شدد الإعلامي، محمد بغداد، أن القضية الإعلامية تشتبك مباشرة مع المسألة الثقافية في أي مجتمع، كما تعتبر المجموع الكلي الشامل والمعقد، الذي يصوغ شخصية الفرد أو الجماعة، فمن خلال إنتاج الأسئلة، وإثارة النقاش والتوسّع في الجدل، والإمعان في التعليق والجودة في التحرير، والبراعة في صناعة الخبر، يكون الإعلامي قد قدم خطوة جديدة، في مسيرة الإبداع الثقافي، وعزّز استراتيجيات التفاعل الاجتماعي، الذي يمكّن المجتمع من الانخراط في التاريخ، وهي مهمة تتضافر في انجازها مجموعة من الشروط المطلوبة تاريخيا. أكد بغداد، أنه من واجب الصحفي تفعيل الآليات لإثراء المشهد الإعلامي، باعتباره جزء منه، وذلك لا يتم إلا إذا توفرت في الصحفي الشروط الأساسية التي تخوله لأن يكون مؤثرا في العمل الإعلامي، منطلقا من الذات، ومرتكزا على الهوية، وهادفا إلى الارتقاء بالوعي التاريخي للمجتمع، وتعديل الذوق العام، عبر الرسالة الإعلامية الذكية، من خلال الانتقال، من التعامل مع النشاط الثقافي، إلى التفاعل مع الفعل الثقافي، عبر المناوشة المعرفية، والأسلوب الاحترافي، مما يجعلنا أمام الأفكار الذكية، والأذواق الراقية، ويدفع النخب إلى احترام التاريخ، وتقدير الإبداع، إلا أن الخطر الكبير، ينشأ عندما تتحول العملية الإعلامية برمتها، إلى مجرد حملات إشهارية للنخب المغشوشة ونزواتها المتصاعدة. كما أبدى صاحب مؤلف “دماء الصحراء” رأيه حول راهن المشهد الثقافي في ظل الاحتفال بخمسينية استقلال البلاد، حيث قال أن موضوع الحرية، وعلاقته بالعملية الإعلامية، تم تجاوزه في البلاد، خاصة في ظل تعدد وسعة المجالات المفتوحة، مضيفا أن :«المشكلة التي يعمل الجميع على تجاوزها، هي القدرة على الإبداع، وسيطرة النخب المغشوشة على الساحة، وإبعاد الأذكياء والمبدعين والمثقفين والإعلاميين الحقيقيين، الأمر الذي جعلنا أمام مشهد ثقافي محطم، فالكل يتذكر أن الجزائر ضيعت فرصة تاريخية، ثلاث مرات في عاصمة الثقافة العربية، والإسلامية، والمهرجان الإفريقي، دون أن نتمكن من إنجاز مجرد صورة محترمة عن الجزائر، ولم يلتفت إلينا أحد، ولم تتمكن نخبنا من مجرد طرح سؤال التقييم أو المراجعة”، حيث أبدى امتعاضه من عدم استغلال “الخمسينية” التي تشرف على الانتهاء دون إنجاز أعمال “محترمة” وأضاف:«حتى الأجيال الجديدة، لم تنتبه لهذه المناسبة، ووقع الجميع في قبضة النخب المغشوشة، حيث سادت الرداءة وسيطر التردد، وهيمن الإحباط، دون أن ينتبه أحد إلى هذا الخطر الرهيب، الذي يهدد بإخراجنا من التاريخ”. من جهة أخرى تحدث بغداد، عن مستوى الكتابة، ملفتا إلى الحاجة التاريخية التي تفرضها التحديات القادمة، فارضا طرح أسئلة ملحة مستقبلا صاغها بالقول:«هل نملك مؤسسة ثقافية أم مجرد هياكل للتنشيط الثقافي؟ وهل من المعقول أن يكون بلد في مكانة الجزائر، ليس فيه إلا المهرجانات، حيث تحولت ثقافتنا إلى مجرد مهرجان كبير، وبالذات دلالة الكلمة في سياقها الاجتماعي التداولي، وهل يمكن أن نتصور، أن الجزائر بعد خمسين سنة من الاستقلال، لا تملك إستراتيجية ثقافية؟ تكون قادرة على تلبية الحاجات، وإشباع الرغبات التاريخية، للأجيال الجديدة”.