. وأضاف ذات المصدر بأنه ومنذ انعقاد الملتقى الدولي حول حياة القديس أوغستين تحت الرعاية السامية لرئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة العام 2001، الذي تناول وعرف بسانت أوغستين كجزائري الجنسية وبربري الأصل والمنحدر من مدينة طاغاست، شرعت عديد الوكالات السياحية المختصة في السياحة الثقافية في جلب واستقدام السياح من خلال استغلال المنتوج السياحي الثقافي الخاص بهذه الشخصية حيث بلغ عددهم منذ جانفي 2011 إلى الآن حوالي 500 سائح. وخلال عدة عقود قبل وبعد الاستقلال، حسب بعض الروايات، كانت بعض الأمهات بسوق أهراس تدفن بزاوية سيدي مسعود وتحت زيتونة سانت أوغستن، الذي كان رجل دين كبير قاوم في حياته وبكل قوة الوثنية والأصنام "قلفة الختان" أي الجلدة الزائدة لذكور أبنائها إثر كل عملية ختان كما كن يدعين لكي يكون أبنائهن في مثل ذكاء أوغستين والأدهى من ذلك أن الأكثر مالا من بينهن كن يتبرعن بمواد غذائية في هذا الموقع حسب عديد الروايات . وكثيرا ما أرهقت جملة من التساؤلات أذهان السوقهراسيين تدور معظمها حول ما إذا كانت هذه الزيتونة تنتمي بالفعل إلى سانت أوغستين وهل غرسها بيديه ليحضر التاريخ ببصماته وحكمه القاطع في هذا المجال.فيما يرى البعض أن هذه الزيتونة كانت موجودة قبل مجئ أوغستين حيث ترعرع تحت أغصانها ما ولد حنينا بداخله تجاه هذه الشجرة التي أصبح يتعبد تحتها. .. و للزيتون نصيب ضمن الخماسي الجديد ومهما يكن من أمر، فإن شجرة الزيتون تمثل رمزا للخير و العطاء، لأن أغلب المزارات في المعتقد الشعبي عبارة عن أشجار زيتون على غرار "أم الشلايق" أي القطع الصغيرة من القماش، بمنطقة مزغيش، في سوق أهراس، حيث يعمد بعض الناس إلى تعليق تلك القطع، بعد أن يضمنوها آلامهم ومعاناتهم ودعواتهم ويأخذون بدلها الصحة والعافية وسداد الدعوات في حين أن هناك من يضع يديه على جذع شجرة الزيتون ويقدم الدعوات مشيرا إلى أن الجيش في زمن الإغريق والرومان يحملون الزيتون عند العودة بعد الانتصار كما كان يوضع إكليل من الزهور على رأس الفائز في المسابقات الذهبية يعوض بعدها بالذهب. وتبقى شجرة الزيتون تحمل دلالة النصر ورمزا للسلام ورمزا للأمم المتحدة وعنوانا حيا للرئيس الراحل ياسر عرفات، الذي قال في إحدى المناسبات "جئتكم أحمل بيدي غصن الزيتون وبيدي الأخرى ببندقية الثائر فلا تسقطوا غضن الزيتون من يدي". دون أن ننسى ذكر هذه النبتة في كتاب الله تعالى . ويبقى الاهتمام متواصلا بشجرة الزيتون حيث وبرسم المخطط الخماسي2010/2014 استفادت ولاية سوق أهراس ببرنامج يقضي بغراسة أزيد من 10 آلاف هكتار شرع في غراسة 1.700 هكتار منها هذه الأيام لا سيما عبر البلديات الحدودية.