مهما كان الحب يعبر عن الأحاسيس الرقيقة، والمشاعر الجياشة التي لا يمكن الاستغناء عنها والعيش بدون الحب، فكل واحد منا يحب والديه، إخوته، أصدقاءه، وبعض المحيطين به، لكن عند فقدان الحبيب يتعرض الشخص لصدمات نفسية وقد يحدث له اكتئاب ولا يستطيع أحد إخراجه من هذه المشاكل إلا المختصين النفسانيين، في حين علماء النفس يؤكدون على أن المتعرضين لصدمة الحب العنيف يصابون بأمراض “النفس الجسمانية”، والأطباء يرجعون سبب هذه الصدمة إلى الهرمونات المتواجدة في جسم الإنسان مثل “ فنيل أيسيل أمين” و«أندرو فين”، وهذه الأخيرة عندما تغير نشاطها وحجم وجودها تحدث خللا في نفسية الفرد من جهة، وجسمه من جهة أخرى لترابطهما معا، وفي الأخير هناك دراسة جديدة تؤكد أيضا على أن الحب الشديد ينقص ذاكرة الفرد، وهذا لأن الإنسان المحب غالبا ما يتعرض للنقص الشديد في القدرة على التفكير السليم وعدم التركيز. فمهما كان الحب الذي يشعر به الفرد تجاه أحد الأشخاص قويا أو ضعيفا يبقى دائما يؤثر على نفسيته، خاصة إذا كانت صدمته عنيفة، لأنها تستمر في إيلامه أكثر فأكثر، لذلك تجده يتعرض للعديد من المشاكل النفسية كالاكتئاب وغيرها، كما أعرب “جمال” 33 سنة، في قوله: “أعتقد أن صدمات الحب تؤثر في البداية على نفسية الفرد، فتدخله في حالة اكتئاب وفي بعض الأحيان تتعدى إلى أعراض أخرى مثل اكتئاب شديد وعدم الرغبة في الحياة وأحيانا محاولة الانتحار، وهذا حسب نوع المشكلة المتعرض لها أو إلى غير ذلك من الأسباب الدافعة به إلى هذا الحال”، ويضيف أيضا “وأعتقد أن الحب العنيف هو من أكثر المشاكل والأمراض التي يصعب علاجها بالأدوية، لأنها مرض نفسي وليس جسدي لذلك تحتاج إلى جلسات مع المختصين وأحيانا تكون في المصحات النفسية التي تساعد على التخلص من الصدمات فهي التي تعالج كافة أنواع الاضطرابات النفسية بما فيها هذه الحالات”، كما أكدت هذا “حكيمة” أيضا بقولها: “يتأثر البعض كثيرا من هذه الصدمات ويحدث لهم اضطرابات عديدة خاصة عند فقدان عزيز لديه وليس بالضرورة أن يكون الحبيب فقط، من الممكن أن يكون أبا، أو أما أو أخا أو حتى صديقا مقربا، وفعلا هؤلاء قد يحتاجون إلى علاج نفسي من نوع خاص حتى تمر هذه المرحلة ويعود إلى طبيعته العادية”. وفي نفس السياق، وعلى فكرة العلاج من صدمات الحب، يؤكد الكثير ممن التقت بهم “السلام اليوم” على أن كل من تعرض لحب عنيف أثر على نفسيته، يجدر به زيارة المختصين النفسانيين خصوصا إذا دخل في مرحلة الاكتئاب وزادت في حدتها،كما أشار “نعيم” 27 سنة، إلى وجود مراكز نفسية مخصصة تقدم المساعدة لهذه العينة عندما قال “هناك مراكز مخصصة لاحتضان الأشخاص الذين تعرضوا لصدمات حب عنيفة، وهذا من خلال المشرفين الموجودين بها والذين يركزون على تقديم المشورة والنصيحة لهم حول كيفية التعامل مع الأزمات الشخصية التي يسببها لهم الحب العنيف خصوصا عند فقدان شريك الحياة أو شخص عزيز على القلب من بين الأفراد المحيطين بهم”. يتسبب في أمراض “ النفس الجسمانية” وعلم النفس يعتقد أن أغلب هذه المشاكل التي يتعرض لها الأفراد بعد حب عنيف تؤثر على صحتهم الجسدية بعد ما تأثرت صحتهم النفسية، وهذا ما يعرف بأمراض “النفس الجسمانية” عند الأخصائيين النفسانيين، وتقول “فاطيمة،ب” أخصائية نفسانية في هذه النقطة: “هناك ترابط وثيق بين نفس الفرد وجسده، فهما وحدة واحدة لا يمكن الفصل بينهما، وعند تعرض إحداهما لشيء بالضرورة الأخرى تقوم برد فعل وهذا لحجم الترابط بينهما، وأكثر مثال شائع في هذا الخصوص هو احمرار وجه شخص ما أثناء شعوره بالغضب أو الخجل، وهذا ما نجده عند دراسة الحالة