تشكو بعض الإقامات الجامعية، الكليات والمعاهد الواقعة بولاية بومرداس جملة من المشاكل التي يصعب حلها دون التدخل الجدي والسريع للسلطات المعنية للتكفل بالأمر، بدءا بمستوى الخدمات إلى غاية بروز بعض الممارسات غير الأخلاقية وسط الحرم الجامعي البومرداسي، حيث وجد القائمون على هذا المعلم التعليمي أنفسهم مجبرين على مواجهة كل التحديات التي تعترض سبيلهم، من أجل السماح للأساتذة بأداء رسالتهم التربوية الهادفة بعيدا كل البعد عن كل الظواهر الدخيلة والغربية التي بدأت تجتاح المجتمع والجامعة. جهود حثيثة لإعادة الاعتبار لمختلف الجامعات والإقامات الجامعية ببومرداس وتوخيا للموضوعية فإن العينة المختارة تقتصر على بعض معالم الجامعة على مستوى بومرداس المعروفة باكتظاظها وكثرة الطلب على كلياتها، فضلا عن احتوائها على تخصصات غير موجودة في جامعات أخرى، مما يعنى أن ظروف وحيثيات التعلم الجامعي في بومرداس كغيرها في مناطق أخرى من البلاد، كما أن درجة المظاهر المرصودة في التحقيق تختلف هي أيضا باختلاف جامعات ومناطق البلاد، للمعطيات السوسيولوجية والاقتصادية لكل منطقة. بعد ما كان الحرم الجامعي البومرداسي لسنوات عديدة مكانا آمنا وقطبا لطلب العلم والمعرفة بالرغم من جملة النقائص التي كانت تعترض سبيله والمتمثلة بالخصوص في تدني بعض الخدمات الجامعية المقدمة، ها هو اليوم يتحول جزء منه إلى مكان لارتكاب الجريمة وممارسة الأفعال المخلة بالحياء وتعاطي المخدرات والحبوب المهلوسة وكل ما يخطر على بال إنسان غير واع وغير مسؤول. تراوح مستوى الخدمات الجامعية ومعادلة الرقي بالتحصيل العلمي أكد جل الطلبة الجامعيين الذين يزاولون تعليمهم بكليات ومعاهد بومرداس أثناء لقائهم “بالسلام” التدني في مستوى الخدمات المقدمة لهم، هذا المشكل الذي يسميه الكثير منهم بالمشكل الأزلي الذي عانى ومازال يعاني منه الكثير من طلبة كليات وإقامات بومرداس، ولتسليط الضوء أكثر على هذا المشكل، ارتأت جريدة “السلام” إثارته من خلال هذا التحقيق الذي يكشف جملة من المشاكل والظواهر الصعبة التي باتت تهدد كيان واستقرار الوسط الجامعي، وحتى يتحلى عملنا بالشفافية اللازمة وبالمصداقية المفروضة، قمنا بالتنقل إلى بعض المعاهد والكليات وكذا بعض الإقامات الجامعية. وجهتنا الأولى، كانت الإقامة الجامعية للبنات ببومرداس، هذه الأخيرة تشكو من جملة من النقائص العديدة من حيث الخدمات، فالأسرّة غير صالحة للنوم والأغطية أكل الدهر عليها وشرب، أما حنفيات الماء فهي جافة بالرغم من وجود البعض منها في أجنحة وغرف دون أخرى... إلخ من المشاكل التي تتخبط فيها الطالبات المقيمات هناك، على غرار انعدام النظافة على مستوى الأجنحة ودورات المياه وفوضى بالمطاعم وتدني الوجبات المقدمة، وسوء النظام داخل هذه الإقامة المشهورة التي تستقطب الكثير من الطالبات القادمات من مختلف أنحاء الوطن وحتى من خارج الوطن. طوابير غير متناهية... والنظافة في قفص الاتهام اشتكت أغلبية الطالبات المقيمات