يستعد الروائي والقاص محمد جعفر هذه الأيام لزيارة دولة مصر؛ للاحتفاء بإصداره للطبعة الثانية لروايته “ساحة السلاح”، وهو ما يجعله يخوض تجربة نشر في واحدة من أكثر الدول العربية باعا في مجال الرواية.. تخوض هذه السنة تجربة النشر في المشرق العربي، لتكون بذلك واحدا من كتّاب الرواية القلائل في الجزائر ممن يحظى بالنشر هناك، ألا تخيفك هذه التجربة، خاصة أنك تنشر في مصر، الدولة الأكثر إنتاجا في العالم العربي؟ بصفتك مبدعا أيضا تدرك تماما أبعاد النشر في الجزائر؛ النشر عندنا يخضع لاعتبارات عديدة غير الإجادة وجمال النصوص، كذلك التوزيع، وهذا لا يخدم أي كاتب، فما بالك بالجيل الجديد الذي يحاول أن يشق طريقه وسط دهاليز عفنة! النشر خارج الوطن وخصوصا مع دور وبلدان لها تقاليد في هذا المجال، يعني فرصة أخرى لإثبات الذات، ودعوة أكيدة للانفتاح على كل العالم ومساحة من المقروئية لن تحدها في الجزائر. أنت تتحدث وكأن ثمة ما تحمله على النشر في الجزائر، هل هذا من منطلق تجربتك الأولى في نشر روايتك “ساحة السلاح”؟ طبعا. في الغالب تتلخص أفكارنا من تجربتنا الخاصة، فجأة تكتشف أنك تتعامل مع دور نشر ينتهي عقدها معك بمجرد طبع الكتاب (وغالبا ما يظهر في شكل لا يليق!)؛ لا تحفل بالترويج له، ولا تدعمك. يسألك أصدقاؤك ومحبوك أين يمكنهم الحصول على عملك، فتحتار ولا تجد ما تقول! وعلى فكرة، هذا الأمر لا يخصني أنا وحدي، ولقد وقع ضحيته مبدعون لهم وزن؛ وكأننا نخضع لعملية ابتزاز رخيضة! ثم بربّك كم عدد دور النشر في الجزائر، القادرة على التوزيع خارج الوطن؟!.. أنا هنا لا أتحامل بقدر ما أكشف حقيقة يدركها الجميع. ومع ذلك فيبدو أنك لم تفقد الأمل تماما؛ بدليل أنك تستعد لإصدار مجموعة قصصية مع دار نشر جزائرية، حدّثنا عن المشروع. “طقوس امرأة لا تنام” مجموعة قصصية تتشكل من عشر قصص تتراوح بين الطول والقصر. وقصة “عودة الزمن المنسي” قصة مطولة تجاوزت الأربعين صفحة، كم وددت لو قُدّر لها أن تكون في كتاب مستقل. ولأجل هذه المجموعة حاولت أن أتعامل مع دار نشر جديدة تديرها سيدة مبدعة تفهم كثيرا في الأدب، ولقد وجدت كل الدعم منها، ثم إن لك محبيك وقراءك في بلدك الأصلي، ويجب ألا تلغيهم، فهم السند والدعم. طيب، يعني هذا أنك ستتواجد في الموسم الأدبي القادم بعملين؛ الأول ستحتفي به في القاهرة قريبا، والثاني في الجزائر، يمكن أن نقول إنها عودة قوية لساحة الأدب، خاصة أنها تنتعش بأصوات جديدة أثبتت جدارتها على غرار بشير مفتي، الذي يدخل القائمة القصيرة للبوكر، ما رأيك؟ أعتقد أن الساحة الأدبية الجزائرية تشهد حاليا قفزة نوعية وجادة جديرة بالتنويه والمتابعة، وما دخول الأستاذ بشير مفتي القائمة القصيرة للبوكر وما دخولك أنت القائمة الطويلة من قبل إلا خير دليل على نجاح التجربة الإبداعية عند جيل الشباب، وعلى أمل أن يلقى هذا الجيل الدعم والسند من الجيل السابق ومن القائمين على حقل الثقافة والإبداع عندنا وإن كنت أشك في ذلك، فماتزال الأسماء الكبيرة تدعي سلطة وهمية على الأدب الجزائري، كما أنها لا تعمل شيئا للتنويه بتجربة الشباب؛ وكأنها الخطر الذي يداهمها! هل تعتقد حقا بوجود ما يسمى اليوم “الرواية الجديدة” في الجزائر، أم أنها ليست إلا رواية يكتبها الشباب فحسب؟ إذا لم يغبط الآخرون تجربتنا وتعاموا على التنويه والإشادة بها، فليس معناه شيئا؛ يجب ألا نكون مجحفين في حق أنفسنا. ما نقدمه أدب جديد ورائع يلقى رواجا وصدى طيبا في المحافل الدولية، وإن دلّ هذا على شيء فعلى صدق التجربة وعمقها وتجاوزها لما هو موجود ومكرس. تجرية الجيل الجديد تجربة رائدة ومنفتحة، وتكاد تتجاوز ما كان متعارفا عليه عندنا، وما على هذا الجيل إلا أن يدافع على نفسه وعلى مكاسبه على الساحة، خصوصا أن لا أحد هنا ليمنحك شيئا مجانا. قريبا ستزور القاهرة للترويج لروايتك “ساحة السلاح”، ماذا تقول لنا عن هذه الزيارة؟ تمنيت هذه الرحلة قبل اليوم، وعندما وجهت لي دار النشر دعوة بمناسبة معرض القاهرة الدولي وجدتني أرحب بها. أظنها تجربة جديدة ورحلة للاستكشاف ومحاولة لتحقيق بُعد آخر في الرؤية، كل ذلك، لا محالة، سيمكّنني من معرفة مسار خطواتي مستقبلا. شكرا أن منحتَ قراء “السلام” فرصة لمعرفة جديدك. والشكر كله للجريدة، التي حققت لنا متنفسا جديدا وجادا يحفل بالإبداع والمبدعين.