تخضع نوادي كرة القدم الجزائرية لما اصطُلح عليه ب “قانون الاحتراف” للموسم الثاني على التوالي، غير أنه لا شيء يوحي بأن الساحرة المستديرة في بلادنا دخلت فعليا عالم الاحتراف، الذي يتطلب تبنّي استراتيجية محكمة تتماشى وحجم اللعبة الأكثر شعبية في العالم، وهو الأمر الذي تعكسه مواقع جل الأندية المحلية، التي أسست فعلا وقولا لمبدأ اسمه “البريكولاج”، ليتضح جليا بأن الكرة في بلادنا لاتزال تعيش زمن الركاكة بكل ما تحمله هذه الكلمة من معان، لاسيما إذا ما طرحنا هذه المواقع في حيّز المقارنة مع بعض مواقع الأندية الأوربية الكبيرة، وحتى العربية منها، التي استطاعت أن تخطو خطوة عملاقة في مجال يُعتبر نافذة للتواصل بين الأندية ومناصريها. يكفي الواحد منا أن يُبحر في عالم الشبكة العنكبوتية ويتصفح عيّنة من المواقع الخاصة ببعض الأندية الكروية في الجزائر، ليكتشف الواقع المر للعبة الأكثر شعبية في بلادنا، لاسيما أن تلك المواقع التي يُفترض أن تكون فضاء إعلاميا ينقل الصورة الحقيقية للنادي، ويكشف آخر أخباره ومستجداته في الساحة الكروية المحلية، تحولت إلى حاويات للمواد التاريخية الميتة والأخبار القديمة التي أكل الدهر عليها وشرب، لتجد نفسها بعيدة عن مواكبة آخر تكنولوجيات الإعلام في هذا المجال، في وقت أبدعت الأندية الأوربية وحتى العربية وتفننت في إعطاء لوحات إعلامية حية، تعكس مدى تطورها في عالم لا يعترف بتاتا إلا بالجاهزية الذهنية والمادية، فضلا عن القدرة على مواكبة أحدث التكنولوجيات التي تتيح للأندية الكروية ممارسة نشاطاتها في أحسن الظروف، وتمنح لمناصريها فرصة التواصل الدائم. موقع العميد لا يعكس حجم النادي العتيق مولودية الجزائر أو بالأحرى “عميد الأندية الجزائرية”، هذا النادي الذي اقترن اسمه بإنجازات كروية محلية وأخرى قارية، ارتأينا أن نغوص في موقعه الإلكتروني عبر الأنترنت، لنكشف عن أهم الأخبار التي يطرحها خدمة لمتصفّحيه؛ سواء كانوا من مناصري النادي أو من غيرهم ممن يمتلكون حب الفضول ومواكبة كل صغيرة وكبيرة عن الكرة في بلادنا، غير أن أهم ما لاحظناه في هذا الموقع الذي يصنَّف في خانة المواقع الكلاسيكية، أن الخدمات الإعلامية “الشحيحة”التي يقدمها لمتصفّحيه والتي تحتوي في غالبها على أخبار غير دقيقة، تستند إجمالا على ما تطرحه بعض الصحف المحلية بشكل يومي عبر صفحاتها الرياضية، وبالتالي فإن هذا الموقع لم يعكس بتاتا الصورة الحقيقية لعميد الأندية الجزائرية، الذي سيظل رقما صعبا في المعادلة الكروية الجزائرية. موقع النصرية خارج مجال التغطية في وقت تتجه المدرسة الكروية لفريق نصر حسين داي والتي أنجبت خيرة اللاعبين الجزائريين أمثال ماجر ومرزقان بخطى ثابتة نحو العودة إلى قسم المحترف الثاني بعد موسم واحد ضمن حظيرة الكبار، كان كارثيا بكل المقاييس، يتواجد، في المقابل، الموقع الرسمي للنادي في الوقت الراهن في عطلة لا يعرف سببها إلا القائمون عليه، ما يعكس الوضعية الصعبة التي يمر بها ذوو اللونين الأصفر والأحمر. فريق بحجم اتحاد الحراش يفتقد لموقع رسمي يمثّله والأمر المؤسف الذي وقفنا عليه من خلال جولتنا القصيرة على شبكة الأنترنت بحثا عن المواقع الرسمية التي تمثل الفرق الجزائرية، أن فريقا بحجم اتحاد الحراش والذي يُعد إحدى المدارس الكروية العتيقة التي أنجبت لاعبين كبارا صنعوا أمجاد عديد الفرق الجزائرية، لا يمتلك موقعا رسميا خاصا به يمثّل الكواسر ويُطلعهم على كل صغيرة وكبيرة تخص فريقهم