بالحي الجامعي ببومرداس من الشجارات والمناوشات التي غالبا ما تحدث بين الطالبات وسط طوابير كبيرة ولا متناهية، من أجل الظفر بما وصفنه بوجبات قد تضر بصحة الطالب أكثر مما تنفعه، بسبب ما أسموه بقلة النظافة على مستوى المطاعم التي تعج في غالب الأحيان بالكثير من القطط، والقذارة ومخلفات الأكل. وحسب تصريحات بعض الطالبات أمثال “سهام” و«فريال” طالبتين بجامعة أمحمد بوقرة، فإن القاذورات بمختلف أشكالها استوطنت المطاعم الجامعية التي تفتقد للنظافة، بالرغم من وجود ميزانية مالية معتبرة تخصصها وزارة التعليم العالي لها. هذا الكلام أكدته أيضا الطالبة “سامية” المقيمة بالحي الجامعي للبنات ببومرداس والتي قالت “لا أدري ما فائدة وجود منظفات ومواد التنظيف على مستوى المطاعم، مادامت النظافة غير موجودة”. من ناحية أخرى أعربت “جميلة” زميلتها بالحي عن استيائها الشديد لانعدام النظافة على مستوى طاولات الأكل، التي من المفروض أن تكون نظيفة ونقية حتى يتسنى لهن الأكل بأمان ودون خوف من الإصابة بالتسممات الغذائية التي تتعرض لها الكثير من الطالبات بسبب نوعية الوجبات. بعض الطالبات أكدن أن انعدام النظافة لا يكمن فقط في القائمين على مطبخ الحي الجامعي من طباخين أو منظفين، لكنه تفشى وبكثرة بين الطالبات اللواتي كان من المفروض عليهن حسب ذات المتحدثة أن يتحلين بصفات حسنة. ولعل أكثر ما يزعج الطلبة الجامعيين عموما هي تلك الطوابير غير المتناهية في مقابل حصولهم على وجبات غير صحية وفقا لما يقولون. الطلبة يحمّلون ديوان الخدمات الجامعية المسؤولية حمّل طلبة بومرداس مسؤولية تدني الخدمات في الإقامات والأحياء الجامعية، للديوان الوطني للخدمات الجامعية، هذا الأخير الذي بات بعض مسؤوليه مقصرين في أداء مهامهم، حسب ما جاء على لسان الطلبة الذين قالوا أنهم يحملون المسؤولية الكاملة لمسؤولي الديوان الوطني للخدمات الجامعية، هؤلاء الذين قصروا في خدمة الطالب الجامعي. من ناحية أخرى، أرجع محدثونا سبب تدني الخدمات إلى عجز الديوان الوطني للخدمات الجامعية عن تسيير هذا القطاع الحساس الذي رصدت له الدولة ميزانية مالية ضخمة. ...وللاكتظاظ حكاية أخرى كما حمل ذات المتحدثين مسؤولية تدني الخدمات والمظاهر الأخلاقية التي تحدث وسط الإقامات والأحياء الجامعية للمشرفين من مسؤولين ومديري الإقامات الذين لا يقومون بالمهام المخولةإلهم نظرا للاكتظاظ الحاصل وسط الإقامات الواقعة ببومرداس، بسبب كثرة الطلبة الوافدين على هذه الولاية الساحلية، ضاربا بذلك أمثلة ببعض الإقامات التي تعيش اكتظاظا رهيبا في عدد الطالبات، أين تتقاسم 8 طالبات غرفة واحدة كالإقامة الجامعية للبنات ببومرداس وبودواو. وفي هذا الإطار دعا الطلبة إلى ضرورة تحسين الخدمات الجامعية حتى يتسنى لهم التركيز في طلب العلم الذي قدموا من أجله، كما دعوا من جهة أخرى القيام بعمليات تحسيسية وسط الإقامات الجامعية للحد من المظاهر السلبية التي تحدث وسطها. انتشار آفة المخدرات بين أوساط الطالبات وفي هذا الصدد، وإن كان مشكل تدني الخدمات يمس بالدرجة الأولى الطلبة والطالبات الذين حاولوا التصدي له برفع شكاوى إلى الجهات المعنية، فإن بعض المشاكل الأخلاقية وجدت من تصدى لها، فالقائمون على القطاع حاولوا بشتى الوسائل والطرق الحد من تلك التصرفات غير المسؤولة، وأتت تعليمة وزير التعليم العالي والبحث العلمي كالصاعقة التي ضربت العديد من مرضى الأنفس.