لم يعد من الضّروري جدا أن تكون القسنطينية ذات مال أو صاحبة عمل مربح كي تنافس غيرها في ارتداء الذّهب خلال الأعراس أو المناسبات أو حتّى خلال الأيام العادية، بحيث أنّ ثقافة «الفالصو» أخذت في الانتشار لتغزو العقول بعد أن غزا الذّهب الحقيقي في وقت سابق قلوب النّساء. ربما تشترك الجزائريات أو نساء العرب عموما في عشقهن للذّهب، لكن القسنطينيات لديهن قصص غرام مع هذا المعدن نظرا لارتباطهن به وانتشاره الواسع قديما، بحيث كانت المرأة ترصّع نفسها بمتخلف القطع الذّهبية من الرّأس حتى القدمين ولا تخلو عاداتها من ارتداء الذّهب خلال مختلف المناسبات وحتّى حين التّوجه إلى «الحمام». ولذلك لازالت القسنطينيات تعتبرن الذّهب ضرورة من ضروريات الحياة ووجها من أوجه الرّقي، سيما بالنسبة للعائلات التي تحب التّفاخر والتباهي، بينما أنّ الوجه الآخر يتمثّل في ارتباط هذه المادة بالاقتصاد، وهذا ما تترجمه المقولة الشهيرة «الحدايد للشدايد»، وبسبب كلّ ذلك ومع الارتفاع الكبير في أسعار الذهب، أصبح التردد على محلات بيع المقلد بالنّسبة لمتوسطات الحال عادة مثلما صرّح به أحد الباعة. «الفالصو» منعا للقيل والقال في جولة مطوّلة قادت «السّلام» لمحلات بيع الذهب المقلد بقسنطينة، أكّدت الكثيرات أنّ مشكلة جهاز العروس والتّباهي، قد حلّت نسبيا مع»الفالصو» الذي خلص القسنطينيات من عادة الاستلاف، أو الخجل من الظّهور خلال المناسبات دون حليّ مميّزة أو مرتفعة الثّمن، وهو الأمر الذي سوى بين «المرفهة» و»الزّوالية»، بحيث أصبح من النّادر جدا أن يكثر القيل والقال عن تلك التّي لا ترتدي القليل أو الأخرى التّي لا ترتدي شيئا من المعدن النفيس، بعد أن أصبحت كلّ واحدة مرصّعة بما خفّ وزنه وثقل ثمنه -نظريا فقط -. وفي الإطار نفسه، تعتبر المقبلة على الزّواج على موعد مع اختبار حقيقي في أن تكون الأكثر تميّزا وأناقة خلال عرسها، عبر ارتداء أكبر قدر ممكن من الذّهب، وهو ما لا يمكن تحقيقه إلاّ لبنات العائلات الغنية جدا، سيما مع متطلّبات الأعراس الكثيرة، ورغم ما في الأمر من مخاطرة، إلاّ أنّ الكثيرات أصبحن يتوجّهن مباشرة ل «الفالصو» لإتمام الجهاز، نظرا لعدم إمكانية التّفريق بين الحقيقي والمقلّد بمجرد النّظر، وهو ما ذهبت إليه «حليمة» التي اقتنت كل ذهبها مقلّدا مشيرة إلى أنّها ستعوضه بعد الزّواج من جيب الزّوج، بعد أن أفرغت جيب الوالد في اقتناء جهازها الضّخم، وهو الأمر الذّي لو اكتشفته حماتها لكانت مشكلة كبيرة حسبها. فيما لخّصت «سميرة» سبب توجهها للذهب المقلد، بقولها أنّ «شرطها» أي مهرها لا يتجاوز 8 ملايين سنتيم وهو ثمن سلسلة واحدة من الذّهب الحقيقي، بينما أنّها تستطيع شراء كلّ القطع الذّهبية المطلوبة منها بهذا المبلغ شرط أن تختار»البلاكيور». الموضة، السّرقة والقضاء على الرّوتين أسباب أخرى وبعيدا عن