المفضَّل، خصوصا أن النادي الأصفر والأسود له قاعدة جماهيرية كبيرة وشغوفة بحبها الكبير للنادي. اتحاد العاصمة قمة في الاحترافية ويصنع الاستثناء حتى في المواقع الإلكترونية دخل فريق اتحاد العاصمة عالم الاحتراف من بابه الواسع، واستطاع أن يواكب مسيّرو وإداريّو النادي العاصمي موجة الاحتراف بمفهومها الحقيقي في موسمها الثاني، وهذا ما يتجلى لنا في الموقع الرسمي لنادي سوسطارة زيادة على الامتيازات التي يتمتع بها الناي العاصمي مقارنة بباقي الفرق الجزائرية الأخرى، ما يعكس رغبة الرجل الأول في بيت الاتحاد علي حداد، في جعل فريق يُعطَى به المثل، وهو لغاية كتابة هذه الأسطر موفَّق في ذلك. الموقع الرسمي لفريق اتحاد العاصمة شعاره “ملتقى المسامعية”، والذي تعود نشأته بالضبط إلى سنة 2004، يمتاز عن باقي مواقع الفرق الأخرى من حيث نوعية الأخبار وكذا آنيتها؛ حيث لا يفوّت القائمون عليه الوقت كثيرا لإعلام أنصار ومحبي فريق الاتحاد بالأخبار الجديدة التي تخصّهم وفريقهم، وحتى من حيث الشكل فهو يحتوي صورا جديدة للاعبي الفريق، ولا تجد فيه أية صورة للاعب ترك الفريق، عكس بعض مواقع الفرق الأخرى. الفئات الصغرى لها نصيب من الاهتمام وزيادة على تناوله كل جديد يخص زملاء القائد لموشية من تدريبات وفيديوهات تخص مبارياتهم والترتيب العام للفريق وكذا البطاقات الفنية للمباريات الرسمية، فإن الموقع الرسمي لاتحاد العاصمة يولي اهتماما كبيرا بالفئات الشبانية للفريق ويراعي هذه الفئات، حيث ينشر الموقع أخبار شباب الاتحاد الهامة وحتى الاستدعاءات التي يتلقّاها لاعبو هذه الفئات من المنتخب الوطني تذكر أسماؤهم في الموقع. الرياضات الأخرى لها نصيب من الاهتمام النقطة الإيجابية الأخرى التي يمكن ذكرها في موقع أبناء سوسطارة هي أن الأخير يتطرق للرياضات الأخرى سواء الجماعية أو الفردية منها، والتي تمثل نادي اتحاد العاصمة كالجيدو والملاكمة، التي تستقطب بدورها جمهورا عريضا، لاسيما أن الاتحاد صنع أسماء بارزة في هذا النوع من الرياضات. وتتمحور جل مواضيع الموقع حول شؤون فريق كرة القدم عكس المواقع الرسمية لبعض الفرق العربية كالأهلي المصري واتحاد جدة السعودي، لكن بالنظر إلى ما هو موجود في الجزائر يمكن اعتبار موقع الاتحاد الأحسن على الإطلاق وبكل المقاييس. مواقع ركيكة لا تعكس حجم الفرق التي تمثلها حاولنا الإبحار في بعض المواقع الرسمية لباقي الفرق الوطنية من شرق البلاد إلى غربه مرورا بالوسط، لكننا صُدمنا بواقع مر لا يعكس تماما مصطلح “الاحتراف”، الذي أُطلق على البطولة الجزائرية، بل ولا يعكس حتى حجم وتاريخ الفرق التي تمثلها هذه المواقع، وبمجرد دخولك هذه المواقع يخيَّل لك أنك على موقع فريق هاو أو حديث النشأة لا تاريخ له على الساحة الكروية، وتجد صورا قديمة تعود للاعبين غادروا الفريق، والأكثر من هذا فلا تجد أخبارا تخص النادي، وإن وُجدت فهي بدورها قديمة لا جديد فيها. وما يميّز مواقع بعض الفرق الوطنية الكبرى، وهو أمر مؤسف، هو “الركاكة” في أسلوب الكتابة؛ حيث تطغى اللغة العامية في غالب الأحيان وتغيب الموضوعية في أحيان أخرى. أين نحن من موقع الأهلي المصري..؟! مقارنة مواقع أنديتنا الكروية بنظيراتها الأوربية والعربية ستضعنا أمام حتمية التساؤل عما إذا كان باستطاعة النوادي الجزائرية تجاوز الفترة الانتقالية التي دخلتها منذ ما يقارب حولين من الزمن، فنادٍ مثل الأهلي المصري إذا ما توغّلنا في موقعه الإلكتروني الرسمي حتما