نحتفل في يوم الفاتح من نوفمبر بذكرى اندلاع الثورة التحريرية المجيدة بعد مضي 57 سنة عليها، فنتذكر شهداءنا الأبرار الذين دفعوا الغالي والنفيس فيها، من أجل أن ينعم الوطن بالحرية والاستقلال، ولمعرفة مدى إلمام الجيل الصاعد بهذا اليوم، ارتأينا النزول إلى الشارع لنعرف أكثر عنه وماذا يمثل لهم. أول شيء لفت انتباهنا أثناء إجراء «السلام اليوم» لهذا الاستطلاع، لبعض تلاميذ ابتدائية «محمد بوراس» بعين النعجة، وأيضا لعدد معتبر من طلبة الثانوية «سعيد لمية» المجاورة لها، وبنفس المنطقة، في الوهلة الأولى، هو حديثهم عن عطلة أول نوفمبر، ولولا تعمقنا في الحديث معهم لقلنا أن بعض أفراد الجيل الصاعد ورجال الغد لا يعلمون شيئا عن تاريخهم، إلا أنهم أكدوا لنا أن هذا اليوم سيبقى راسخا في قلوبهم و أيضا الروح الوطنية مازالت راسخة في أذهانهم وليسوا من أولئك الشباب الذي ينسى قيم نوفمبر وأنهم لن يتخلوا عنها وعن بطولاتها. وعلى الرغم من أن أغلبيتهم لا يعرفون الكثير عن هذا اليوم، وعن الثورة التحريرية في نقاطها الدقيقة والصغيرة، إلا أنهم متمكنون من بعض النقاط الأساسية والكبيرة التي تجعل كل واحد منا يعرف التفاصيل المهمة عن الثورة التحريرية الكبرى. «محمد» 17 سنة، طالب بالثانوية، يرى أن هذا التاريخ هو البوابة الرئيسية لاندلاع الثورة فيقول: «هذا اليوم هو يوم اندلاع الثورة التحريرية، فبعد دخول المستعمر إلى الجزائر منذ 1830م، كانت هناك مقاومات مسلحة من طرف الشعب الجزائري، لكن سنة 1919م كانت بداية الكفاح السياسي الذي استمر إلى غاية بداية الثورة التحريرية التي اندلعت في اليوم الأول من نوفمبر 1954م». ويضيف زميله «أسامة» قائلا : «أعلم انه اجتمع القادة الستة بحي «لابوانت « بالعاصمة في 10 أكتوبر 1954، أين تم تقسيم الجزائر إلى خمس ولايات وتعيين قادتها حسب المناطق الخمس مصطفى بن بولعيد، ديدوش مراد، كريم بلقاسم، رابح بيطاط، العربي بن مهيدي، وحددت بعد ذلك جبهة التحرير الوطني بيان أول نوفمبر أو كما يسميه البعض نداء نوفمبر 1 /11 / 1954». وفي نفس السياق، فقد أشارت «كريمة» إلى «أن جبهة التحرير الوطني اختارت يوم الفاتح من نوفمبر، لأنه يصادف عيد القديسين عند الفرنسيين وهو أحسن فرصة لنا في بداية الثورة وهم مشغولون باحتفالهم وتقديسهم لهذا اليوم». أما «نعيمة» فهي ترى أن هذا اليوم قد جاء عندما تأكدت جبهة التحرير والشعب الجزائري في تلك الفترة بأن ما أخذ بالقوة لا يسترجع إلا بالقوة وأن المستعمر الغاشم لا يعترف إلا بقوة النار والثورة وليست المقاومات الشعبية، لهذا دفعهم إلى التجمع والتوحد عبر كافة التراب الوطني وإعلان هذا اليوم بأنه بداية للثورة التحريرية بكاملها وليس لمقاومة واحدة، كما كان سائدا أنذاك». وأما زميلها «كريم» في الدراسة فيقول عن هذا اليوم «هو تاريخ مجد وعزة الشعب الجزائري أبد الدهر، تاريخ الجزائر المعروف على مر العصور، لا يمكن نسيانه، فمن خلاله أوصل الشعب الجزائري صوته للعالم بكامله، هو يوم ثورة خططت لها جبهة التحرير، وقام بها كامل الشعب وليس المجاهدين فقط، بل الكل من الصغير إلى الكبير، نساء، رجال، شيوخ، عجائز، وحتى الأطفال». وفي السياق ذاته يقول «سليم» أيضا أن: «أول نوفمبر ليس اندلاع الثورة التحريرية فقط حسب اعتقادي، لأنه أيضا هو كان بداية التصميم على إخراج المستعمر الغاشم من وطننا، باعتباره اليوم الذي بعث اليقين والأمل في الشعب الجزائري». ولمعرفة مدى إلمام تلاميذ المدارس الابتدائية بتاريخ الثورة التحريرية اقتربنا من بعضهم، في حين أجمع الكثير منهم على أنهم غير ملمين جيدا بتاريخ الثورة المجيدة، إلا أنهم متيقنون بأن يوم الفاتح من نوفمبر هو يوم بداية الثورة التحريرية المظفرة. في حين أكد «جمال» موظف بمؤسسة خاصة التقينا به أمام باب الابتدائية، كان يصطحب ابنه الذي يدرس بالسنة الأولى، أن علينا مواصلة طريق أجدادنا وأن نغتنم هذه الأيام التي تذكرنا بهم في العمل على تحسين وتطوير بلدنا، و ليس في تراجعها.