عرفت مواقع التواصل الاجتماعي والجرائد، رواجا كبيرا لفن الكاريكاتور الذي يسعى من خلاله “الفايسبوكيون" لمواكبة يوميات الأضاحي عبر إضفاء جو خاص تكسوه بهجة وقسط من السخرية إزاء ارتفاع الأسعار الجنوني، الذي منع محدودي الدخل من إدخال كباش العيد إلى منازلهم. يواجه محدودو الدخل مشكلا حقيقيا قبل أيام قليلة تفصلهم عن حلول عيد الأضحى المبارك، خاصة وأن مضاربة تجار المواشي لأسعارها جعلهم غير قادرين على شراء كبش العيد كغيرهم، هذا ما دفع برواد “الفايسبوك” وبينهم الهائمون بالكاريكاتور لنشر صور تعبّر عن تذمرهم من الأسعار المرتفعة التي لم تمكنهم من القيام بسنة ذبح الأضاحي في هذا اليوم. وأصبح الشباب يزورون مقاهي الأنترنت بشكل يومي لمشاهدة تلك الصور المنتشرة بعدة مواقع إلا أن “الفيس بوك” قد سجل أكبر نسبة من الصور المرفوقة بعبارات السخرية التي حولت حزن محدودي الدخل إلى فرحة بمجرد مشاهدتهم لها، حيث يلاحظ الزائر لموقع “الفايسبوك” أن المشاركين به قد حولوه إلى مكان ينقل تذمر المواطن البسيط وعجزه عن شراء كبش يسمح له بقضاء تلك الفريضة من خلال نشرهم لصور وتعليقات معبرة عن غلاء أسعار أضحية العيد. ولدى زيارتنا لبعض مقاهي الأنترنت، لاحظنا أنّ أغلب المتواجدين هم من الفئات الشبابية، حيث شاهدنا بعضهم يحاولون نشر صور ساخرة لكباش العيد، في حين وجد شباب أخرون أن مشاهدتهم لتلك الصور ستحول حزنهم إلى فرح، فبعدما تقربنا من أحد الشباب المشاركين بحملة غلاء أسعار كبش العيد بموقع الفايسبوك علمنا خلال حديثنا معه أن تلك المبادرة جاءت بالاتفاق مع أصدقائه المشاركين بموقع التواصل الاجتماعي، كما أضاف أن هدفها الأساسي هو إدخال جو من الفرحة والبهجة، إضافة إلى تخفيف الحمل على محدودي الدخل من خلال نشر صور تعبر عن السخرية من غلاء الأسعار كما أضاف أن هناك صورا بها رأس كبش وجسم سيارة ليموزين تعني أن سعر كبش العيد سيقارب بمرور السنوات تلك السيارة الفاخرة. كما وجد شباب أخرون أن المشاركة بتلك الحملة سواء بأفكارهم أو ببراعتهم في البحث عن صور تنقل معاناة المواطن البسيط سيدخل في قلوب محدودي الدخل نوعا من البهجة بعد مشاهدتهم لها، حيث يرى مراد أن هذا الموقع سيكون أكثر مشاهدة خاصة أن نسبة المشاركة به عالية من قبل جميع الفئات، وهو ما دفعهم لنشر صور الكباش بعبارات بسيطة ساخرة لتصل إلى الفئات المتعلمة وغير المتعلمة. من جهة أخرى أكد لنا جل من تحدثنا إليهم من الشباب المتواجدين بفضاءات الأنترنت، أنهم يحرصون على زيارة “السيبر كافي” يوميا لمشاهدة ما نشر من صور ساخرة تخص كباش العيد، حيث يقول أحدهم “أشعر بالبهجة وراحة نفسية بعد مشاهدتي لتلك الصور خاصة أنها تضحكني وتنسيني عجزي عن توفير أضحية العيد لأسرتي في هذا اليوم المبارك، كما أني أشعر أن هناك من يهتم بمعاناة المواطن البسيط من غلاء الأسعار”. ولا يقتصر الأمر على نشر الصور في مواقع الإنترنت بل أن فناني الكاريكاتور برعوا في نقل معاناة المواطنين بلوحاتهم الفنية والعبارات التي ترافقها بالجرائد، حيث كان لنا لقاء مع رسامة الكاريكاتور مليكة ياخي، وقد أكدت خلال حديثها معنا أنها تحاول في أغلب اللوحات الكاريكاتورية التي ترسمها أن تنشر صورا وعبارات تنقل المشاكل الإجتماعية للمواطن البسيط، كماأضافت أنها قد خصصت قبل أسبوعين من حلول عيد الأضحى رسوم الكاريكاتور المعبرة عن غلاء أسعار الخرفان وأخرى تعبر عن وقوف محدودي الدخل وهم حائرين في كيفية شرائها. .. شباب يتناسون الحرمان بالضحك وجد بعض الشباب الذين يقطنون بأحياء خاصة بالزوالية أنّ رسم بعض اللوحات المضحكة لخرفان العيد على الجدران سيخفف معاناتهم هذا العام، وسينسيهم عجزهم عن شراء الأضحية حيث لاحظنا خلال زيارتنا لبعض الأحياء على غرار باب الوادي وباش جراح إضافة إلى حي ديار العافية بالقبة تواجد رسوم بجدران العمارات. وفي جولة ميدانية لحي النخيل بباش جراح، أبرز لنا سكان هذا الحي أنّ شباب المنطقة لم يتقبلوا عدم احتفالهم بعيد الأضحى كبقية الأعوام، فقرروا إيصال ما يشعرون به من حزن بتلك اللوحات فخلال جولتنا شاهدنا شابا يتفنن في رسم لوحة على جدار عمارته بها رأس خروف وجسم سيارة من نوع “إير كات “ فتقربنا منه وقد أخبرنا أن غلاء أسعار الكباش هذا العام لم يسمح لأسرته بشراء خروف وهو السبب الذي أثارغضبه وولد لديه شعورا بالحزن خاصة أنه تعود على التجول بالكبش وتنظيم منافسات شجار الكباش بالقرون برفقة أصدقائه، كما أضاف أنه لم يجد ما ينسيه همه سوى رسم صور مضحكة للكباش بالجدران”. غيرنا وجهتنا إلى حي ديار العافية فلاحظنا أن مشاعر الغضب قد إنتابت وجوه البراءة، حيث لاحظنا أن بعض الأطفال يقومون ببناء بيت مصنوع من صناديق الكرتون وقد كتبوا عليها عبارة “قبر الكبش” فعند سؤالنا لأحدهم عن سبب تشييدهم له فقد أخبرنا أنه لم يتقبل فكرة عدم تمكن أسرته من شراء الكبش هذا العام، خاصة أنه قد تعود على مرافقته قبل أيام من حلول العيد وقد فضل التعبير عن غضبه من خلال بناء هذا البيت أما عن العبارة المكتوبة على الصندوق، فيقول عنها الطفل أمين الذي لم يتجاوز عمره ال12سنة أنها تعبر عن اختفاء كباش العيد من الحي ومفارقتهم للحياة بسبب غلاء الأسعار الذي منعه من الشعور بفرحة شراء الكبش كالأطفال الميسورين.