تتميز ولاية الجلفة عن باقي الولاية بعادات وتقاليد لم تستطع التكنولوجيا محوها فهي في ذاكرة الجلفة، عادات وتقاليد ما يزال سكان الجلفة يحافظون عليها بالرغم من مرور قرون عليه غير أنها تبقى مقدسة وتعتبر بمثابة الخط الأحمر لا أحد يقترب منها فالشيوخ يورثونها لأبنائهم والأبناء يورثونها لأبناء أبنائهم لكي تبقى سلسة تميز الجلفة عن باقي الولايات. "صوت الجلفة" من خلال الجولة التي قامت بها عبر أحياء الجلفة إكتشفنا عادة قديمة مايزال الشيوخ يحافظون عليها، هذه العادة تسمى "الحريف" وبالرغم من مرور القرون عليها ماتزال عروش كبيرة تحافظ عليها وهي ميزة معروفة في عروش معينة. ونحن نتجول يوم الجمعة بمدينة الجلفة لفت إنتابهنا مجموعة من الشيوخ جالسين وفي وسط المجموعة "قصعة روينة'' حتى نادنا أحد الشيوخ لكي نشاركهم في الأكل واستجبنا لنداء الشيخ وبعد الأكل طلب أحد الشيوخ من المجموعة ترك جزء من "الروينة'' داخل القصعة وألح على هذا وقد اقتربنا من هذا الشيخ من أجل الاستفسار عن ما تركه حيث أكد لنا هذا يسمى "الحريف" وجزء من الأكل يبقى دائما في "القصعة" لصاحبة المنزل. ويضيف عمي البشير أن هذه عادة تتميز بها عروش معينة فقط في الجلفة كعرش "أولاد ناجي'' وعرش ''السحاري'' بالإضافة إلى عرش ''أولاد فرج" حيث وبعد الأكل مفروض عليهم ترك جزء من الأكل داخل الصحن لصاحبة المنزل التي خرج من عندها الأكل وهي عادة قديمة لهاته العروش. ويروي عمي "البشير" حكايات أسطورية وقعت قبل قرون لمن خالف هذه العادة حيث عوقب أشد العقاب حسب المعتقد الشعبي وروى لنا محدثنا حكاية قديمة وقعت مع بعض "الخيالة " الذين قصدوا أحد البيوت من أجل تناول العشاء ولأن صاحب المنزل كان كريما معهم أحضر لهم ''قصعة'' كسكس باللحم وبعد تنازلهم للأكل لم يتركوا "الحريف" أخرجت الزوجة يديها من تحت "الخيمة'' لكن "الخيالة" لم يتفطنوا لها وحاول أصحاب الخيل المغادرة لكن الأحصنة رفضت التحرك ساعات طويلة حتى تفطن أحدهم ليد الزوجة ليعيد من صاحب المنزل إعادة عشاء أخر لهم بحجة أنهم جائعون ولما جاء لهم بالأكل تركوا "الحريف" لصاحبة المنزل واستطاعت بعدها أحصنتهم المشي قجما. حكايات طويلة يرويها الشيوخ عن ''الحريف"، قد يقول البعض أنها خرافات لكنهت من وحي المخيلة الجماعية للمنطقة، حكايات قال عنها الشيوخ عن عقاب لمن لا يترك "الحريف" ويقول شيخ أخر أن سبب ترك "الحريف" هو أن صاحبة المنزل التي تطهو الطعام غالبا لا تأكل اللحم وتكون تنتظر دائما في "القصعة" التي ترجع من عند الرجال وهو الأمر الذي جعلهم يتركون جزء من الأكل لصاحبة المنزل بالإضافة إلى كونها عادة قديمة مرت عليها قرون ويجب المحافظة عليها حسب رأي شيوخ الجلفة.