سنكتشف مدى الاحترافية التي بلغها هذا النادي، الذي يُعد من خيرة الأندية العربية والإفريقية على الإطلاق، كيف لا وموقعه الرسمي يشبه في تصميمه وشكله العام وحتى على صعيد أخباره النوعية الخاصة بكافة الرياضات ومن دون استثناء، كما أن متصفح هذا الموقع يستشعر وكأنه بصدد تصفّح موقع كروي أوروبي؛ نظرا للطريقة الاستثنائية التي انتهجها القائمون على هذا الموقع المصنَّف ضمن أحسن المواقع العربية. موقع برشلونة فرجةٌ.. متعةٌ وأخبارٌ قمةٌ في الإثارة من منا لا يهتم بآخر أخبار العملاق الكاتالوني “برشلونة”؟ ومن منا لا يعرف نجوم هذا النادي، التي تركت بصمتها في الساحة الكروية العالمية، وتمكنت بفضل إنجازاتها التاريخية من تنصيب أنفسها عمالقة كروية بامتياز. استوقفتنا مادتنا التي نحن بصدد إنجازها عند موقع أحد أقطاب الكرة في إسبانيا، أو بالأحرى”البارصا” كما يحلو لعشاق هذا النادي تسميته، فذهلنا للاحترافية التي يتعامل بها هذا الموقع في طرح أخباره؛ خدمةً لمتصفحيه، وأكثر شيء شد انتباهنا هو وجود نسخة عربية للموقع موجَّهة لعشاق النادي في البلدان العربية، وهو الأمر الذي يعكس مدى حرص القائمين عن الشؤون الكروية في نادي برشلونة، على توفير أحسن الخدمات وآخر المستجدات الخاصة بالفريق ونجومه، على غرار الأسطورة ليونيل ميسي، الذي أخذت صوره حيّزا كبيرا من مساحة الموقع. مواقع الأندية الجزائرية عنوان الركاكة الرياضية استشهادنا بموقع نادي برشلونة الإسباني ليس بهدف التشهير لهذا الموقع أو الإشادة به لمجرد الإشادة، وإنما لنضع مواقع أنديتنا الكروية في ميزان المقارنة مع موقع هذا النادي العملاق، الذي حقق الاستثناء، ولنثبت قطعا أن الاحتراف قبل أن يكون كلاما مستهلَكا يُطرح على الورق ولا يطبَّق على أرض الواقع، هو قبل كل هذا ذهنيات راقية وأفكار مدروسة بشكل دقيق تشمل كافة الجوانب المتعلقة بالنادي في حد ذاته، ومنها المواقع الرياضية التي ساء حالها في الجزائر، وأثبتت هي الأخرى أنها حلقة من مسلسل اسمه “الركاكة الرياضية في الجزائر حتى مواقع الأندية الخليجية فاقتنا في نوعية الخدمات، ربما يلومنا البعض أننا بالغنا حينما قارنّا مواقع أنديتنا بالمواقع الأوربية الشهيرة، على غرار موقع نادي برشلونة الإسباني، ولذا قررنا تغيير الوجهة هذا المرة نحو مواقع أندية أبناء جلدتنا، وبالضبط الخليجية منها، فكانت لنا إطلالة على موقع نادي الهلال السعودي، الذي لم يختلف في تصميمه العام كثيرا مع المواقع الأوربية، حيث اشتمل في طرحه لخدماته لزواره ومتصفحيه على أخبار متنوعة تخص أهم مستجدات الفريق ونجومه، فضلا عن أنه يتميز بالتعريف بلاعبي الفريق، وهو الشيء ذاته الذي لاحظناه أيضا في العديد من المواقع الأوربية، وهو الأمر الذي تفتقده جل مواقع الأندية الجزائرية، التي صبت جل اهتمامها على بعض الأخبار الميتة. الرداءة تخلّف العزوف الرداءة التي تشهدها مواقع الأندية الجزائرية خلّفت عزوفا كبيرا من قبل أنصارها ومحبيها، وجعلتهم يغيّرون الوجهة نحو مصادر أخرى، يتتبعون من خلالها آخر المستجدات التي تتعلق بأنديتهم، وبالتالي فإن تلك المواقع أصبحت اليوم وأكثر من أي وقت آخر، مطالَبة بتحسين نوعية خدماته الإلكترونية؛ خدمة للمناصر الجزائري الذي يتنفس كرة القدم ويعشقها حد النخاع، وهو الأمر ذاته الذي يملي على القائمين على شؤون الأندية، أن يدرجوا هذه النقطة ضمن العوامل التي تساهم في تطوير الكرة أولا، ومن ثم الدفع بعجلة الاحتراف نحو الأمام.