قال المجاهد جلول ملايكة في شهادته إن الرئيس هواري بومدين نفسه أعطى تعليمات لجهاز المخابرات بتوجيه الطاهر زبيري للهرب خارج التراب الوطني، هل شعرت بأن تعليمات كهذه كانت قد صدرت فعلا أثناء محاولاتك تهريب قائد الانقلاب زبيري؟ هذا الأمر غير صحيح قطعا. بل أقول أكثر من هذا أن بومدين نفسه هو من شجع الطاهر زبيري على تنظيم حركة الانقلاب للتغطية على مشاكل ثلاثة كانت تؤرقه. مشكل الحزب ومشكل اللجنة التنفيذية التي عيّن فيها العقداء منهم صالح بوبنيدر، ويوسف الخطيب.. وعين على رأسها شريف بلقاسم للحراسة، ومشكل مجلس قيادة الثورة الذي لم يستطع يوما أن يحقق التجانس بما فيه من خليط بين المجاهدين الحقيقيين، والمجاهدين الوهميين، والمندسين العملاء الذين كانوا يشكلون الطابور الخامس لمصلحة فرنسا، ومشكل الجيش الوطني ممثلا في شخص الطاهر زبيري وجماعته من جهة، وضباط فرنسا من جهة ثانية، وكان زبيري مجرد صورة في منصبه. لم يتمكن بومدين من الفصل في أي قضية من هذه القضايا الثلاث، واكتفى بالعمل مع عناصر مخبره الخاص المكون من ثلاثة أو أربعة أشخاص منهم أحمد مدغري، والرئيس الحالي وشابو.. وأمام عجزه عن الوفاء بوعوده التي قطعها على نفسه أمام الرأي العام غداة انقلابه على الرئيس السابق أحمد بن بلة أو ما يسمى بحركة التصحيح الثوري في 19 مارس 1965، لجأ إلى تشجيع قائد أركانه الطاهر زبيري، بطريقة غير مباشرة، لتنظيم انقلاب 11 ديسمبر 1967، وإلا كيف يفهم أن الدبابات كانت هنا في الحراش، ومع ذلك، تحركت الدبابات من منطقة الشلف أي من على بعد نحو 200 كلم عن العاصمة، حسب تخطيط قادة الانقلاب. نجح بومدين في تخطيطه، وهو خبير في مثل هذه الأمور. لم يكن الهدف من الانقلاب إزاحة زبيري من الطريق، فقد كان بالإمكان القضاء عليه بطريقة أو بأخرى، ولكن الهدف هو حل مشاكل بومدين وبالفعل تم تحييد الجميع وتجاوز بومدين كل الأجهزة بما في ذلك الحزب، وظل يمسك بكل الخيوط وحده إلى غاية وفاته. لهذا، الأمر الذي أنا متأكد منه هو أن انقلاب زبيري كان وراءه بومدين نفسه. ..يتبع