سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
أزمة السيولة ...قضيّة "مْعَارَفْ" ! سطيف نت تزور مراكز البريد ب 5 ولايات و ترصد يوميات المواطنين مع الشبابيك و آلات السحب
إجراءات استعجالية و اجتماعات ماراطونية لاحتواء غضب الموظفين و المتقاعدين
دخل وزير البريد و تكنولوجيات الإعلام و الإتصال موسى بن حمادي مكتبه الجديد بمبنى "تيليملي" خلفا للوزير السابق عبد الحميد بصالح في فترة حرجة شهر ماي المنصرم بعد أن تسلّم هذا الأخير ملفات ثقيلة تخص قطاعا وصِف بالفتيّ و الحسّاس، فبالإضافة إلى قضية مؤسّسة "جازي" العالقة بين الحكومة و المجموعة المصرية "أوراسكوم" ، وجد بن حمادي نفسه ملزما بمواجهة أزمة سيولة حادة عصفت بمراكز البريد و هي الأزمة التي قال الخبراء أنها تندرج ضمن إطار انعكاسات الأزمة المالية العالمية على السوق الجزائرية و الإقتصاد الوطني في حين اكتفى بن حمادي بتلخيصها في كلمتي "الثقة" و "المْعَارَفْ " . يعتبر مشكل نقص السيولة النقدية من أكبر الأزمات التي شهدتها الجزائر بداية السداسي الثاني للسنة المنصرمة و أشدّها تعقيدا حيث أنه بالرغم من الجهود المبذولة من طرف الحكومة في مقدمتها وزارة البريد و تكنولوجيات الإعلام و الإتصال لاحتواء الوضع و إنهاء معاناة الموظفين و المتقاعدين من زبائن مؤسسة بريد الجزائر لا تزال الأزمة قائمة ما جعل بعض الأطراف تتجه إلى الحديث عن ضرورة تغيير العملة الوطنية و إلغاء المعاملات النقدية بشكل نهائي و استبدالها بنظام الدفع الإلكتروني لوأد المشكل قبل أن يعرف منعرجا خطيرا في حين لخص الوزير موسى بن حمادي الأزمة في كلمتي الثقة و "المعارف " مشيرا إلى أن الأزمة ناتجة عن عدم ثقة المواطنين في مؤسسة بريد الجزائر و لجوئهم إلى سحب أموالهم كاملة بمجرد ضخ رواتبهم و الإحتفاظ بها في بيوتهم في حين استطاع العديد من رؤساء المديريات الجهوية لبريد الجزائر بمجموعة من الولايات على غرار سطيف و بجاية وضع حد لهذه الأزمة بفضل العلاقات الحسنة التي تربطهم بالبنوك و التي تسمح لهم في كل مرة بالحصول على السيولة المالية اللازمة بمجرد طلبها . و قد تمكنت "الأجواء" من مرافقة وزير البريد و تكنولوجيات الإعلام و الإتصال موسى بن حمادي خلال الخرجات الميدانية التفقدية التي قادته خلال الأيام الأخيرة إلى مشاريع قطاعه بعدد من ولايات الوطن على غرار سطيف ، بجاية، باتنة ، وادي سوف و بسكرة أين تفقد هياكل بريد الجزائر و مجموعة من المراكز و المكاتب كما وقف بالشبابيك و تحدث إلى المواطنين مباشرة و دون أية حواجز ليصنع بذلك مشكل ندرة السيولة الحدث و يطغى على كافة المواضيع . و قد كانت الزيارة الأولى لولاية سطيف التي فوجئ الوزير بغياب مشكلة فقدان السيولة النقدية على مستواها بالرغم من شساعة الولاية و الكثافة السكانية التي تضمّها حيث يتمكن مواطنو المنطقة من سحب رواتبهم بمجرد دخولها و طلبها و هو ما جعل الوزير يتحدّث مطولا مع ممثلي السلطات المحلية بالولاية و كذا مسؤولي القطاع إلى ساعات متأخرة من الليل خلص من خلالها بن حمادي إلى أن "السطايفية " تمكنوا من مواجهة أزمة السيولة بفضل العلاقات الممتازة التي تربطهم ببنك الجزائر و قدرتهم على الحصول على النسبة المرغوب بها من الأوراق الإئتمانية المطلوبة وقتما شاءوا . و كان ما لقيه الوزير بولاية بجاية شبيها إلى حد كبير بما واجهه في سطيف ، حيث أكد في لقاء جمعه مع والي المنطقة أن أزمة السيولة لم تطرق أبواب ولاية بجاية بعد ..