تحولت عاصمة الثقافة الإسلامية التي كانت ولا تزال محج أدباء ومثقفين وأصحاب مال وسياسية ودين من مدينة آمنة مستقرة إلى عاصمة لمافيا تهريب الزطلة والمخدرات والكوكايين والوقود. أصبحت المدينة الهادئة التي كانت ولا تزال تستقطب عشرات السياح من مختلف بقاع المعمورة، من منطقة عبور إلى منطقة استهلاك واسع للمخدرات مثلما تبينه تقارير المصالح الأمنية التي ضاعفت من نشاطها هذه السنة وفككت عشرات الشبكات المنظمة في إطار محاربة المخدرات. ويبين تقرير مصالح الدرك الوطني بولاية تلمسان عن تزايد قضايا المخدرات بشكل كبير مقارنة بالسنوات الثلاثة الأخيرة، وحجز حتى بداية شهر جويلية الماضي أكثر من 220 قنطار من القنب الهندي المعالج ذي نوعية رفيعة غالبا ما يتم تهريبه إلى الدول الأوربية ودول الخليج على غرار دبي، وهو ما بينته إحدى العمليات حين حجزت كمية مخدرات كان مكتوب عليها دبي. وأكد مصدر عليم من الدرك الوطني أن مختلف شبكات التهريب وسعت نشاطها بدرجة كبيرة وتعتمد كافة الأساليب والطرق لتمرير الزطلة، كان الأمر في البداية عبر الحدود البرية عن طريق المسالك الصعبة والمناطق التي تكثر فيها الغابات ليتعدى الأمر إلى البحر، حيث أصبح المهربون يعتمدون على زوارق لتمرير سلعهم، ثم الاعتماد على الطريق السيار شرق-غرب، الذي صار نعمة على المهربين أكثر من المواطنين، وقد شددت مصالح الدرك الوطني من تواجدها في هذا الطريق حيث تم استحداث وسائل ومعدات عصرية لإبطال مخططات المهربين ونشاطهم المكثف واليومي، وحجزت مصالح الأمن الوطني ممثلة في الشرطة بمختلف فروعها أزيد من 250 قنطار من القنب الهندي، آخرها حجز خمسة قناطير من الكيف المعالج بمخرج مدينة صبرة. 997 مليون دينار.. زطلة وحجزت فرق الجمارك الجزائرية أزيد من 350 قنطار من المخدرات، منها 124 قنطار شهري جوان وجويلية، وكشف مصدر عليم من المديرية الجهوية للجمارك أن قيمة المخدرات المحجوزة هذه السنة تفوق 997 مليون دينار. وأكد المصدر أن الكميات المحجوزة لا تمثل إلا 20 بالمائة من الكميات المهربة، سجلت في 22 عملية قامت بها الفرق المتنقلة للجمارك عبر ولايات تغطيها المديرية الجهوية وهي تلمسان وسيدي بلعباس وسعيدة، وآخر هذه العمليات سجلت الاثنين الماضي بالطريق المؤدي إلى سيدي دحو بولاية سيدي بلعباس وحجزت حوالي 5 أطنان من الكيف المعالج، كانت محملة على متن شاحنة. وقد تضاعف المحجوزات من الكيف المعالج بشكل مذهل مقارنة بالسنوات الماضية. وحسب المختصين، سبب هذا الارتفاع بالمنطقة الحدودية الغربية يعود إلى تغير حركة شبكات التهريب من الجنوب إلى الشمال بعد الضربات الموجعة التي تلقها المهربون بالجهة الجنوبية من طرف الفرق المشتركة لقوات الأمن الوطني و»تدهور الحالة الأمنية بالساحل، إضافة إلى الإنتاج الوفير للقنب الهندي بالمغرب» وفككت مصالح الدرك والأمن والمصلحة الجهوية للجمارك بولاية تلمسان خلال السنة الجارية أكثر من 33 شبكة لتهريب الكيف المعالج، تسعة شبكات دولية منها تعتمد في نشاطها على شباب وشيوخ وحتى نساء لتهريب الكيف المعالج الذي احتل المرتبة الثانية في قائمة المحجوزات لمختلف المصالح الأمنية، بعد تهريب الوقود. منتخبون: المغرب مطالب باحترام الجوار وقد دفعت ظاهرة تنامي تهريب الكيف المعالج من منتخبي ولاية تلمسان إلى تخصيص جزء كبير من دورة المجلس الشعبي الولائي لمناقشة الظاهرة. وأكد رئيس المجلس الشعبي الولائي أن المغرب مطالب باحترام الجوار من خلال الكف عن إغراق الجزائر بالمخدرات، وهو نفس الانطباع الذي جاء على لسان نائبه حين طالب بصراحة ملك المغرب التوقف عن تصدير الكيف إلى مختلف الدول المجاورة، وهي تصريحات سبق لوزير الخارجية مراد مدلسي وأن أطلقها حين أكد أن مشكل تهريب المخدرات أصبح يقلق الجزائر كثيرا، وكان تقرير لمنظمة الأممالمتحدة صنف المغرب أول بلد منتج ومصدر للكيف المعالج على المستوى العالمي. ولا يزال تهريب الوقود يحتل مراتب متقدمة حيث تمكنت مختلف مصالح الدرك الوطني وحرس الحدود من حجز أكثر من مليوني لتر من المازوت و980 ألف لتر من البنزين عبر عديد النقاط الحدودية المتاخمة للمملكة المغربية، ما خلق واقعا مرا ويوميات بائسة لدى زائري وسكان الولاية الذين يضطرون إلى قضاء ساعات طويلة للظفر بلترات من الوقود أمام محطات بنزين استعمرها «الحلابة»، قبل أن ينزل قرار تسقيف الوقود وبعده قرار مصادرة سيارات التهريب رحمة على سكان ولاية تلمسان والمناطق المجاورة لها، وأكد الوالي أنه من غير المعقول السكوت على هذه الوضعية، متوعدا المخالفين بعقوبات صارمة، وأعلن المتدخلون في دورة المجلس الشعبي الولائي عن تأييدهم للمبادرات والقرارات المتخذة في الآونة الأخيرة من والي تلمسان في حربه ضد التهريب، خاصة الوقود المهرب إلى المغرب بكميات رهيبة. وقد عرفت الحدود الجزائرية المغربية نشاطا كثيفا خلال الأشهر الماضية بعد ركود كبير وعرفت ظاهرة سرقة وتهريب الكوابل الكهربائية والهاتفية ارتفاعا بسرقة أكثر من 35 ألف كلغ من الكوابل الكهربائية والنحاسية، كما عرفت ظاهرة تهريب الأدوية ارتفاعا كبيرا وأحبطت مختلف المصالح الأمنية بتلمسان خلال السنة الماضية وحتى منتصف الشهر الجاري العشرات من العمليات الخاصة بتهريب الدواء وحجز ما قيمته 300 مليار سنتيم. وأكدت مصادر عليمة أن كمية المخدرات المحجوزة من طرف مختلف المصالح الأمنية لا تمثل سوى نسبة عشرة بالمائة من الكميات الممررة نحو دول الشرق الأوسط وأوروبا.