يتنافس بعض أصحاب حافلات النقل العمومي في الظفر بأكبر عدد ممكن من الركاب في سباقات ماراطونية تهدد حياتهم أحيانا، ليبقى هدف كل واحد تحصيل المال في مشاهد أصبحت تتطلب تدخل السلطات المسؤولة لتنظيمها. ظاهرة بتنا نشاهدها في الكثير من محطات النقل لاسيما عندما يستغل خط واحد أكثر من ناقلين، هنا تزداد حدة المنافسة بينهم، فكل واحد يرغب أن ينطلق من المحطة الرئيسية وهو ممتلئ عن آخره، وإذا لم يتمكن من ذلك، فإن أمامه مجهودا كبيرا من أجل الفوز بالمحطات الثانوية المتبقية، إذ يجب أن يصل إليها قبل غيره للظفر بالركاب المنتظرين بها، وإذا حدث وأن سبقه الناقل الآخر، فهنا يضطر للمكوث في المحطة الواحدة لمدة تتجاوز المدة القانونية والمقدرة ب15 دقيقة في المحطة الرئيسية ما يثير حفيظة المواطنين الذين يضطرون إلى النزول أو البحث عن وسيلة أخرى. هو واقع لا يغيب عند الكثير من مستعملي حافلات النقل العمومي الخاصة، وعن هذه الوضعية يروي لنا أحد الركاب المداومين على التنقل عبر الخط الرابط بين عين النعجة والقبة، أين يتوفر الخط على عدد من الناقلي،ن ما جعل مسألة الظفر بعدد كبير من الركاب أمرا متوقفا على استعمال كل واحد لبعض الحيل، حيث يقول المتحدث: «في بعض الأحيان لا يصعد الحافلة إلا عدد قليل من الركاب وبالكاد تمتلئ كل المقاعد،وفي الوقت الذي يفضل فيه البعض المكوث في المحطة لأطول فترة ممكنة، يجد آخرون أنفسهم مضطرين للانطلاق بمجرد أن يهم أحد قبلهم بالمغادرة، وإن لم يكن يعمل على نفس الخط، لأن مروره بنفس المحطات يجعل الآخر يفقد عددا من الركاب»،يضيف: «ركبت يوما إحدى تلك الحافلات، أين ثار صاحبها غضبا بعد أن شاهد من كان من المفروض أن يأتي بعده قد غادر قبله، ما جعل سائق الحافلة يلحق به بسرعة جنونية، متناسيا أنه يحمل معه عددا من الركاب، وصار يلاحقه من محطة إلى أخرى ،والركاب يصرخون طالبين تخفيض السرعة إلى أن وصل إلى المحطة الثالثة، وهناك حاصره ورفض التزحزح من مكانه نكاية في غريمه ما أدى إلى عرقلة كبيرة في حركة المرور لمدة تزيد عن 20 دقيقة بعد أن نزل كلا السائقين ليتعاركا، ناهيك عن الشتائم التي وجهاها لبعضهما، وفي الوقت الذي انتظر فيه بعض الركاب نهاية المعركة، اضطر آخرون إلى النزول من الحافلة رغم أنهم دفعوا ثمن التذكرة». وعن هذا يقول أحد القابضين: «من المفروض أن لكل واحد من الناقلين دوره في نقل الركاب وعليه احترامه، وليس من المنطقي أن يغادر هو المحطة في حين أن من سبقه لم يغادرها فهو بذلك يؤذيه ويقطع رزقه»، وأشار نفس المتحدث أن المكاتب التابعة لاتحادية الناقلين والمتواجدة في بعض المحطات هي التي يجب عليها التدخل لتنظيم الأدوار ومنع حصول بعض التجاوزات من طرف بعض السائقين ما يبعث على حالة من الفوضى». المشهد نفسه وإن اختلف المتخاصمان، حيث نبقى في نفس المحطة لنرصد تلك السلوكات التي تلازم بعض السائقين، إذ يحترف بعض الناقلين الخواص عملية الترصد التي تكون أحيانا باستعمال الهاتف النقال في نقل أخبار وتحركات الحافلات الأخرى،حيث يؤكد جل الراكبين الذين التقينا بهم أنهم يعانون الأمرين مع بعض السائقين ما يجعلهم يفضلون حافلات النقل التابعة للدولة لكونها منضبطة من حيث مواعيد الانطلاق ومدة التوقف في كل محطة، وإن كان فارق التذكرة قد يصل إلى 10 دنانير، إن هذا الأمر لا يعجب الكثير من الناقلين الخواص الذين يفضلون لعبة القط والفأر، وفي هذا السياق يقول أحد الركاب وهو يروي يوميات الركاب: «في غياب حافلة النقل التابعة للدولة، يضطر السائقون الخواص للبقاء لمدة طويلة تتجاوز 30 دقيقة في المحطة الرئيسية ولا يرضون إلا إذا تجاوز عدد الواقفين عدد الجالسين، ما يجعل بعض المواطنين يضطرون للنزول بمجرد أن تظهر حافلة النقل الأخرى، وفي بعض الأحيان يسعف الحظ السائق في حال امتلاء الحافلة عن آخرها، فهنا ينطلق وهو مرتاح، أما الكارثة هي إذا انطلقت الأخرى قبله، فهنا يستعمل بعضهم سرعة مفرطة ولا يتوقفون في بعض المحطات بغية تجاوزها وإن وجد من يركب أو ينزل». هذا وأكد محدثنا أن الناقلين الخواص يتصلون مع بعضهم البعض للإبلاغ عن مغادرة حافلة النقل العام وبالتالي يحسب كل واحد حسابه قبل أن تصل إلى المحطة حتى يستحوذ على كل الركاب ويغادر المحطة قبل وصولها. والأمر نفسه في محطة أول ماي، حيث تقول لنا إحداهن: «تزداد معاناتنا مع النقل في الفترة المسائية، أين تعرف حركة كثيفة بفعل خروج العمال والطلبة، والجميع يتسابق إلى وسائل النقل قبل حلول الظلام وتناقص عدد الحافلات، وما يزيد الأمر سوءا هي تصرفات بعض السائقين، فنحن مثلا ننتظر لمدة ساعة كاملة في محطة بلكور قبل أن ينطلق، وحين نتنفس الصعداء نتفاجأ بأنه يتجه إلى محطة لا تعنيه ليأخذ بعض الركاب منها ويعود إلى نفس المحطة لنفس الغرض وهكذا دواليك حتى يفقد الركاب صوابهم وتجد الجميع يدق بالنقود على زجاج النوافذ طالبين المغادرة». لا تذاكر عند البعض والجلوس ممنوع للآخرين هذا وعبر بعض المواطنين عن استيائهم الشديد من عدم توفير بعض السائقين للتذاكر التي تعد بمثابة الضمان لهم في حال حدوث أي طارئ، خاصة وأن الجميع يخشى على نفسه أمام موجة الغضب تلك التي تعتري بعض السائقين وتجعلهم يخاطرون بحياتهم وحياة غيرهم، أما الطريف في الأمر هو ما سجلناه على مستوى محطة القبة، فأغلب الناقلين المتوجهين إلى بن عكنون وشوفالي يفرضون على الركاب ممن سينزلون على مستوى محطة «المنظر الجميل» أن يكونوا آخر من يركب الحافلة وإن كانوا أول الوافدين ،فهم مجبرون على التنقل واقفين، والسبب في ذلك هو أن سعر التذكرة بين محطة القبة والمنظر الجميل هو خمسة دنانير، وهو المبلغ الذي يعتبرونه زهيدا. هي يوميات مواطنين يعانون من مشاكل التنقل، لذا يطالبون بتدخل الجهات الوصية لفرض نوع من النظام ومعاقبة المخالفين.