سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
احتفالات المولد النبوي الشريف تمزج بين الذكر وترتيل القرآن والمحافظة على العادات رغم انتشار بعض المظاهر السلبية التي ارتبطت بالمناسبة في السنوات الأخيرة
تحتفل الكثير من العائلات الجزائرية من مختلف ربوع الوطن بحلول ذكرى المولد النبوي الشريف, وتختلف هذه الاحتفالات في شكلها من منطقة لأخرى, ولكن طابعها يبقى واحدا, فكل عائلة تصر على تحضير كل ما هو تقليدي من أطباق وحلويات وغيرها حتى تمنح المناسبة نكهتها الخاصة, ناهيك عن الاحتفالات الدينية التي تقام في المساجد؛ بتلاوة القرآن ومسابقات حفظه والتذكير بخصال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم. عائلات تقتني لوازم الاحتفال قبل أيام من حلول المولد تحتفل العائلات بذكرى مولد المصطفى عليه الصلاة والسلام في ليلة 12 من ربيع الأول من كل سنة. وتحضّر الأسر مستلزمات هذه المناسبة الدينية. وقد أصبح اقتناء المفرقعات والألعاب النارية عادة جديدة يتمسك بها الجيل الجديد, إلا أن هناك العديد من العائلات المحافظة مازالت تتمسك بتقاليدها وعاداتها في هذه المناسبة. تقوم العديد من العائلات بتحضير مستلزمات هذه المناسبة من شموع ومفرقعات بالإضافة إلى متطلبات الأطباق التقليدية؛ من لحوم بيضاء وحمراء وخضار ومكسرات. ويستغل العديد من التجار هذه المناسبة لتحقيق أكبر نسبة من الأرباح. وتنتشر طاولات بيع المفرقعات والشماريخ والشموع بمختلف أنواعها وأشكالها لكثرة الطلب عليها من الأطفال والشباب. وأصبح شراء المفرقعات التي يعتبرها الكثيرون أجمل ما في الاحتفال في ليلة المولد, عادة لا بد منها؛ ففي كل سنة تتلبد السماء بالدخان, وتختلط الروائح بين البارود والعنبر والبخور, فتتحول تلك الأحياء التي عادة ما تكون في هذا الوقت نائمة إلى ساحة للمعارك؛ فصوت الانفجارات المدوية لن ينقطع طيلة الليل وأهازيج الشباب وصراخهم؛ بسبب تراشقهم بالمفرقعات بعد انقسامهم إلى أفواج قصد التسلية وتحقيق المتعة رغم ما تحمله هذه التصرفات من مخاطر. ولمعرفة مدى استعداد العائلات لهذه المناسبة قمنا بزيارة أحد أسواق العاصمة, وحاورنا بعض العائلات؛ تقول السيدة جميلة: «أنا أحرص على شراء الدجاج والخضار قبل حلول المولد بخمسة أيام؛ لأني أخاف أن تنفد مع حلول المولد؛ فالأسواق تكون مزدحمة, وأنا أشتري أيضا المكسرات والدقيق والعسل لتحضير الطمينة, بالإضافة إلى طبق الرشتة بالدجاج المشهور في العاصمة». أما السيد جمال فيقول: «أنا أشتري لأولادي الشموع بمختلف الألوان بالإضافة إلى المفرقعات والنوالات لإدخال الفرحة عليهم, ونحن نحتفل كل سنة بهذه المناسبة. وفي بيتنا نطبخ طبق السكسو بالخضر واللحم؛ لأننا عائلة قبائلية, ودائما أشتري لزوجتي جميع متطلبات أطباق هذه المناسبة مسبقا بثلاثة أيام», في حين تقول السيدة فايزة: «أنا أحضّر حلويات في هذه المناسبة كالمقروط والطمينة كفأل للمولد, وأشتري المكسرات والشاي ومستلزمات الطبق التقليدي, وأنظف البيت لأنني أحرص على لمّ جميع العائلة في بيتي, وأحضّر لسهرة كبيرة, تحكي فيها أمي كيف كنا نحتفل من قبل بالمولد أنا وإخوتي». وتقول السيدة نادية: «أنا أحضّر الرشتة في المنزل قبل يوم من حلول المولد؛ لأني لا أحب اقتناءها من السوق, و»نحمّص» الدقيق لتحضير الطمينة صبيحة المولد, وأزيّنها بالمكسرات مثلما تفعل كل الجزائريات حين يحتفلن «بسبوع» مولود جديد, بالإضافة إلى أني أقوم بشراء الحنة لتحنية بناتي للتفاؤل بهذا اليوم». وهناك من الجيل الجديد من الشباب من يفضّل الاحتفال بهذه المناسبة بعادات جديدة بعيدا عن الجو العائلي. وقد التقينا ببعض الشباب لمعرفة طرق الاحتفال بهذه المناسبة عندهم, يقول سمير: «أشتري المفرقعات بمختلف أنواعها. وفي ليلة المولد نذهب أنا وأصدقائي في موكب بسياراتنا, ونمسك بالشماريخ الملونة, ونفجر جميع المفرقعات. وعند انتهاء الليلة نزيّن السماء بمختلف الألوان «بليفيزي», وننسى جميع مشاكلنا في هذا اليوم؛ لأننا نحتفل به مرة فقط كل سنة». أما أمين فيقول: «أخرج في ليلة المولد بعد العشاء العائلي وأجتمع مع أصدقائي ونحضّر لسهرة كبيرة, نشتري فيها المكسرات والشاي الأخضر, ونفجّر فيها أنواعا مختلفة من المفرقعات كالشيطانة ودوبل كانون». ومن جهة أخرى, هناك من الشباب الملتزم دينيا من يرى أن تفجير المفرقعات محرم؛ يقول خباب وهو طالب في جامعة الشريعة الإسلامية: «إن الاحتفال بالمولد النبوي محبب للاقتداء بأخلاق النبي عليه الصلاة والسلام ولتعليم الأطفال السنّة المحمدية, ولكن أنا لا أشتري المفرقعات؛ لأن فيها تبذيرا للأموال وتسبب أضرارا كثيرة؛ فأنا أفضّل الاحتفال بالمناسبة بالاستماع إلى المدائح النبوية وقراءة كتب السيرة وأخلاق النبي عليه الصلاة والسلام, في حين هناك من يرى أن الاحتفال فيه مبالغة, وهناك من العائلات الميسورة من لا يقدر على الاحتفال بهذه المناسبة لارتفاع الأسعار. وفي هذا السياق يقول السيد جمال وهو طبيب: «إن العائلات أصبحت تبذر أموالها في أشياء مضرة بالأطفال؛ بشرائها المفرقعات, وهي تريد إدخال الفرحة على أطفالها ولكنها لا تعرف المخاطر التي قد تلحق بهم دون قصد. وتشهد المستشفيات حالات كثيرة لأطفال يصابون بجروح خطيرة في العين وحروق جلدية وغيرها, وأنا أجد أن طرق الاحتفال أصبح مبالغا فيها». أما السيد بوعلام فيقول: «أنا أحتفل بالمولد مع عائلتي كل سنة حسب مقدرتي, ونطبخ عادة طبق الكسكسي بالخضار, فالأسواق أصبحت مزدحمة مع اقتراب المولد, وأجد الوقوف في طابور طويل في القصابات من أجل شراء اللحم أو الدجاج شيئا مبالغا فيه, بالإضافة إلى أن العديد من التجار يستغلون إقبال الكثير من المواطنين على مستلزمات الأطباق التقليدية ويرفعون الأسعار, وهذا أمر مبالَغ فيه».