تحرص السلطات المحلية للعاصمة على استرجاع كل الأراضي الفلاحية التي حوّلت عن نشاطها الفلاحي وتحولت في ظل غياب الرقابة إلى مجمعات سكنية وأحواش بتواطؤ بين فلاحين وموظفين إداريين بالإضافة إلى رجال أعمال معروفين، وأمام هذا الوضع تفكر وزارة الفلاحة في إعداد خريطة وطنية للأراضي الفلاحية ترتكز على قانون العقار الفلاحي الذي تعده مصالحها بهدف وقف التلاعب بالأراضي الفلاحية في المستقبل، ومن جهتها حددت مصالح مديرية الفلاحة على مستوى ولاية الجزائر تضرر 9 دوائر إدارية من أصل 13 من نهب الأراضي الفلاحية التي قاربت حسب حصيلة أولية 7 آلاف هكتار في الوقت الذي فقد القطاع منذ 1962 ما يساوي 200 ألف هكتار عبر التراب الوطني· دقت مديرية الفلاحة لولاية الجزائر ناقوس الخطر للإسراع في حماية الأراضي الفلاحية المتبقية من "النهب والتحويل" حيث أفضت تحقيقات مفتشي المديرية إلى المطالبة بإسقاط الملكية الفلاحية عن 112 فلاحا ينشطون في إطار التعاقد داخل المستثمرات الفلاحية، حيث تم تسجيل 158 مخالفة عبر 08 دوائر تخص البناءات الفوضوية على الأراضي الفلاحية و59 مخالفة تخص إهمال الأراضي و26 مخالفة تخص تحويل الأراضي الفلاحية عن نشاطها و13 حالة تنازل غير شرعي بالإضافة إلى 19 حالة تخص بعض المخالفات الأخرى مثل تأجير الأراضي الفلاحية· وقد صرّح مدير الفلاحة السيد لعبيدي حمداوي ل "المساء"، بأن أولوية المديرية حاليا هي حماية الأراضي الفلاحية المتوفرة على مستوى العاصمة والتي تقدر ب 45 ألف هكتار، مشيرا إلى أنه منذ سنة 1995 تم اقتطاع عدة هكتارات من الأراضي الفلاحية المتوفرة عبر 9 دوائر بالعاصمة، منها ما حوّل إلى التوسع العمراني بسبب نقص العقار بالعاصمة وإلى المشاريع الكبرى لقطاع الأشغال العمومية بالإضافة إلى الإهمال والتنازل غير الشرعي لعدد من الفلاحين عن الأراضي الفلاحية على مستوى المستثمرات الفلاحية التي يزيد عددها بالعاصمة عن 216 مستثمرة · وفي نفس السياق وبلغة الأرقام أشار المسؤول إلى أنه منذ 1995تم تحويل قرابة 5 آلاف هكتار للتعمير و800 هكتار للطريق السريع شرق غرب و300 هكتار للمشاريع الكبرى، في الوقت الذي قدرت فيه نسبة الأراضي المنهوبة بما يزيد عن 7آلاف هكتار· علما أن الأرقام تخص لجان المراقبة التي نصبتها مديرية الفلاحة منذ أكثر من سنتين، حيث أن هناك تحقيقات موازية في نفس الإطار قامت بها مصالح الدرك الوطني وأهمها قضية تحويل الأراضي الفلاحية بمنطقة بوشاوي، ولم يتوان مصدرنا في تحميل مسؤولية تحويل الأراضي الفلاحية لبعض الفلاحين المتواطئين مع مسؤولين محليين لتزوير أوراق الملكية، حيث استغل هؤلاء الفلاحون غياب الرقابة لبيع ما ليس ملكا لهم بطرق احتيالية، لكن تفطن الوزارة والهيئات الرسمية كان في وقته لاسترجاع ما ضاع من العقار الفلاحي مع وضع ميكانيزمات ردعية من شأنها حماية الأراضي من النهب مستقبلا · كما لمح مدير الفلاحة