لازالت الحناء تصنع الحدث لدى العائلات الجزائرية تزامنا مع المناسبات الدينية، فهي عرف يرافق تلك الأخيرة تيمنا بالفأل الحسن، بحيث تحضر في الأفراح والمناسبات السعيدة كالمولد النبوي الشريف، عاشوراء، طهارة الأطفال وحتى في الأعراس وعيدي الفطر والأضحى، وتعد المرأة الجزائرية من أبرز المهتمات بها، حيث تزين بها الأيادي والأرجل فهي إرث عريق ورثناه عن أجدادنا: بعد أن كانت توضع بطريقة عادية أصبحت تصحب بتلك النقوش المتنوعة التي أضحت الفتيات يعتمدن عليها بعد أن وفرتها الأسوق وذاع صيتها بين النساء، وتزامنا مع عيد الفطر المبارك عرفت الحناء إقبالا منقطع النظير من طرف النسوة من مختلف الأعمار. الحناء بمفهومها العصري لا يمكن أن نتصور مرور مناسبة دينية من دون وضع الحناء لدى أغلب الأسر الجزائرية فهي عادة حميدة ورثتها العائلات الجزائرية منذ أمد بعيد، وقد كانت جداتنا تضعنها في الليلة التي تسبق حلول المناسبة ويمكثن بها طوال الليل وكلهم فرحا بقدومها، إلا أن الشيء الملاحظ أنه في القديم كانت تضعها النسوة بأشكال عادية بحيث يغطى كامل الكف أو تغطى الرجل بمادة الحناء، وقد تأخذ أشكالا دائرية، أما في الوقت الحالي فأدخل عليها نوع من التجديد بعد أن ظهرت تلك النقوش الجذابة التي تزيد الحناء بهاء، فقد تطورت طريقة وضع الحناء بشكل لافت للانتباه وأخذت شكل نقوش وأشكال مزخرفة سواء على الأيدي أو الأرجل، حيث تعوض عند الكثيرات وضع الإكسسوارات والمجوهرات، لأنه في نفس الوقت تعطي أشكال ونقوش مميزة، ويمكن أن يبقى بنفس اللون لمدة طويلة، كما اكتشفت حاليا العديد من الفتيات أسرار الحناء التي تحمل اللون الأحمر الذي هو لون شعر على الموضة بعدما كان استعمال الحناء مقتصرا على العجائز لإخفاء الشعر الأبيض أصبح بديلا عن صبغات الشعر التي تسبب مشاكل سقوط الشعر وتقصفه. وقد شهدت الأسواق أياما قبل العيد انتشار تلك الطاولات في كل مكان ويقابلها وفود من النسوة يقبلون على تلك النقوش التي تعددت أشكالها وأنواعها واتخذت في تصاميمها شكل اليد والأرجل، والتي نفدت في لمح البصر حسب بعض البائعين الذين أكدوا أن فتيات اليوم أصبحن يلهثن وراء التجديد، بحيث يرين أن وضع الحناء في كامل الكف هو شيء تقليدي محض وحتى وضعها على شكل قرص أصبح لا يروقهن، مما دفعهن إلى اقتناء تلك النقوش التي أصبحت تجارة رائجة تسبق حلول المناسبات الدينية على غرار العيدين المباركين. أما عن سر انجذابهن إلى تلك النقوش قالت كاميليا " أن ما جذبها إلى وضع الحناء هي تلك النقوش المزينة والمشكلة بأشكال متنوعة فدأبت على وضعها، وترى أن تلك النقوش تزيد من جمالية الحناء بعض وضعها على اليد". وهكذا تبقى الفتيات هن أكثر انجذاباً إلى تلك النقوش فيما تفضل السيدات والعجائز وضعها على شكلها التقليدي العادي الذي يأخذ كامل مساحة اليد والرجل فيما فضلت أخريات تشكيلها على شكل أقراص. أما عن طرق تحضير خلطة الحناء فهي متعددة فهناك من يستعمل الماء العادي وهناك من يستعمل ماء الورد أو الزهر أو الليمون أو البيض. الحناء أحد عناصر صنع فرحة العيد لاتزال ربات البيوت وعلى الرغم من التحول الكبير الذي طرأ على المجتمع يعطين اهتماما كبيرا لربط الحناء على الأيدي في عيدي الفطر والأضحى تعبيرا منهم عن الفرح وتمسكا بعادات وتقاليد السابقين وبها تكتمل الفرحة خاصة لدى الأطفال الصغار إلى جانب ألبسة العيد والحلويات المختلفة. ففي مثل هذه المناسبات تحرص الكثير من الأمهات على اختيار الأجود في مادة الحناء حتى تكون نتائجها مضمونة خاصة من حيث اللون الذي يفضلن أن يكون أحمر داكنا مائلا إلى السواد، وإذا كانت بعض النساء تختار الحناء كمادة خام "أوراق" ثم تقوم بطحنها وإضافة بعض المكونات عليها واستخدامها بعد ذلك فإن الكثيرات تفضلن الجاهز منها سواء المحلي أو المجلوب من بعض الدول العربية كاليمن والسودان. أما طريقة ربط الحناء فدخلت عليها الكثير من التغييرات ولم تبق بشكلها التقليدي المتعارف عليه حيث أصبح يستعان في العملية بأشرطة لاصقة مزركشة بالرسومات تثبت على الأيدي وأحيانا على الأرجل ثم توضع الحناء الممزوجة عادة بماء الزهر، فيحول الشريط دون وصول الحناء إلى أماكن معينة لتظهر بعد نزعها أشكال ورسومات دقيقة ورائعة تزيد في صاحبتها رونقا وجمالا. تقول السيدة فتيحة (ربة بيت): وهي من ضروريات لوازم الاحتفال بالعيد وأنا ورثت هذه العادة عن جدتي وأمي كالكثير من النساء وما زلت أحافظ على هذه العادة التي أصبحت بناتي تحافظ عليها أيضا"، وتقول الجدة فاطمة "الحناء حنينة هكذا أوصتنا أمهاتنا فالحناء فأل خير" وتبقى مراسيم ربط الحناء بأجوائها البهيجة أجمل ما يميز هذه العادة الجميلة التي مازالت تعبر عن أفراح الناس وتزين أعيادهم على الرغم من اجتياح العصرنة للكثير من جوانب حياتنا اليومية. إذا أقبلت على صالونات التجميل لنقش الحناء فحذاري!! تعرض الكثير من صاحبات صالونات الحلاقة خدمة تلك النقوش، إلا أن الواقع كشف تداول بعض أنواع الحناء المجهولة المصدر والتي تؤدي إلى مضاعفات صحية وآثار التهاب حاد وطفح جلدي على الأطراف بالنظر إلى طبيعتها ومكوناتها ضف إلى ذلك اعتماد بعض الحلاقات على مواد كيماوية ضارة تزيد من احمرار واسوداد النقوش لجعلها جذابة ومطلوبة أكثر ناهيك عن الاستعمال الواحد للآلات التي ترتكز عليها تلك النقوش التي على الرغم من جاذبيتها لا تبعد بعض الأخطار عن من يطلبنها. وقد كشف الواقع أيضا إصابة بعض الفتيات باضرارا متفاوتة نتيجة استخدام بعض أنواع الحناء السوداء وفي هذا الصدد قالت إحدى المهووسات بنقش الحناء " إنه بالنظر إلى هوسها بالحناء جذبتها تلك النقوش فراحت تتردد على إحدى الصالونات أين كانت تعتمد على نفس الآلات المستعملة في عملية النقش وتمريرها على كافة الزبونات فانتابتها شكوك تأكدت بفعل الطفحات الجلدية التي أصابتها على مستوى اليدين والرجلين مما أدى إلى مسارعتها إلى طبيب جلدي ومنذ ذلك الوقت ابتعدت عن تلك النقوش. وقد أظهرت دراسات حديثة أن غالبية صالونات التجميل تستخدم حناء سوداء سامة، تحتوي على نسب عالية من المواد الكيماوية، تلحق أضرارا بليغة بالكلى، كما أجريت دراسة علمية على الحناء السوداء والحمراء، بهدف قياس تركيز مادة «بي.بي.دي»، أو ما يعرف ب«بارافينيلين ديامين»، الكيماوية السامة في العبوات المستخدمة في صالونات التجميل، وفي السوق عموماً. ووجدت أن معظم تلك العبوات تحتوي على نسب تصل إلى 30٪ من هذه المادة، وهي مرتفعة جداً، لاسيما أنه يسمح باستخدام هذه المادة بنسبة لا تتجاوز 6٪. وأوضحت نفس الدراسات أن هذه المادة تجعل النقوش داكنة اللون، وطويلة الأمد، في حين لا تحتوي العبوات على بطاقة للتعريف بالمحتويات، وإرشاد المستخدم بطريقة الاستخدام، أو التحذير من خطورتها، مؤكدة أنها قد تسبب الحساسية، والفشل الكلوي، وربما الموت أحياناً. وتوصلت إلى أن العاملين في صالونات الحلاقة يضيفون مواد كيماوية تحدث احمراراً في الجلد، مع ظهور فقاعات تشبه الحرق. لذلك وجب على الكل بما فيهم الحلاقات أو الزبونات أو حتى مروجي الحناء التمعن من تسجيل اسم الشركة المستوردة للمواد، وطريقة التخزين، وأسماء المواد، والصلاحية، والمكونات، ففي حال حصول أي خلل وجب سحب تلك المواد من السوق فورا. كما أن إضافة بعض المواد الكيماوية للحناء أمر محظور، بالنظر إلى تأثيراتها السلبية على الجلد.