ونظرا لهذه المعطيات وجدت بعض طالبات الإقامات المنتشرة ببومرداس أنفسهن في دائرة الضياع وفي خطر غير محسوب من قبل، فتخلت بعضهن عن مبادئهن وتربيتهن، وعن الأهداف التي أتين من أجلها، بل تمردن ضد المجتمع من خلال إصرارهن على المضي قدما في طريق المتاهة واتخذن من الإقامة الجامعية مكانا لتعاطي المخدرات وتناول السجائر والحبوب المهلوسة وشرب الخمر بعيدا كل البعد عن أعين الأهل والأقارب، هذه الظاهرة الغريبة عن الوسط التعليمي والتربوي، صار سكان الأحياء السكنية المجاورة لبعض الإقامات الجامعية يشتكون منها في الكثير من الأحيان ويرفعون احتجاجاتهم إلى السلطات المعنية. ومن الخبايا والأسرار التي تعج بها بعض الإقامات الجامعية للبنات الواقعة على مستوى بومرداس مصاحبة الطالبات لبنات جنسهن وبمعنى أدق البنات للبنات، حيث تنتحل إحداهن جنس الذكر وتنصب نفسها مسؤولة عن هاته الفتاة التي تعاشرها وتربط بها علاقة حميمية، كما تقوم بحركات ذكورية بالاستعانة بلباس ذكوري، وما تلاحظه من تصرفات عليها هو التلفظ بكلمات بذيئة خارجة عن الآداب والأخلاق، متناسية بتصرفاتها وسلوكاتها هاته قيمها ودينها ومجتمعها.وحتى نكون صادقين مع أنفسنا ومع غيرنا فمن خلال التحقيق الذي قمنا به سجلنا حرص جل الفتيات على الالتزام بالمبادئ والقيم الأخلاقية وبالأهداف التي قدموا من أجلها والمتمثلة في طلب وتحصيل العلم. تعليمة الوزير بغلق الإقامات الجامعية في وقت مبكر أثارت غضب البعض أثارت تعليمة وزير التعليم العالي والبحث العلمي بشأن غلق الإقامات الجامعية في ساعات مبكرة غضب واستياء عدد من الطالبات الماكثات بهذه الأخيرة بحجة تضييق الخناق عليهن، حيث أوضح وزير التعليم العالي والبحث العلم في على إثر قرار غلق أبواب الإقامات الجامعية في ساعات مبكرة، أن فئة من الطالبات تصدين بشدة للوزارة والديوان الوطني للخدمات الجامعية عندما حاولت الإدارة إلزامهن بالدخول مبكرا واحترام مواعيد غلق البوابة الرئيسية للأحياء الجامعية، كما اعترف وزير التعليم ببروز بعض مظاهر الفساد الأخلاقي والرذيلة في محيط بعض الإقامات الجامعية، وقال إنه من المفترض على الطالبات أن يتحلين بالأخلاق الحسنة من تلقاء أنفسهن، لأن هذا الأمر مرتبط بالآداب العامة والتربية دون الحاجة إلى اللجوء إلى قرار أو تعليمة وزارية. المراحيض الملجأ الوحيد للمدخنين والمدخنات من جهتهم الطلبة وخوفا من كشفهم لم يبق أمامهم سوى المراحيض التي يقولون بشأنها إنها الحل الوحيد هروبا من أعين أعوان الأمن التي كثفت من جهودها من أجل محاربة الظاهرة التي أخذت أبعادا خطيرة.