كان الكاتب الكولومبي غابرييل غارسيا ماركيز قد بعث خلاصة لقصة كوميدية بعنوان: “سهلة للغاية حتى الرجال قادرون عليها”، إلى المخرج الإسباني لويس بونويل، لتحويلها إلى شريطٍ فيلمي. لكن الأخير لم يفعل شيئاً حيالها، ووضعها جانباً ليطوي مع مرور الزمن، على حلم قديم كان مؤلف”مائة عام من العزلة” في غاية الشوق لبعثه سينمائياً مع المخرج الإسباني. عمل فني كوميدي يجمع كل من لويس بونويل وغابرييل غارسيا ماركيز سويةٍ، هذا الحلم الذي كان يتمناه كل من عشق السينما في أوائل الستينات، في أن يراه وقد تحول إلى واقع، حلم كان على وشك أن يتحقق، كما أفادت به صحيفة “الباييس” الإسبانية. كان غارسيا ماركيز في بداية حياته الأدبية، ولم يكن قد كتب سوى”عاصفة الأوراق 1955” و«ليس للكولونيل من يكاتبه 1961”، وبعض القصص القصيرة والمقالات التي كان ينشرها في مجلة “لا مالا أورا”، عندما أرسل خلاصة قصته الكوميدية هذه إلى السينمائي المعروف، والمقيم حينها في المكسيك والذي كان في أوج شهرته. وإسم بونويل كان قد انطلق بقوة في عالم الفن السابع. وكان يعيش منفياً في المكسيك، البلد الأكثر سريالية في العالم والذي أعطى حرية مطلقة للسينمائيين لاختيار ما يرونه مناسباً لهم، من دون قيودٍ أو شروط، طبقاً لصديقه أندريه بريتون. ولا تزال النسخة غير المنشورة من القصة المذكورة، مصحوبة بالإهداء الذي يقول فيه الحائز على جائزة نوبل، “إلى السيد لويس، بكل ود”، موجودة في أرشيف بونويل الذي تشرف عليه، في الوقت الحاضر، مكتبة الأفلام الإسبانية في مدريد. ويقول خافيير إيريرا، أمين المكتبة والخبير في أفلام بونويل السينمائية: “من المحتمل جداً أنهما حاولا العمل سويةً”.كما يبدو أن حلقة الوصل بين بونويل وغارسيا ماركيز، كان كاتب السيناريو لويس الكوريزا، الرجل الوفي لبونويل خلال مدة إقامته في المكسيك. كان الفيلم يتناول قصة مفرحة وسريالية، وبأسلوب في غاية البساطة، وعن حسن نية كان قد أشار ماركيز إلى أن جانيت ريسينفيلد، زوجة لويس الكوريزا يمكن أن تؤدي دور”ليجا” الجميلة في الفيلم. وتتحدث القصة عن ثلاث نساء تربطهن علاقة قرابة، لكنهن لم يتعرفن على بعض. يسافرن إلى العاصمة كل واحدة قادمة من محافظة، على أمل الحصول على الثروة التي يتركها لهن عمهن المتوفي. إلاّ أن أحلامهن تذهب أدراج الرياح، بعد اكتشافهن أن ما سوف يرثنّه ليس في الواقع سوى محطة للوقود تقع في مكان معزول، لا حركة للمواصلات فيه. وقد احتفظ بونويل بالمشروع في أرشيفه، من دون أن يفكر في تحويله إلى فيلم سينمائي. حيث كان في ذلك الحين مشغولاً بتصوير فيلم “الملاك المدمّر”.