أكد بن يمينة بن يحيى مدير التشغيل السابق المتواجد رهن المؤسسة العقابية لتورّطه في أحد أبرز ملفات الرشوة واستغلال الوظيفة التي عالجتها مصلحة الشرطة القضائية التابعة لجهاز الأمن والإستعلامات قبل حلّها من قبل رئيس الجمهورية، أنه راسل وزارة العمل ليطلعها على جميع الخروقات المسجّلة بالمديرية منذ توليه منصبه، مشيرا في مراسلته أن هناك " جهات من السلطة تدخلت وتوسّطت لفائدة رعايا أجانب، حتى يتمكنوا من الحصول على رخص عمل من المديرية بطريقة غير قانونية"، ولكن ردّ الوزارة جاء "بمنح الرخص لكل شركة يتقدم ممثلها القانوني بالملف الضروري" . المتهم الذي عرف ب " غول مديرية التشغيل " مثل أول أمس، أمام محكمة الإستئناف بمجلس قضاء العاصمة أين لمّح لوجود سيناريو حبك ضده بدقة، كونه حرص على استحداث طريقة عمل جديدة، تعتمد على نظام الإعلام الآلي في معالجة كافة الملفات المودعة من قبل الشركات الأجنبية لإستخرج رخص العمل، وهو مالم يرق – حسبه - لبعض الجهات كون الأمر سيلغي نشاط مكاتب المحاماة والإستشارات الخاصة، حيث يملك الرعية الأجنبي الحق في التقدم بطلبات رخص العمل مباشرة ووفق القوانين الصادرة عن وزارة العمل، كون العملية تندرج ضمن الخدمة العمومية على حدّ ما أوضحه المتهم في مجمل تصريحاته، وهو ما قد يبرّر الغموض الذي اكتنف القضية التي تورّط فيها رفقة أربعة متهمين آخرين والمتعلّقة بتهديد رعية تونسي حتى يتنازل عن شركته "بانتابال" المختصة في الهندسة المدنية، الكهرباء العامة والاتصالات، بعد أن أوهم أن الشركة محّل تحقيق وعليه الهروب خارج الوطن . وحسب ما جاء في أمر إحالة المتهمين على العدالة، فإن مدير التشغيل ضبط متلبسا بتسلّم ظرف يحوي على مبلغ 120 مليون سنتيم، جواز سفر، رخصة عمل وتأشيرة مؤقتة من طرف المدعو "ط .شكيب" صاحب شركة استشارات كان وسيطا بينه وبين الرعية التونسي، حيث سبق لوزارة العمل أن منحت 30 منصبا خاصا باليد العاملة الاجنبية لفائدة شركة بانتابال، بعدما استفادت من عقد مداولة في حصة كهربائية في مشروع ترامواي الجزائر، وتحصلوا على الرخص في شهر ماي من سنة 2012 بعدما سبق وأن رفض لهم 75 ملفا. وهو ما جعل مدير التشغيل ينفي تسلّم الرشوة، كون الوسيط المذكور عمد تسليمه الظرف دون أن يعلم ما يوجد - على حد قوله- قبل أن يلقى عليه القبض من طرف المصالح المختصة، التي أكّدت في محضرها أن المدير كان يتلقى مبلغ 10 آلاف دينار عن كل رخصة عمل يستخرجها حيث تسلّم 19 ملفا خاصا بشركات أخرى، منها شركة متعددة الجنسيات كانت تشغل 676 عاملا جزائريا، وشركة "نوفارتيس" السويسرية، كما كان يتلقى مواد غدائية بقيمة مليوني سنتيم يوميا. وأضاف المتهم، الذي عيّن بموجب مرسوم رئاسي بعدما شغل نفس المنصب في ثلاث ولايات أخرى، أن "عملية استخرج الرخص تتطلب إجراءات تشرف عليها مصلحة تعالج أزيد من 17 ألف طلب عمل، ولايمكن أن تستخرج في نفس يوم إيداع طلبها "، منكرا أن يكون قد استغل مبلغ الرشوة لشراء مسكن في ولاية معسكر أين تقيم عائلته . المتهم" ط.شكيب " بدوره، وبعدما أمضى على تصريحات تؤكد أن المدير كان يتلقى رشاوى وكان سائقه الخاص يتكفّل بنقلها،عاد وأنكر تهمة تسليم مبلغ الرشوة، وهو الذي ضبط متلبسا في مكتبه وهو يتسلّم ظرفا به مبلغ 20 مليون سنتيم من قبل " س.سمير" المكلّف بالعلاقات الخارجية لدى شركة" باتنابال"، مؤكدا أنه تلقى تهديدات داخل المؤسسة العقابية بعدم التراجع خلال المحاكمة عن تصريحاته التي أدلى بها والتي تدين المدير. الرعية التونسي أنشأ شركة وهمية وغادر الوطن قبل المحاكمة وفي الوقت الذي غاب فيه الرعية التونسي الذي تأسس طرفا مدنيا في قضية الحال عن جلسة محاكمة المتهمين، مثل "سّ.سمير" المكلف بالشؤون الخارجية لشركته ليصرّح أنه اتجه رفقة صاحب الشركة إلى مدير التشغيل للحصول على رخصة عمل، لكنه رفض منحهم إياها كون الشركة قدمت عقود عمل مزورة، مضيفا أن "شركة بانتابال شركة وهمية وصاحبها كان يبدّد الأموال في كراء فيلا لفائدة عاملات بها، وكان يتصل بأشخاص يطلب منهم الحضور للاستثمار في الجزائر بطريقة غير قانونية"، فيما جاء في محاضر الشرطة، أن الممثل العلاقات الخارجية هو من خطّط لعملية تهديد الرعية التونسي حتى يستولي على شركته، بعدما أوهمه أن مصالح الأمن تحقق في نشاط الشركة وأن عليه المغادرة قبل أن يلقى عليه القبض . فلاح يدعي أن عقيد مخابرات وشرطي الاستعلامات يستغّل في العملية وكشفت جلسة المحاكمة أن المتهم "ح .سيدعلي " قريب ممثل الشؤون الخارجية للشركة استغل صداقته مع " ع.نبيل " شرطي تابع لمصلحة الاستعلامات بأمن ولاية الجزائر، وحرص على استدراجه إلى مقّر الشركة بسيارة الشرطة بعدما أوهمه أن شخصا يدّعي أنه عقيد مخابرات، وهو ما جعل الشرطي يتنقل ودون علم مسؤوله المباشر حتى يتحقق من الأمر، على حد ما جاء في تصريحاته، قبل أن ينزع منه "ح .سيد علي "جهاز طالكي والكي، ويدخل مكتب مدير الشركة رفقة المدعو " ه نورالدين " الذي اتضح أنه فلاح انتحل صفة عقيد مخابرات، ليوهما الرعية التونسي بأنه سيلقى عليه القبض في حال لم يتنازل عن الشركة. الطرف المدني، أكد في مرافعته أن المصلحة المكلّفة بالتحقيق تحوز على صور وفيديوهات، تؤكد تورّط كل متهم من المتهمين كما تقدم بطلب استرداد مبلغ مليون و200 ألف دينار، سيارة "شوفرولي" إضافة إلى مبلغ 10 مليون دينار كتعويض للرعية التونسي، فيما التمس النائب العام تشديد العقوبة في حق كل المتهمين بالنظر إلى خطورة الوقائع