لا يزال مشكل نهب الأراضي الفلاحية واستغلالها لاستثمارات منافية للقوانين المعمول بها فيما يتعلق بمنح حق الإمتياز يروج في ولاية بومرداس التي عرفت في الآونة الأخيرة، وبتواطؤ عدة أطراف استنزاف منقطع النظير للأراضي الفلاحية، الأمر الذي أدى بلجنة التجهيز والتهيئة العمرانية وخلال المجلس الشعبي الولائي لبومرداس الدعوة إلى ضرورة البحث عن صيغة قانونية لاسترجاع الوعاء العقاري المستنزف ببلدية الخروبة، لاسيما الأراضي الفلاحية التي استغلها الخواص في أنشطة غير فلاحية، اعتبرتها اللجنة في تقريرها تعديا صارخا على الأملاك العمومية، ولهذا أوصت بإيجاد حلول ملائمة لوضعية المحلات التجارية المبنية داخل سوق الجملة بذات البلدية والعمل على ردع المضاربين في تجارة العقار التي لم تجد الانتعاش في نشاطها التجاري لأسباب مجهولة. كما خلصوا إلى ضبط العديد من النقاط السوداء التي تعيشها البلدية الغنية بالإمكانات السياحية كتواجد غابات الفلين التي يمكن استغلالها في ترقية المناطق الريفية من خلال إنشاء مراكز سياحية أو هياكل للصناعة ومنها صناعة تحويل الخشب، بالإضافة إلى المحاجر التي تأسفت اللجنة على مداخيلها الجبائية التي تذهب في مهب الريح، إذ تستفيد منها ولاية الجزائر دون ضخها في خزينة البلدية. وجاء في التقرير أن بلدية الخروبة وبالرغم من طابعها الفلاحي إلا أن 99 بالمائة من أراضيها تحوّلت إلى إسمنت مسلح بعد نهب مساحات واسعة من أراضيها الفلاحية واستنزاف وعائها العقاري. وساءلت اللجنة عن سر صمت الوصاية والسلطات الولائية وغياب القانون في ظل تحويل مستثمرات فلاحية جماعية إلى مستودعات للرمال مثلما هو الحال بالمستثمرة الفلاحية مزرعة قنديل، التي استعمل أصحابها مساحة 4 هكتارات كمودع للرمل، رغم أن المزرعة سلمت لأصحابها لأغراض فلاحية، متسائلة لماذا لم ترفع الجهات الوصية دعاوى قضائية على المعتدين؟ وأضافت اللجنة أن المنطقة الصناعية المتواجدة بالبلدية أصبحت على شكل تجزئة محاطة بالسياج، فيما بقيت العديد من قطع الأراضي الممنوحة دون بناء، إذ لم تستبعد اللجنة قيام أصحابها بالمضاربة العقارية لهذه القطع الممنوحة التي لازالت لم تستغل من قبل أصحابها. والمشكل لا يقتصر على منطقة الخروبة فحسب، وإنما يشمل كل ولاية بومرداس، بدليل الدعوى القضائية التي رفعها الوالي السابق لولاية بومرداس ضد بعض الأطراف التي تعتلي مكانة في كرسي السلطة، ويتعلق الأمر بمدير الحفظ العقاري لولاية بومرداس ومدير أملاك الدولة بنفس الولاية، وبتواطؤ مع الشركة الخاصة ذات المسؤولية المحدودة “جي.أم. دي. مين” أحد فروع مجمع “لابال” الذين تلاعبوا في قرارات منح حق الإمتياز بخصوص ثلاث قطع أرضية تتربع على مساحة 30 هكتار وتتواجد بإقليم بلدية أولاد موسى، علما أنها كانت قد منحت لفائدة المستثمرتين الجماعيتين بومدين اعمر رقم 1 ورقم 13 في إطار القانون87/19 ، غير أن الجشع والطمع في استغلال ممتلكات الدولة أدى بالأطراف المتهمة إلى انتهاج مختلف السبل الملتوية لاستغلالها في مشاريع خاصة كإنجاز سوق وطني، مخترقين بذلك كل القوانين المعمول بها في المنشور الرئاسي المشترك رقم 43 المؤرخ في 2 سبتمبر 2007 والذي ينص على أن تحويل العقار من الطبيعة الفلاحية إلى عقار مخصص لإنجاز المشاريع الاستثمارية يتم وفقا لشروط وقرارات يصدرها مجلس الوزراء.