مشيرا إلى أن مكاتب البريد تتلقى نسبة معتبرة من السيولة تضخ بكافة نقاط البريد و هو ما يجعل المواطنين بالمنطقة لا يواجهون أي أزمة على هذا المستوى خلافا لما لقيه بن حمادي خلال الزيارة التفقدية التي قادته إلى ولاية الأغواط قبلها بحوالي أسبوعين و التي اكتشف من خلالها طوابيرا طويلة من المواطنين يأتون حتى من ولايات مجاورة للحصول على رواتبهم في حين قال البعض منهم للوزير خلال محادثات مباشرة معه أنهم لم يتمكنوا من سحب أجرة الأربعة أشهر الماضية و هو ما يجعلهم يعيشون ظروفا كارثية . و لعل أن المشكل الوحيد الذي يواجهه البجاويون فيما يخص السيولة النقدية هي الطوابير التي تشهدها المناطق الحدودية مع ولاية جيجل التي قيل لنا هناك أنها هي الأخرى تعيش أزمة سيولة حادة بسبب نقص مكاتب البريد و النقاط الجوارية و هو ما يدفع مواطنيها إلى التنقل إلى الولايات المجاورة على غرار بجاية للظفر برواتبهم الأمر الذي يشكل ضغطا إضافيا بالمنطقة . بن حمادي في دردشة مع زبائن البريد . ولايات بسكرة ، وادي سوف و باتنة هي الأخرى شهدت أزمة سيولة حادة كانت قد انفرجت نسبيا خلال الزيارة التي خصها المسؤول الأول على رأس قطاع البريد و تكنولوجيات الإعلام و الإتصال خلال الأسبوع المنصرم ، و بالرغم من ذلك فقد تلقى الوزير شكاوى مطولة من طرف المواطنين الذين استغلوا فرصة قدومه لنقل انشغالاتهم لاسيما و أن بن حمادي كان قد شدّد على ضرورة فتح حوار مباشر مع المواطنين و دون أية حواجز أمنية أو بروتوكولات في حين كلف مستشاره بنقل كافة النقاط التي يتحدّث عنها المواطنون و الإنشغالات في دفتر خاص و أخذ عناونينهم و أرقاهم الهاتفية لتسوية وضعيتهم الأمر الذي جعل المئات منهم ينتظرونه عبر كافة النقاط التي تنقل إليها و الهياكل البريدية التي زارها . رفع قدرة البطاقة المغناطيسية إلى 20 ألف دينار بدل 5000 دينار و خلال اللقاءات التي جمعت بن حمادي بمواطني الولايات السالفة الذكر أعلن هذا الأخير عن قرارات جديدة لاحتواء الأزمة و إنهاء مشكل ندرة السيولة النقدية التي باتت الشغل الشاغل لزبائن بريد الجزائر حيث اغتنم فرصة لقائه بمواطني الوادي ليكشف عن رفع إمكانية استخراج الأموال عبر بطاقة السحب إلى 20 ألف دينار بعدما كانت محدّدة سابقا ب 5000 دينار و هو القرار الذي شرحه بالتفصيل أمام المتقاعدين و الموظفين الذين قدموا لسحب رواتبهم و الذين لم يكونوا عارفين بهذه المستجدات كما دعا بن حمادي إلى ضرورة التكثيف من استخدام هذه البطاقات مشيرا إلى أنها إحدى أهم الحلول لمواجهة ندرة السيولة ، من جهة أخرى أصدر الوزير تعليمات واضحة و صارمة لمسؤولي القطاع يلزمهم من خلالها بضرورة تمكين كافة الزبائن الذين طلبوا البطاقات المغناطيسية من الحصول عليها دون أية مشاكل أو عراقيل لاسيما بعد الشكاوى التي وصلته من هنا و هناك تكشف عن عجز عدد كبير منهم من الحصول عليها بالرغم من إيداعهم الملف منذ مدة زمنية طويلة . و شدد بن حمادي على ضرورة أن يستعين زبائن بريد الجزائر أيضا بالشبكات البنكية لتخفيف الضغط عن مراكز البريد و كذلك حتى يتمكنوا من الحصول على رواتبهم في آجالها بالرغم من أن عدوى أزمة السيولة انتقلت مؤخرا حتى إلى المؤسسات البنكية ... و سياق القرارات التي أعلنها الوزير خلال زياراته التفقدية ،قال هذا الأخير خلال لقائه بمنتخبي ولاية بجاية أنه سيشرع قريبا في تجسيد مخطط عمل وطني يشمل كافة بلديات الوطن بغرض تحسين خدمات البريد و تقريب هذه المصلحة من المواطنين، مؤكدا أنه سيعمل فورا على استحداث مراكز بريد جوارية للاستجابة لاحتياجات المستعملين في مجال الخدمات البريدية و الاتصال داعيا الجماعات المحلية إلى المساهمة في هذا المجهود من خلال توفير المرافق الضرورية و الأرضيات التي ستستقبل هذه الهياكل. و أضاف أن وزارته ستتكفل بتوفير التجهيزات و الموظفين حيث أوضح أن الهدف من هذه العملية لا ينحصر في تكثيف شبكة البريد بالمناطق النائية بل يتعداه أيضا إلى الأحياء الشعبية و التجمعات السكانية. و ذكر بن حمادي في السياق ذاته أن الجامعات و الأحياء الجامعية ستحظى بدورها بنصيب من هذه المرافق. كما أفاد الوزير من جهة أخرى أن تجربة البريد المتنقل بواسطة مركبات تمت تهيئتها خصيصا لهذا الغرض سوف تتعزز بتسخير وسائل جديدة لاسيما بتكثيف عدد شبابيك التوزيع الأوتوماتيكي و كذا تعميم استعمال بطاقة السحب و الدفع و ألح بن حمادي مطولا على ضرورة توفير خدمات بريدية ذات نوعية تكون في مستوى المعايير الدولية مشيرا إلى مضاعفة عدد مكاتب البريد عبر كافة الولايات و رفع عدد الشبابيك ناهيك عن فتح مناصب توظيف جديدة و ترسيم الموظفين المؤقتين في مناصبهم للتمكن من تلبية طلبات الزبائن و سدّ احتياجاتهم . لقاءات مستمرة و اجتماعات متتالية لمباحثة الحلول و كشف الوزير في سياق ذي صلة عن الشروع في عقد لقاءات منفردة مع ممثلي قطاع البريد بكل ولاية لحل أزمة السيولة في حين سيتم عقد لقاء وطني تزامنا مع يوم البريد الذي من المنتظر أن ينعقد شهر أفريل القادم يتم التطرق من خلاله لكافة المشاكل التي يشهدها القطاع على رأسها أزمة السيولة التي توقع بن حمادي أن تعرف نهاية و انفراجا نسبيا بداية من أفريل القادم . و خلال زيارته لولاية بسكرة أعلن وزير البريد و تكنولوجيات الإعلام و الإتصال عن إتفاقية جديدة ستوقع خلال الأيام القليلة القادمة مع مؤسسة نفطال للقضاءعلى أزمة السيولة من خلال ضخ مداخيل 3300 محطة بنزين بمراكز البريد و هو ما من شأنه حسبما قاله الوزير أن يوفّر أموالا كافية على مستوى الشبابيك و آلات السحب و أكد بن حمادي أن كل محطات البنزين ستضمن ضخ ما يعادل 100 مليون سنتيم يوميا بمكاتب البريد وهو ما سيسهم في الحدّ نسبيّا من أزمة السيولة التي شهدت تفاقما خلال الاسابيع الأخيرة ، مشيرا الى أن هذا الاجراء يعدّ مكملا لبقية القرارات التي اتخذتها وزارة البريد خلال الأيام الماضية ، على