يعاني قطاع التربية منذ بداية السنة من اضطرابات لم تجد لها حلا إلى حد الساعة في مختلف المناطق التي مستها أزمة الإكتظاظ في الأقسام في مختلف أطوارها، ما أنعكس سلبا على نجاح الدخول المدرسي هذه السنة الذي فجرته عملية الترحيل من جهة و النزوح المدني من جهة أخرى. قامت "صوت الجلفة" بجولة ميدانية قادتها إلى كل من ولاية البليدة وبعض بلديات العاصمة من أجل تقصي الأجواء التي يتخبط فيها التلميذ والمعلمون بالدرجة الأولى إلى جانب الأولياء الذين لم يتنفسوا الصعداء بالدخول المدرسي بسبب الفوضى التي عمت القطاع بمختلف أطواره بسبب عدم تطويره و بناء هياكل تربوية جديدة تتماشى مع عملية الترحيل والنزوح المدني الذي مس المناطق الداخلية المحيطة بالعاصمة والتي لم تعد هياكلها تستجيب لمتطلبات سكانها الذين غيروا طابعها الريفي الفلاحي ليرتفع عدد سكانها دون أن تهيئ مختلف المرافق العمومية التي تضمن له الاستقرار خاصة وأن عملية الترحيل تزامنت مع الدخول المدرسي. عملية الترحيل زعزعت قطاع التربية وجهتنا الأولى كانت بلدية شفة بولاية البليدة أو تحديدا حي "سيدي مداني" الذي أخلطت عملية الترحيل أوراق السلك التربوي المتواجد بها والذي لم تطور جل أطواره منذ أمد، أول مؤسسة قمنا بزيارتها هي إبتدائية "محمد إبراهيمي" التي ينتمي إليها أكثر من 400 تلميذ في الفوج التربوي، أين صادفنا بعض الأولياء الذين رافقوا أبنائهم إلى المدرسة صباحا الذين عبروا عن تخوفاتهم لمصير أبنائهم الذين قد يؤثر عليهم اكتظاظ الأقسام حيث ذكرت "حياة" والدة إحدى التلميذات أن المدرسة تتصدر الرواتب الأولى في نتائج امتحانات نهاية السنة ولا تظن أنها ستحافظ على نفس المستوى إذا ما تأثرت بالاكتظاظ الذي أصطحب برنامج ترحيل أكثر من 750 عائلة. وأضافت أخرى أنها تتساءل عن كيفية تجسيد مشاريع سكنية دون التفكير في المنشآت العمرانية التي تستجيب لمتطلباتها، من جهة أخرى ذكرت إحدى المعلمات التي بدورها ولية تلميذين في المؤسسة أنها جد متخوفة من إمكانية تغيير نمط العمل إلى نظام الدوامين الذي سيعيد المدرسة الجزائرية إلى عهد ما بعد الاستعمار والإكتظاظ الذي مس المدرسة في بعض المستويات كمستوى السنة الثانية قبل التحاق تلاميذ العائلات المرحلة بالمدرسة مبدئيا، مضيفة أن مديرية التربية لولاية البليدة تعيد سيناريو عملية ترحيل سكنات عدل بأولاد يعيش قبل ثلاث سنوات ببلدية شفة نظرا للإكتظاظ الذي مس الأفواج التربوية بأطواره الثلاثة. نظام الدوامين يرجع المؤسسة الابتدائية إلى سابق عهدها أما مدرسة "حفصة مصطفى" الابتدائية بحي "سيدي مداني" فقد تضررت كثيرا من عملية الترحيل التي شهدها حي سيدي مداني مقارنة بمدرسة "محمد ابراهيمي"، حيث ذكر أحد معارفنا وهو معلم بالمؤسسة ذاتها أنة الوضع جد متدني حيث لا تزال المؤسسة في عملية التسجيلات ونحن في الأسبوع الثاني من الدخول المدرسي، وهذا راجع لعملية الترحيل التي مست الحي خلال شهر جوان الفارط، وهذا ما سيرجع الابتدائية إلى نظام الدوامين لا محال في انتظار التحاق المعلمين لتجسيد نظام الدوامين، مشيرا أن المؤسسة تعاني من الاكتظاظ، وهذا راجع إلى نقص الهياكل التربوية التي لم تصحب عملية تجسيد الأحياء السكنية وهذا راجع إلى غياب التنسيق بين الوزارات الوصية، هذا وفيما يتعلق بالمستوى المتوسط فقد تبين أن عملية الترحيل لم تؤثر عليه باعتبار أنه تم فتح متوسطة جديدة قبل سنتين سبقت عملية الترحيل بوجود متوسطتين