فاجأ النائب البرلماني السابق عيسى منادي أمس، المتتبعين لفصول الأزمة التي يشهدها مجمع الحديد والصلب بالحجار منذ أسابيع، بمحاولة انتحاره حرقا وسط دهشة وذهول المئات من أنصاره الذين تجمعوا منذ الصبيحة أمام البوابة الرئيسية لإدارة أرسيلور ميتال عنابة. خرجة «الحاج» عيسى منادي جاءت احتجاجا على الحكم القضائي الاستعجالي الصادر عن محكمة الحجار في ساعة متأخرة من أمسية الأحد، بخصوص إخلاء كافة الأماكن العامة للعمال وعدم التعدي على حرية العمل عقب الدعوى التي حركتها المديرية العامة لمركب الحجار نهاية الأسبوع المنصرم، إثر تجدد الاشتباكات العنيفة بين جماعتي عيسى منادي وغريمه النائب الحالي إسماعيل قوادرية. ونقل مصدر عليم ل»السلام» أنّ الرئيس السابق لاتحاد عنابة قاد أتباعه للتعبير عن رفض الحكم الاستعجالي الذي أيد الإدارة، واصفا إياه «بالأمر الغريب الذي يمس بالحرية النقابية ويخرق قانون العمل الذي يكفل صراحة حرية النشاط النقابي»، ثم ألقى خطابا مشحونا دعا فيه أنصاره إلى مواصلة النضال النقابي المشروع وعدم الإكتراث بتهديدات الإدارة، ردا على قرار فصل 18 عاملا من رؤوس الحركة النقابية من مناصبهم بأرسيلور ميتال، بعدما وجه لهم مدير الموارد البشرية الفرنسي فريديريك بايل تهم إثارة الشغب والإخلال بالنظام العام وزعزعة استقرار المؤسسة. في غضون ذلك، شن الأنصار الغاضبون هجوما عنيفا على أعوان الأمن الداخلي واقتحموا البوابة الرئيسة للمجمع تنديدا بالحكم القضائي المؤيد لتعليمات الإدارة. وأعلن 18 عاملا مفصولا دخولهم في إضراب عن الطعام إلى حين إلغاء قرارات التوقيف الصادرة في حقهم، فيما حمل النائب المنتهية عهدته بالمجلس الشعبي الوطني دلوا يحوي نحو 8 ليترات من مادة البنزين وهدد بحرق نفسه ما لم تتدخل السلطات حسبه ل»رفع الغبن عن الطبقة الشغيلة» واسترجاع المركب من أيادي من سماهم «الغرباء» الذين نهبوا – بحسبه - الممتلكات وخربوا اقتصاد البلد، على حد قوله. لكن مئات الأنصار التفوا حوله وسحبوا منه دلو البنزين، ما جعله يدعم إضراب المحتجين عن الطعام بإعلانه التضامن مع المفصولين عبر الدخول في الإضراب، محملا المديرية العامة وجماعة إسماعيل قوادرية مسؤولية ما ينجر عن ذلك. وأكثر ما لفت الانتباه أيضا هي تلك اللافتات التي حملها منادي وأتباعه وتضمنت شعارات مستوحاة من ثورات الربيع العربي تقول «باي ..ارحل»، في سياق القبضة الحديدية بين تيار منادي عيسى ومسؤول الموارد البشرية في المجمع الفرنسي فريديريك بايل الذي اتهمه الأمين العام السابق لنقابة المؤسسة ب «التورط رفقة عدد من المسؤولين الأجانب في ملفات فساد». ورفضت المديرية العامة التواصل مع صحافيين على خلفية تعليمة داخلية أصدرها المدير العام الفرانكو-أمريكي «جو كازادي» قضت بمنع التصريح لوسائل الإعلام، وتسبب هذا الوضع في تضارب الأنباء التي يتناقلها طرفا الصراع على «السلطة النقابية». إلى ذلك، علّق الوافد الجديد إلى مبنى زيغود يوسف إسماعيل قوادرية الفاعل في أزمة عملاق الحديد والصلب، قائلا «إنّ شطحات عيسى منادي لم تعد غريبة علينا، وهي عموما تصرفات مشينة ضربت بسمعة النضال النقابي في الصميم» وتابع قوادرية ل»السلام»: «تعليمات الإدارة وحكم القضاء كافيان للتأكيد على صحة مواقفنا، فلطالما نددت شخصيا بالاعتداءات المتكررة لجماعة منادي على العمال وحذرت من زرع الفوضى وضرب استقرار المؤسسة». وواضح أن انفراج أزمة أرسيلور ميتال لن يكون قريبا بعد فشل مساعي الصلح قبل يومين بين الإدارة وجناح منادي.