غرار ضخ أموال الضرائب بالمكاتب البريدية . و مفاوضات مستمرة مع قطاعات كبرى لحل الأزمة من جهة أخرى أقر بن حمادي خلال ندوة صحفية عقدها على هامش الزيارة التفقدية التي قادته إلى ولاية باتنة الأسبوع المنصرم ببداية مفاوضات مع مجموعة من القطاعات الوزارية و المؤسسات العمومية لتغيير تواريخ ضخ رواتب الموظفين حتى تتمكن المراكز البريدية من تفادي الطوابير الطويلة مع نهاية كل شهر متعهدا بدراسة كافة انشغالات المواطنين وإيجاد حلول سريعة لمشكلة السيولة التي تفاقمت حدتها في الأيام الأخيرة، لاسيما عبر مجموعة من المدن و الولايات وأكد الوزير في دردشة جمعته مع مواطني المنطقة بحضور إطارات الوزارة و الصحافة الوطنية أنه بصدد إجراء مفاوضات مع قطاعات كبرى و حساسة على غرار التربية و التعليم الوطنيين والأمن الوطني و الصندوق الوطني للتقاعد لإيجاد صيغ يمكن من خلالها تعديل مواعيد ضخ أجور الموظفين بغرض تقليص الطوابير المتواجدة على مستوى مراكز البريد . وأرجع بن حم ادي نقص السيولة المالية عبر مراكز البريد إلى ضخ أموال بعض القطاعات كالتربية والأمن و المتقاعدين في وقت واحد، وكذا إلى الزيادات الأخيرة في المرتبات على غرار سلك الشرطة ، ما شكل ندرة في السيولة نتيجة لجوء المستفيدين منها إلى سحبها دفعة واحدة وفي هذا الإطار أعلن الوزير عن اتصالات أجريت مع البنك المركزي لتدعيم مكاتب البريد بالسيولة النقدية الكافية إضافة إلى مضاعفة نسبة الأوراق الإئتمانية الموجهة للمراكز البريدية . و خلال زيارته إلى ولاية الوادي أكد الوزير بأنه "سيتم تجسيد برنامج خاص لولايات الجنوب للتخفيف من الوضعية مما سيسمح بتوفير السيولة النقدية الكافية عبر كافة الهياكل البريدية حيث ينتظر أن يشعر المواطن بالتحسن إبتداءا من شهر أفريل القادم". وأشار بن حمادي إلى أنه سيتم أيضا تدعيم شبكة الهياكل البريدية بولاية الوادي بفتح مكاتب بريدية جديدة مما سيساهم أيضا في التخفيف من حدة أزمة السيولة النقدية وتغطية النقص المسجل بخصوص توفير مثل هذه المرافق العمومية. ووعد وزير القطاع بتدعيم هذه الهياكل البريدية المرتقبة باليد العاملة الكافية وتجهيزها بمختلف الوسائل بما يمكن من ضمان خدمات أمثل للمواطنين. أوراق مالية بالية تضاعف من حدة المشكل و على هامش زيارته لولاية بسكرة، أكد بن حمادي أن نقص السيولة النقدية اتخذت بشأنها إجراءات ستمس كل الولايات، وأن ولاية بسكرة لا تعرف أزمة حادة في هذا المجال، معترفا بوجود نقص السيولة في بعض الأحيان بهذه الولاية، لكن الوضع بصفة عامة جيد كما قال. وقال بن حمادي إن هناك إمكانية توسيع المكاتب البريدية والتجهيز بولاية بسكرة، وتوظيف العدد الكافي من العمال على مستوى المكاتب البريدية، مشيرا إلى إجراءات ستتخذ في الأيام القادمة لمعالجة هذه المشاكل مضيفا بالنسبة لتعطل آلات الموزع الآلي، أن هذه الآلات تشتغل بالأوراق البنكية الجديدة، وعندما تكون هذه الأوراق بالية "فئة 1000 دج" على شاكلة "فئة 200 دج" فإن عملية السحب تصبح صعبة مما ينجر عنه نقص السيولة، مضيفا أن للمواطن مسؤولية المحافظة على نوعية الأوراق البنكية.