يسعى منتجو النحل بغرداية لاقتحام الاسواق الخارجية، ويراهن هؤلاء على المنتدى المتوسطي السادس لتربية النحل المزمع تنظيمه بغرداية في الفترة ما بين 26 إلى 30 نوفمبر المقبل، لترويج منتجاتهم واستعادة مكانة المهنيين الجزائريين في الأسواق الدولية. وذكر «محمود لكحل» رئيس الاتحادية الجزائرية لتربية النحل، إنّ غرداية التي تمتلك عدة أنواع من العسل الرفيع كعسل السدرة والهضاب العليا، مرشحة بقوة لاكتساح عدة أسواق، خصوصا إذا ما توفرت إمكانات وجرى تكثيف التنسيق بين التعاونيات وتأسيس تنظيمات تفعّل النحالين، فضلا عن إعطاء الأفضلية لتسويق العسل المحلي. وتستوعب حرفة النحالة الآلاف بعاصمة ميزاب، حيث يتخذها كثيرون مصدرا للعيش، وهم يغطون لوحدهم 60% من احتياجات السوق الوطنية، ويقول نعيم وهو أحد النحالين الخواص: «أمارس حرفة النحالة بدافع من الحب الشديد، ولا أجد راحتي إلا عندما أغدو جيئة وذهابا بين صناديق النحل»، ويضيف محمد (62 عاما) رئيس جمعية لمربي النحل، أنّ مدينته محظوظة بحكم احتوائها على غطاء غابي كثيف، إلى جانب ملائمة المناخ السائد في الجزائر لممارسة هذا النشاط. من جهته، يركّز سعيد (35 عاما) على أهمية وجود مصانع للشمع، ما يعدّ بحسبه «مكسبا مهما لكل من يريد ولوج عالم النحالة»، ويعزو محدثنا ذلك إلى كون الشمع الجيد يقدّم خدمات لفائدة النحالين الراغبين في تحويل الشمع المتوفر لديهم إلى صفائح شمعية قابلة للتصفيف في صناديق تربية النحل مقابل دفع ثمن التحويل فقط. ويلفت سعيد أيضا إلى أنّ الشمع المستورد وإن كان ذا سعر أقل، إلاّ أنه لا يرقى من حيث مكوناته إلى مصاف الشمع الطبيعي المُنتج محليا والذي يستعمله النحالون المحترفون، كون الشمع المستورد يحتوي على مواد بترولية كالبرافين والملونات والعطور الصناعية. وعلى غرار نظيراتها، تعاني حرفة النحالة من مشكلات يبرزها طارق (38 سنة) وعبد الحميد (42 عاما) وزميلهما أبو بكر (39 عاما)، في افتقاد حرفتهم رغم مكانتها، لتنظيم يدافع عن مصالح النحالين، ويدعو الثلاثة باسم النحالين لإيجاد هيئة محلية تجمعهم من أجل توسيع دائرة التشاور واقتراح الحلول لمختلف انشغالات مربيي النحل وكذا جعل الهيئة المذكورة وسيلة اتصال دائمة بين المعنيين مع الإشارة إلى أنّ جمعية مربي النحل (المتيجة) تضم منخرطين مهنيين وجامعيين، كما تربطها علاقات مع جمعيات من فرنسا، إيطاليا، بلجيكا، المملكة العربية السعودية، اليمن وسوريا. وحفاظا على الحرفة وما تقتضيه حتمية تطويرها، يدعو عمي لحسن (71 عاما) عميد النحالين الجزائريين، إلى إيلاء التكوين أهمية قصوى، حتى يكون هناك مردودا أحسن للنحالين، وذلك عن طريق زيادة الحجم الساعي للتكوين وحتى إنشاء معهد خاص بتريية النحل يسمح للشباب بالحصول على شهادات معترف بها تعطيهم الحق في الدعم، دون الحاجة إلى شرط حيازتهم على عدد معين من صناديق النحل. ويتمتع عسل غرداية بجودة عالية، إلاّ أنّه يلقى صعوبات «كبيرة» للتسويق في أوروبا، حيث يتم فرض مقاييس صارمة وعديد شهادات المطابقة، لذا يبدي المتعاملون استعداداتهم لإدخال شركاء أوروبيين إلى الجزائر من أجل الاستثمار في التعاونيات بغرض السماح للمنتجات الجزائرية باقتحام الأسواق الخارجية. ويتفق لحسن ومحمد وغيرهما من كبار ناشطي النحالة، على حساسية تسوية مشكلة التخزين، حيث يُفترض ترك المنتوج في مستوى تبريد (بين 14 و20 درجة) حتى يحافظ العسل على شكله وقيمته الغذائية، فضلا عن أهمية توفير مستخلصات النحل من النوع الذي بإمكانه حمل 40 صفيحة لفائدة النحالين الذين يمارسون نشاطا ضخما.