التّفاخر وكفّ ألسن القيل والقال والاقتصاد يؤكد أصحاب المحلات أنّ هناك فئة أخرى من المقبلات على «الفالصو» يرجعن هوسهن أساسا للألوان المختلفة والجذابة التّي تميّز القطع المقلّدة عن الحقيقية، بحيث أنّه نادرا ما تجد ذهبا حقيقيا بتصميم عصري وألوان جميلة، وهو ما ذهبت إليه إحدى الطّالبات التّي روت ل «السّلام» قصّتها مع القطع الذّهبية التّي اقتنتها لها والدتها ولا تكاد ترتديها إلاّ في المناسبات النّادرة، بينما أنّ «الفالصو» أكثر عصرية وقبولا بالنّسبة لبنات جيلها ممّن لا يحببن القطع القديمة أو»الديمودي» مثل «المحزمة» وغيرها، والتّي لا تناسب فساتين السّهرات وحتى الفستان الأبيض المخصّص للعروس. وفي الطّرف الآخر اعتبرت «حياة» أنّ استمرارها في اقتناء الذهب المقلّد لسببين لا ثالث لهما، أوّلهما الارتفاع الرّهيب لأسعار الذّهب وثانيهما انتشار السّرقة، ولأنّها لا تحافظ عادة على مقتنياتها وتتميّز باللاّ مبالاة، فإنها تفضّل خسارة مبالغ على فقدان عشرات الآلاف منها في حال تعرّضت حليّها للسّرقة أو الضّياع. أمّا «إلهام» التّي صادفناها داخل إحدى محلاّت الإكسسوار بوسط مدينة قسنطينة، فقد اعترفت أنّها لا تقتني الذّهب الحقيقي أبدا، نظرا لارتفاع ثمنه الذّي يمنعها من التّغيير لاحقا إن ملّت من أي قطعة تمتلكها، مشيرة في هذا الصّدد أنّ تصاميم «الفالصو» ومجاراتها الموضة وألوان السنة جعلها تغرم به، بحيث أنّها تقتني قطعا مختلفة وتعاود على مراحل مختلفة اقتناء أخرى تماشيا مع ألوان ما ترتديه والألوان الشّائعة، وهو الأمر الممنوع عليها في حال اقتناء الذّهب الحقيقي الذّي يظل مخزّنا لفترات طويلة، وإن أرادت أيّ واحدة تغييره فعليها بيعه بثمن بخس أو مواصلة الرّوتين بارتداء نفس القطع في كل يوم وفي كل مناسبة. ابتعدي عن الماء وتألقي بالذهب لعشرية وتعتبر النّصيحة الأولى والثّمينة فيما يخصّ «الفالصو» هي الابتعاد عن الماء الذي يعد العدو اللدود للذهب المقلد، بحيث أنّ الالتزام بهذا الأمر قد يطيل عمر الحليّ إلى عشر سنوات تقريبا، حسب تصريحات الباعة ممّن أشاروا إلى أن الضّمان المقدم للسّيدات في هذا الإطار يتراوح بين سنة و10 سنوات حسب حجم ونوعية القطعة، مع مراعاة عدّة معطيات من أجل الحفاظ عليه وعدم تعرّضه للتآكل، ما يتسبّب في إفساد منظره وربما التسبّب في فضيحة لصاحبته. وقد أجمع الباعة في حديثهم على أنّ أهمّ الخطوات للحفاظ على «الفالصو» هي تجنّب تعريضه للعطر أو لمواد التّنظيف، سيما قويّة المفعول، والابتعاد عن الماء الذّي يؤثّر سلبا عليه ويزيل لونه الذّهبي، فيما توجد خواتم للزّينة اليومية صغيرة الحجم لا تتعرّض للتآكل إلاّ بعد 10 سنوات وسعرها مناسب جدا لا يتعدى 4000 دينار للقطعة، أمّا غير ذلك فلا توجد مشاكل تحيط بهذا المنتج الذّي يلبّي رغبات عديدة، في ظلّ ارتفاع سعر الذّهب الخالص.