النفسية والجسمية للفرد”، وتضيف أيضا: “هذا النوع من الأمراض يأتي من أسباب نفسية وصراعات وانفعالات وأيضا أزمات اجتماعية وتوترات حضارية، لكن تتخذ أعراضها شكلا جسميا”. ”فنيل أيسيل أمين” و”أندرو فين” أشهر المتسببين وفي السياق ذي الصلة، يرجع الأطباء هذه الصدمات التي يتعرض لها الأفراد جراء الحب العنيف إلى العديد من الهرمونات مثل “فنيل أيسيل أمين” و”أندرو فين” التي تدفع زيادتها أو انخفاض حجمها إلى رد الفعل هذا والذي يقوم به هؤلاء الأشخاص، وهذا على حد تعبير “كريمة،م” طبيبة عامة بمصلحة الطب الجواري لبلدية “جسر قسنطينة” عندما قالت: “سعادة ونشوة لقاء الحبيب تحدث بسبب إفراز مادة كيميائية من طرف المخ تسمى فنيل أيسيل أمين”، وعند انخفاض مستوى إفرازها أو يقل مفعولها خلال فترة معينة من الزمن تسبب زوال الحب، والدخول في فترة الاكتئاب لدى الشخص”، وتؤكد قولها بأن: “عواطف الإنسان، انفعالاته وأحاسيسه هي عملية كيميائية تحدث بسبب التنبيه الذي يصل إلى المخ بواسطة الموجات الكهرومغناطيسية التي تطلقها الحواس الخمس، ليقوم مركز الانفعال الموجود في المخ برد فعل يتمثل في إطلاق إشارات كهربائية إلي أجهزة الجسم للتعبير عن استجابته لتلك المنبهات”، لتشير في الأخير حدثتنا إلى أن هناك أيضا مادة ”أندرو فين ” عند نقصها يحدث الاكتئاب للشخص عندما قالت: “كما أن هناك أيضا مهدئات يفرزها المخ تدعي “ أندرو فين” وهذه الأخيرة مضادة للاكتئاب، في حين أنها تفرز في حالة المشي والرياضة، لذلك ينصح الكثير من المرضى بممارسة الرياضة”. ...والحب العنيف يفقد الذاكرة في حين قد أظهرت آخر دراسة عن الحب ومدى تأثيره على الفرد، أن هذا الأخير له تأثير كبير على ذاكرة الإنسان، لأنه يؤثر على تركيزه وذكائه، من خلال النتائج التي استخلصتها، وهذا لأن الإنسان المحب غالبا ما يتعرض للنقص الشديد في القدرة على التفكير السليم وعدم التركيز، لدرجة أنه يصبح شبيها بمن ذهب عقله أو الذي فقد ذاكرته كاملة، وقد أوضحت الدراسة التي أجراها فريق البحث على الأشخاص الذين أكدوا أنهم عاشوا قصص حب كبيرة، وكذلك لاحظ فريق البحث أن هؤلاء الأشخاص أثناء النظر إلى صور أحبائهم ترتفع نسبة تدفق الدم في المخ في المناطق الأربع نفسها التي يحفزها تعاطي المخدرات وهذا عندما تشبه الدراسة تأثير الحب في المناطق المسؤولة عن الذاكرة والتركيز في المخ بحالات الكسل والخمول التي تصيب تلك المناطق في حال تعاطي المخدرات. إن التأثيرات السلبية التي تحدث للفرد جراء فقدان الحبيب بالنسبة للرجل والمرأة تجعل البعض يتحاشون الوقوع في الحب تجنبا للنتائج الوخيمة نتيجة للفراق، خاصة بالنسبة للأشخاص الذين سبقوا وأن مروا بتجارب مشابهة أو الذين عايشوا تجارب أصدقائهم المريرة وفي هذا الصدد يقول “حسام” إلا أننا يمكن الاستغناء عن الحب الذي يجلب لنا التعاسة عندما يقول: “الحب شي رائع في الوجود وخصوصا في الحياة، وأعتقد أنه ليس هناك فائدة لهذا الحب إذ كان تأثيره سلبيا أكثر من نفعه خصوصا، إذ وصل إلى هذه الدرجة والحب الذي يجلب لصاحبه التعاسة أفضل أن يتخلص منه أحسن من بقائه، وهذا لأننا كبشر نحب أن نكون سعداء وليس العكس”، في حين تأكد “سماح” أن حالة الحب الفاشلة التي مرت بها إحدى قريباتها جعلتها تضع قيودا لمشاعرها حتى لا تتكرر معها الحالة، خاصة وأنها عاشت مع قريبتها تفاصيل معاناتها، حيث تقول “لقد كادت تتعرض للانهيار العصبي، حيث دخلت في حالة اكتئاب وفقدت الثقة في كل من حولها، كما عادت بالسلب على حالتها الصحية وأصيبت بالهزال وغيره من الأمراض ولم تتمكن من تجاوز الصدمة إلا بعد مرور سنوات”.