إحداهما كانت مستغلة نسبيا نظرا لقلة عدد التلاميذ حيث تم فتح الأقسام الشاغرة أمام التلاميذ الوافدين الجدد. ثانوية "يوسف" بالخروف مهددة بالانفجار جراء الاكتظاظ الحديث عن ثانوية شفة المركزية التي تستقبل حوالي 600 تلميذ سنويا قادمين من خمس متوسطات فاق مجموع تلامذته فاق 1000 تلميذ باعتبار أنها الثانوية الوحيدة ببلدية شفة تحوي 25 حجرة تربوية مقابل 28 فوج تربوي بثلاث أقسام متنقلة، وهذا ما أقره أساتذة المؤسسة حيث ذكرت الأستاذة في العلوم الاجتماعية "بوعقادة" أن المؤسسة أصبحت لا تستوعب الكم الهائل من التلاميذ بسبب صغر حجم حجراتها، ما افقدنا السيطرة على التلميذ نظرا للاكتظاظ الذي ميزها في السنوات الأخيرة حيث فاق عدد تلاميذ القسم الواحد 45 تلميذ وهذا كثير، فيما ذكر الأستاذ "مكناسي" أن الاكتظاظ نتج عنه فقدان الاتصال بين الأستاذ والتلميذ، وهذا ما يؤثر سلبا على مردود التلميذ و الأستاذ على حد سواء، فيما أضاف مسؤول في الإدارة أن عملية الترحيل لم تؤثر هذه السنة على المؤسسة لكن من المنتظر أن تظهر أثاره بداية من السنة القادمة إن لم يتم فتح ثانوية أخرى بالبلدية. مدارس في إضراب و أخرى تقف عاجزة أمام الوضع وجهتنا الثانية كانت بلدية بئر توتة التي شهدت عملية ترحيل 400 عائلة موازاة مع الدخول المدرسي الجديد، و هذا ما وضع الثانوية المركزية التي وجدنا في إضراب شامل نظرا لوجود اكتظاظ رهيب في عدد التلاميذ الذي ذكر أحد الأساتذة أن عملية الترحيل الأخيرة أخلطت أوراق الهيكل الإداري والتربوي بعدما وصل عدد تلاميذ في القسم إلى 50 تلميذ و هذا ما وضع المؤسسة في وضع لا تحسد عليه نظرا لانعدام حلول أخرى بعدما استغلت كل القاعات الإضافية السنة الماضية مثال ذلك المكتبة التي تم تجزئتها بالألواح الخشبية و حولت إلى أقسام تحت ضغط كبير اثر إلى حد بعيد عن مردود الأستاذ والتلميذ على حد سواء. ... رئيس المجلس الشعبي البلدي يتحدث عن الوضع في ذات السياق ذكر رئيس بلدية بئر توتة "رابح جرود "في حديث ل "صوت الجلفة" أن ثانوية بئر توتة تعاني ضغطا كبيرا باعتبار أنها الثانوية الوحيدة التي تستقبل تلاميذ كل من بلدية "خرايسية"، جزء من "سحاولة"، جزء من "الدويرة"، "أولاد شبل" إضافة إلى سكان المدينة ورغم ذلك نجدها تحصد المراتب الأولى في شهادة الباكالوريا بولاية الجزائر، لكن توالي عمليات الترحيل التي فاق عددها 2000 عائلة أثر عليها كثيرا، أما عن مشاريع البلدية في القطاع التربوي فقد ذكر رئيس المجلس الشعبي البلدي أنه تم تسليم مدارس ابتدائية مع انطلاق الموسم الدراسي على مستوى الأحياء السكنية الجديدة إضافة إلى إنجاز متوسطة لا تزال الأشغال بها قائمة، إلى جانب المصادقة على مشروع إنجاز ثانوية التي ذكر والي ولاية الجزائر أن أشغال تجسيد مشروعها سيتم في الأيام القليلة القادمة، مشيرا أن بلدية "خرايسية" ستتسلم ثانوية جديدة الشهر المقبل و هذا ما سيرفع الضغط على الثانوية المركزية وهذا ما سيسجل انفراجا للأزمة مضيفا أن مدير التربية لولاية الجزائر قام بزيارة إلى البلدية من أجل رصد المشاكل العالقة وإيجاد حلول للأزمة التي ستنفرج في أقرب الأجل، في الأخير ذكر رئيس المجلس الشعبي البلدي أن البلدية استفادت من 07 حافلات للنقل المدرسي. النزوح المدني، الوجه الأخر للأزمة واصلنا رحلتنا باتجاه بلدية "خرايسية" المجاورة لبلدية بئر توتة وبالتحديد المتوسطة الجديدة "2" التي وجدنا تلامذتها يتأهبون للدخول إلى