لا تزال ربات البيوت بباتنة وعلى الرغم من التحول الكبير الذي طرأ على المجتمع يعطين اهتماما كبيرا لربط الحناء على الأيدي في الأعياد والمناسبات وخاصة الدينية منها تعبيرا عن الفرح وتمسكا بعادات وتقاليد الأمهات والجدات. فإلى جانب أفراح الزواج والختان فان الحناء تكون حاضرة خاصة في عيدي الفطر والأضحى وتشكل إحدى العناصر التي تصنع الفرح خاصة لدى الأطفال الصغار إلى جانب ألبسة العيد والحلويات المختلفة. فالإقبال يزداد عادة على شراء هذه المادة التزينية "الضاربة في القدم" وبصورة مكثفة يقول السيد رضا.م بائع بسوق الرحبة العتيق بوسط مدينة باتنة .ففي مثل هذه المناسبات تحرص الكثير من الأمهات على اختيار الأجود في مادة الحناء حتى تكون نتائجها مضمونة خاصة من حيث اللون الذي يفضلن أن يكون أحمرا داكنا مائلا إلى السواد. وإذا كانت بعض النساء تختار الحناء كمادة خام "أوراق" ثم تقوم بطحنها وإضافة بعض المكونات عليها واستخدامها بعد ذلك فإن الكثيرات -يضيف السيد رضا -تفضلن الجاهز منها سواء المحلي أو المجلوب من بعض الدول العربية كاليمن والسودان . أما طريقة ربط الحناء فدخلت عليها الكثير من التغييرات ولم تبق بشكلها التقليدي المتعارف عليه حيث أصبح يستعان في العملية بأشرطة لاصقة مزركشة بالرسومات تثبت على الأيدي وأحيانا على الأرجل ثم توضع الحناء الممزوجة عادة بماء الزهر فيحول الشريط دون وصول الحناء إلى أماكن معينة لتظهر بعد نزعها أشكال ورسومات دقيقة ورائعة تزيد في صاحبتها رونقا وجمالا . وهناك من النساء من تلجأ إلى المحقنة "سوغانق" لترسم على الأيدي والأرجل بهذه المادة على الطريقة السودانية وتبدين مهارة كبيرة في التحكم في هذه التقنية التي ساهمت الفضائيات العربية على التعريف بها ونشرها في السنوات الأخيرة. "الحناء محببة لدينا تقول السيدة فاطمة (ربة بيت)، وهي من ضروريات لوازم الاحتفال بالعيد وأنا ورثت هذه العادة عن جدتي وأمي كالكثير من النساء بمنطقة الأوراس وما زلت أحافظ على هذه العادة التي أصبحت بناتي تحافظ عليها أيضا". كما لا تزال الكثير من العائلات بباتنة إلى حد الآن تضع الحناء في أيدي المولود الجديد سواء أكان بنتا أو ذكرا (لأن الحناء حنينة) تقول الجدة خديجة "هكذا أوصتنا أمهاتنا فالحناء فأل خير على المولود وعائلته". وتبقى مراسيم ربط الحناء بأجوائها البهيجة أجمل ما يميز هذه العادة الجميلة التي مازالت تعبر عن أفراح الناس وتزين أعيادهم على الرغم من اجتياح العصرنة للكثير من جوانب حياتنا اليومية.