يقترح المركز الثقافي الاسباني بالجزائر" سرفانتس" بالتنسيق مع الديوان الوطني للثقافة والإعلام ابتداء من اليوم الثلاثاء بقاعة الموقار بالعاصمة وإلى غاية 13 فيفري الجاري عروض سينمائية ستكون سيكتشف الجمهور من خلالها أهم الأعمال التي أخرجها السينمائي الاسباني لويس بونويل من بينها فيلم "فيريديانا" الذي يعتبر قنبلته الموقوتة ضد الفاشية آنذاك. الأيام السينمائية الاسبانية التي ستحتفي بأعمال المخرج بونويل سيتم من خلالها عرض ستة أفلام الريبرتوار السينمائي لهذا المخرج السينمائي السوريالي الذي عاش عصره بتفرد واسهم في العديد من حركاته الثقافية والفنية والسياسية، الأفلام سيتم عرضها بلغتها الأصلية-الاسبانية- مرافقة بترجمة بالعربية ، ستعرض بمعدل ثلاث حصص في اليوم -14سا،18سا،20سا- وذلك ابتداء من اليوم، حيث ستفتتح العروض بفيلم"فيريديانا" وهو من نوع الدراما، مدة عرضه 90 دقيقة وأنتج سنة 1961. الأفلام الأخرى المبرمجة خلال هذه التظاهرة التي تهدف إلى التعريف بأمجاد السينما الاسبانية هي :" تريستانا"،"حنطور الصحراء"،" الملاك المهلك"،" كلب أندلسي"،" أرض قاحلة". المخرج لويس بونويل ولد في قلندية باسبانيا عام1900 وتوفي عام 1983, امضي فترة من شبابه بين 1917-1925 في مدريد حيث كانت الحركة الأدبية والثقافية والسياسية ناشئة فاجتذبه الجو وحدد له خيارات حياته, وهناك تفتح على المذاهب السياسية وعايش عن قرب الصراع بين الحكم الديكتاتوري والحركة العمالية والنقابية والفوضوية الآخذة بالنمو, مع ولادة الحزب الشيوعي الاسباني وهناك أيضا تعرف على جيل الكتاب العظام أمثال انطونيو ماتشادو ،خوان رامون خيمينيث، وخورخي غيين الذين كانوا معلمين فكريين بالنسبة للجيل الذي ينتمي له بونويل ومنه نذكر لوركا, البرتي والتولا غيرة وخوسيه بيرغامين. وكان من بين صداقات (بونويل) في المدينة الجامعية ثلاثة أشخاص أصبح لديهم تأثير واسع في الإبداع العالمي وهم رفائيل البرتي, غارثيا لوركا, و الفنان التشكيلي سلفادور دالي، حيث توطدت صداقتهم وطبع كل منهم الآخر بميسمه. وبعد قفزته الحاسمة إلى مدريد جاءت رحلته الأهم إلى باريس ففي عام 1925 يشد بونويل رحاله إلى باريس التي كان لها اكبر تأثير عليه كما آثرت على العديد من المبدعين الاسبان وهناك ابتدأت علاقته القريبة مع السينما وابتدأت أفلام ل بايست ومورناو وفريتز لانغ تحرك فيه إحساس أن يصبح سينمائياً وابتدأ بكتابة النقد حول بعض الأفلام إلى أن تمكن من العمل مع المخرج الشهير جان ايبشتاين. وفي مذكراته التي ترجمها المخرج مروان حداد يكتب بونويل: "لو قالوا لي بقي لك من الحياة عشرون يوماً, ماذا تفعل في الساعات الأربع والعشرين من كل يوم من هذه الأيام التي سوف تعيشها؟ لأجبت: اعطوني ساعتين من الحياة الفاعلة وعشرين ساعة من الأحلام شرط أن أتذكرها فيما بعد, لأن الحلم موجود لمجرد الذكرى التي نتعلل بها.." المتتبع لأفلام بونويل يمكنه أن يستنتج عدداً وافراً من المصادر التي أضفت على تلك الأفلام الصبغة السريالية، ولكن الحافز الرئيسي كان الحساسية غير العقلانية كما يبدو من معالجته للصور والمونتاج والصوت، وهذا ما يمنح الأفلام خصائص الحلم، وكانت أكثر صوره تكثيفاً هي التي تثير إما الضحك أو الغموض. لقد آمن بونويل بأن الغموض هو العنصر الأساسي في أي فن، فهو لا ينفصل عن المصادفة، والكون كله شيء غامض... كان بونويل أيضاً هو ذلك السينمائي الذي أطلق عليه البعض -محضر الضبط-. في عام 1928 , وبدعم مادي من والته , تمكن بونويل من تحقيق فيلم "الكلب الأندلسي"بالتعاون مع سلفادور دالي . وكان المراد من هذا الفيلم صدم البورجوازية وانتقاد الفن الطليعي في آن واحد . وقد عبر بونويل في هذا العمل عن رفضه لنزعات الطليعيين الشكلانية وولعهم ب "الخدع " السينمائية على حساب المضمون . وكان نجاح فيلم "كلب أندلسي" حافزا لكي يطلب أحد كبار الممولين من بونويل تقديم فيلم آخر, فسافر بونويل ليلتقي بدالي, حيث أنجزا سيناريو فيلم "العصر الذهبي" الذي عرض في باريس عام 1930, وجاء ترتيبه الثالث بين الأفلام الفرنسية الناطقة, وعلى مدى ستة أيام لقي الفيلم إقبالا واسعا. وعقب احد مهرجانات "كان" تم الاتصال بيونويل ليخرج فيلماً في اسبانيا فكانت قنبلته الموقوتة "فيريديانا" 1961 الذي تسبب في اسبانيا بفضيحة كبيرة بعد أن كان قد حاز في مهرجان كان على السعفة الذهبية, منع في اسبانيا وأقيل المدير العام للسينما لأنه صعد إلى المنصة في (كان) واستلم الجائزة ومنعت الحكومة الاسبانية عرضه , ولكن بونويل استطاع أن يسرق الفيلم بطرق مراوغة من جماعة الرقابة , والفيلم معاد للفاشيين الذين كرههم بونويل واحتقرهم , والذين تحدث عن نظامهم في عمله . وفي المكسيك صور بونويل فيلمه "الملاك المدمر" 1962 . ويعتبر فيلمه "يوميات خادمة" الذي تدور أحداثه في فرنسا الثلاثينيات احد أقوى الأفلام المعادية للفاشية في السينما الغربية . مع انتقاله للاقامةوالعمل في فرنسا , والعيش في أجواء أكثر تحررا وتقبلا لشطحاته الفنية ورؤاه الجمالية , رأى أنه من الممكن العودة إلى صياغاته السوريالية , فبدأت مرحلة جديدة وملونة في حياته الفنية . وقدم خلال عشر سنوات من 1967 إلى 1977 ستة أفلام هي : حسناء النهار- 1967- درب التبان - 1969 - تريستانا - 1970-سحر البورجوازية الخفي - 1972 - . شبح الحرية - 1974 - هذا الشيء الغامض للرغبة - 1977 - . لعبت حياة لويس المتغيرة دوراً رئيسياً مهماً انعكس على أفلامه المدهشة وأصبحت مرجعاً لا بد من الوقوف أمامه لتفسير الأسئلة الكثيرة والمحمومة التي يطرحها هذا العبقري في أفلامه.. والتي ما زالت، رغم مضي ثمانين عاماً أو يزيد على ظهورها.. تفتح لكل متفرج طاقة سحرية، وتدخله إلى حديقة مسحورة.. تعجز عن تصويرها أحياناً خيالات ألفي ليلة وليلة