ومن خلال الجولة التي قادتنا إلى جامعة أمحمد بوقرة لاحظنا وجود فئة من الطالبات المدخنات، اللائي صرحن أنه لم يبق أمامهن سوى المراحيض كحل للخروج مما اعتبرنه بالأزمة والورطة التي أوقعتهن فيها إدارة الجامعة، حيث قالت إحداهن: “قرار تكثيف الرقابة على الطالبات في كل مكان لا ينبغي أن يطبق، لأنه يمس بالحرية الفردية للطالب”. أكثر من نصف الطلبة الجامعيين مدخنون تعرف ظاهرة التدخين وسط الكليات، المعاهد والإقامات الجامعية تزايدا كبيرا ورهيبا، حيث انتشرت بصفة واضحة وواسعة بين أوساط الطلبة الذكور وبدرجة أقل لدى الطالبات، وقد أكدت طبيبة إحدى الإقامات الجامعية ببومرداس، الارتفاع الكبير والمخيف في نسبة الطلبة المدخنين بجامعة بومرداس بالرغم من الحملات التحسيسية التي تقوم بها الجامعة منذ 10 سنوات، ما دفع بإدارة الجامعة إلى إقرار منع التدخين بها، كما أوضحت أن الطلبة غير واعين بمخاطر التدخين على صحتهم وصحة غيرهم، وصرحت عن وجود ما يقدر ب58 بالمائة من الطلبة المدخنين و25 بالمائة، طالبات مدخنات من النسبة ذاتها، وعن وفاة 15 ألف شخص سنويا بسبب التدخين، 7 آلاف منهم يموتون بنوبات قلبية، و5 آلاف بسبب السرطان الرئوي و3 آلاف نتيجة أمراض تنفسية، ليتبين بذلك مدى خطورة الظاهرة التي سعت إدارة الجامعة إلى محاربتها والقضاء عليها لحماية الطلبة. ”السلام” تستطلع رأي الطلبة في الموضوع في خرجات ميدانية قادتنا إلى بعض الكليات والإقامات الجامعية المتواجدة على مستوى بومرداس، أجرينا استطلاعا لمعرفة رأي الطلبة الجزائريين في الموضوع الخاص بالتدخين.ومن خلال هذا الاستطلاع الذي أجريناه مع فئة من الطلبة في كلية الحقوق وكلية العلوم، تبين أن جلهم ساخطون وغير راضين عن تلك المظاهر، حيث حمل معظم الطلبة المسؤولية لإدارة الجامعة التي تتغاضى عن التصرفات السلبية النابعة من طرف بعض الطلبة المستهترين، كما عبرت عن ذلك “مريم” طالبة سنة رابعة حقوق، فضلا عن تحمل الطلبة والمنظمات الطلابية لنصيب من المسؤولية. وللشارع رأيه: لابد من وضع حد لمنتهكي حرمة الفضاء الجامعي غير بعيد عن الطلبة والجامعة، قادتنا الرحلة هذه المرة في جولة ميدانية إلى الشارع البومرداسي، حيث التقينا بمجموعة من المواطنين بمدينة بومرداس، هناك تحدثنا مع الشاب “سفيان”، صاحب طاكسي فون، هذا الأخير أكد أسفه الشديد لتلك المظاهر المسجلة في الحرم الجامعي، حيث قال: “شيء مؤسف أن يتحول الوسط من قبلة لطلب العلم والمعرفة إلى وكر لممارسة السيء من الأعمال بسبب قلة وعي بعض الطلبة وتسامح بعض المسؤولين، مستشهدا بعمليات التحرش التي تحدث وسطه والاعتداءات”. كما أعرب “بلال” عن تذمره واستيائه الكبير لما يحدث وسط الإقامات والمعاهد الجامعية من خلال سماعه لروايات وأحاديث شهود عيان عما يقع هناك، وحمل هو الآخر مسؤولية كل ذلك للطلبة الذين أخطأوا بفهمهم للتحضر والتفتح ولغياب إجراءات ردعية صارمة في حق كل من يتعدى على حرمة الفضاء الجامعي.