تعج طاولات الأسواق في قلب العاصمة بمختلف أنواع الشموع والعطور وعلى رأسها العنبر وكذا المفرقعات والألعاب النارية التي غزت الأزقة وملأت أيادي الصغار·· حيث تتهافت العائلات على الأسواق لشراء حاجيات ليلة المولد النبوي الشريف التي تحظى بمكانة هامة كونها ذكرى مولد أشرف خلق الله· رغم شساعة التراب الجزائري، إلا أن الكثير من المناطق تتفق حول احتفالية ليلة المولد النبوي، حيث تحرص النساء على تحضير طبق الرشتة بالدجاج والحرور أو طبق الكسكسي بالمرق الأبيض أو الطبق الثالث المسمى "قطع وأرم "، هذه الأطباق التقليدية التي رافقت الأسر الجزائرية لسنوات تصنع بهجة الاحتفال بالليلة المباركة حسب التقاليد، كما أنها فرصة ذهبية لاجتماع كل أفراد الأسرة في بيت واحد في أجواء من الود والصفاء الروحي الذي يطبعه الحديث عن المصطفى وخصاله الحميدة، حيث تحرص الكثير من العائلات على توضيح أسرار هذا الاجتماع الأسري وهذه "القعدة" التي تشبه الأفراح بالشرح الوافي أو الطفيف حسب المعلومات المتوفرة لدى الآباء أو الأجداد الذين يروون بأمانة حكاية الرسالة المحمدية وجذور الدين الذي أخرج البشرية من الظلمات إلى النور وأعطى كل ذي حق حقه· وغالبا ما يفتح النقاش أمام صينية الشاي التي تعتبر تقليدا اجتماعيا مصحوبة بصحن الرفيس أو الطمينة، وهي حلويات المناسبة أيضا والمزينة بحبات الدراجي المختلفة الألوان· كما تدعم البرامج التلفزيونية الكثيفة مجموع المعارف المتواجدة لدى الأجيال من خلال الحصص الدينية المتبوعة بالنقاش والتي تروي بطولات المسلمين وكفاح الأمين في سبيل ايصال الرسالة التي وضعها الله عز وجل بين يديه الأمينتين ولا يزال مسلسل الرسالة للمخرج الكبير "العقاد" من أجمل الأعمال السينمائية على الإطلاق التي تروي بأمانة سيرة سيد الخلق محمد ابن عبد الله، حيث أجمع من شاهدوه على أنه من أجمل الأفلام على الإطلاق وأن المرء يمكنه مشاهدته مرات عديدة دون أن يشعر بالملل· إشعال المفرقعات و"الدوبل بومب" والألعاب النارية وهي ما يشغل فكر المراهقين الذين يجدون في اشعال كم هائل من المفرقعات فرصة للترفيه عن أنفسهم، لكن للأسف غالبا ما تسبب المفرقعات مشاكل صحية وحتى مادية، حيث يزور كم هائل من الأطفال الصغار المستشفيات في صبيحة المولد أو في الليلة ذاتها، وتكتسي الدموع الخدود بدل الابتسامة إذ غالبا ما تكون العيون أكثر أجزاء الجسم ضررا· ويشكو الكثير من أصحاب السيارات من تحطم الزجاج الأمامي لسياراتهم بسبب قذف المفرقعات عليها وهو الأمر الذي يجعل صاحب السيارة في مواجهة خسارة مادية مختلفة بين 20.000دج و50.000دج حسب نوعية زجاج السيارة· وأكد لنا السيد أحمد، وهو رب أسرة، أنه أقنع أبناءه بأن المناسبة لتذكر خصال المصطفى والمضي على دربه للفلاح في الدنيا والآخرة وأنه لم يعد يقتني المفرقعات مثل السابق بعدما شاهد أضرارها ويكتفي بشراء الشموع والعنبر لتعطير البيت مع بعض علب "النوالات" التي لا تشكل خطرا على مستعمليها·