إلى غياب العقار بالعاصمة وانعكاسات ذلك على القطاع الفلاحي وهو ما دفع السلطات المحلية في وقت سابق إلى توسيع مشاريعها على حساب الأراضي الفلاحية مما أضر بالإنتاج المحلي، كما خلق جوا من التوتر وعدم الاتفاق بين الفلاحين داخل المستثمرة الفلاحية الواحدة بعد أن تم إعادة النظر في مساحات الأراضي الموزعة بين الفلاحين· من جهة أخرى شدد السيد لعبيدي على ضرورة إعطاء صلاحيات أكثر للمراقبين خاصة في قرارات هدم البنايات الفوضوية على الأراضي الفلاحية حيث أنه غالبا ما يتماطل رؤساء البلديات في تنفيذ قرارات الهدم خاصة ببلديات كل من الدرارية، الخرايسية، الدويرة وزرالدة· وفي ذات السياق كشف والي ولاية الجزائر السيد محمد كبير عدو ل "المساء"، أن جل قرارات التهديم كانت بأمره الشخصي بعد عزوف السلطات المحلية عن تنفيذ القرارات لأسباب تبقى مجهولة على حد تعبيره وبالمقابل أكد أن الولاية لن تسلم قرارات الملكية للتجمعات السكنية الفوضوية المشيدة فوق الأراضي الفلاحية وستصر على التهديم بالتنسيق مع مديرية التعمير· ومن جهتها ستفصل محاكم كل من الجزائر والبليدة وبومرداس في أكثر من 200 دعوى قضائية رفعتها كل من مديرية الفلاحة على مستوى العاصمة ومصالح الدرك الوطني لإسقاط حقوق الملكية عن عدد من الفلاحين، لكن طول مدة المحاكمات وإصدار المحضرين القضائيين لتقريراتهم كان وراء تماطل عملية استرجاع الأراضي الفلاحية· ولعل مشكل تحويل العقار الفلاحي لا يمس العاصمة والولايات المجاورة لها لكن كامل التراب الوطني، حيث كشف وزير الفلاحة والتنمية الفلاحية السيد سعيد بركات، أول أمس، عن فقدان 200 ألف هكتار من الأراضي الفلاحية التي حوّلت عن وجهتها منذ 1962، منها ما حوّل للتوسيع الحضري والمشاريع الكبرى كما حول جزء كبير منها بالتحايل إلى مشاريع سكنية للخواص، لذلك قررت الوزارة تخصيص 50 مفتشا يجوبون كل المستثمرات الفلاحية لمراقبة سير العمل بها ويتم رفع دعاوى قضائية عند ثبوت حدوث تزوير أو تحويل عن النشاط· كما استغل ممثل الحكومة الفرصة للإعلان عن الانتهاء من إعداد قانون العقار الفلاحي الذي سيتم تقديمه في القريب العاجل لمجلس الحكومة ثم البرلمان بغرفتيه للمصادقة عليه وهو القانون المدعم لقانون17/89المسير للمستثمرات الفلاحية، ويهدف القانون إلى وضع حد نهائي للتلاعب بالعقار الفلاحي كون الدولة عازمة على عدم التخلي عن أي شبر مستقبلا من الأراضي الفلاحية الصالحة للزراعة في الوقت الذي تم فيه الاتفاق حسب ممثل الحكومة مع باقي الوزارة لتحويل الأراضي الفلاحية الهشة لمشاريعها التوسعية· ويذكر أن مصالح الدرك الوطني انتهت من تحقيقاتها حول تحويل الأراضي الفلاحية عن نشاطها سنة 2006، وذلك بأمر من رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة الصادر في شهر فيفري 2005، حيث سجل 2520 تحقيقا بولايات الوسط و5872 بولايات الغرب و7237 بولايات الشرق·