الأقسام، اقتربنا من بعضهم و سألناهم عن وضع مؤسستهم فكشفت التوأم "إكرام" و"هدى" أن الوضع جد متدهور بسبب الاكتظاظ الذي طال المتوسطة حيث فاق عدد الأفواج التربوية عدد الحجرات ما أضطر إدارة المؤسسة إلى اتخاذ حل وسط بإرسال 6 أفواج تربوية للسنة الأولى و الثانية متوسط إلى الابتدائية التي تبعد عن المتوسطة بحوالي 1كلم. ليس هذا فحسب بل إنهم يضطرون إلى الدراسة بين الابتدائية والمتوسطة أردنا تفسيرا عن ذلك فذكر "بلال" تلميذ في السنة الثانية أن المواد النظرية يتم دراستها على مستوى الابتدائية أما التطبيقية منها فيضطر التلاميذ إلى العودة المتوسطة من أجل دراسة الحصص التطبيقية. من جهة أخرى ذكرت أستاذة صادفناها عند مدخل المؤسسة أن المؤسسة تتخبط في مشاكل لا حصر لها، حيث باتت مسرحا للمناوشات والاعتداءات بين التلميذ والأستاذ إلى جانب إلى حد الاعتداء عليه بشتى الطرق، هذا ما دفع بالقائمين على المؤسسة طلب توفير الأمن الداخلي بالمؤسسة حفاظا على كرامة الأستاذ مضيفة أن الاكتظاظ سببه النزوح المدني بالدرجة الأولى وعدم تطوير السلك التربوي ببناء مؤسسات تربوية جديدة تغطي حاجيات السكان بعدما ارتفعت نسبة السكان بالمنطقة إذا ما قورن الوضع بعدم الاستقرار الذي تشهده بلدية "خرايسية" منذ سنوات هذا ما حال دون تطوير المنشات العمومية بهذه المنطقة التي كانت ذات طابع فلاحي و تحولت إلى طابع مدني بعد زحف الإسمنت على حساب الأراضي الفلاحية. ابتدائية للمستويين "الابتدائي" و"المتوسط" تعتبر المدرسة الابتدائية "أحمد حيرش" بالخرايسية مثالا حي للأوضاع التي يتخبط فيها قطاع التربية هذه السنة، حيث تم تخصيص جزء من المؤسسة للمستوى المتوسط و جزء منها للمستوى الابتدائي بسبب الاكتظاظ الذي سجل بالمتوسطة الجديدة "2"و هذا ما اتضح لنا عند خروج التلاميذ من دوام الفترة الصباحية بالتباين في سن بالتلاميذ. هذا ما أثار سخط أولياء التلاميذ الذين عارضوا فكرة وجود تلاميذ المستوى الابتدائي وتلاميذ المتوسط الذين يفوقونهم سنا باعتبار أنهم مراهقين، حيث أبدى أحد أولياء التلاميذ استيائهم للوضع الذي ألت إليه المدرسة، في العودة إلى نظام الدوامين وكذا القلق الدائم الناتج عن فارق السن والمستوى الذي قد يؤثر على تلميذ الابتدائي، حيث أبدت "باية" أم لطفلة في السنة الأولى استيائها حيال الوضع الذي ألت إليه المؤسسة ما اضطرها إلى اتخاذ إجراء رفقة مجموعة من الأولياء في منع أبنائهم من الخروج إلى المرحاض تجنبا للتجاوزات الأخلاقية التي قد تصدر من تلاميذ المتوسط باعتبار أنهم في سن المراهقة بفعل فارق السن و نمط التفكير. اعتبر تلاميذ المستوى المتوسط بنفس المدرسة الإجراء غير منطقي، فعلى حد قول "مروة" تلميذة في السنة الأولى متوسط أن الوضع سبب لها كثير من الحرج بوجودها وسط تلاميذ الابتدائي الذين تفوقهم سنا، فيما أضاف "بهاء الدين" تلميذ متوسط أيضا أنه يخاف من التجول في الساحة بعد الحادثة التي وقعت له مؤخرا بسقوط تلميذ ابتدائي في الساحة بسبب تعثره في رجله عندما كان يهم بالدخول إلى المؤسسة و بهذا قرر أن يبقى خارج المؤسسة حتى يدخل كل التلاميذ. أما رئيس لجنة أحد الأحياء فقد ذكر أنه يسعى للاجتماع بأكبر قدر من الأولياء حتى يجدوا حلا للمشكلة التي أرقتهم مشيرا أن أوقات الدراسة مختلفة خاصة بعد خروج التلاميذ بين ساعة و أخرى فهذا ينعكس سلبا على مردود التلاميذ نظرا للفوضى التي تصحب تبادل المعلمين بسبب فقدان التركيز.