يدير تنظيم (الدولة الإسلامية في العراق والشام) حربا الكترونية على مواقع التواصل الاجتماعي في موازاة الهجوم الواسع الذي يشنه على الأرض في العراق، تعكس القدرة الهائلة لهذه الجماعة المتطرفة على الدعاية والترويج لنشاطاتها وأفكارها. ويشن مسلحو "الدولة الإسلامية" وتنظيمات سنية متطرفة أخرى هجوما منذ نحو أسبوعين سيطروا خلاله على مناطق واسعة في شمال العراق وغربه وشرقه بينها مدن رئيسية مثل الموصل (350 كلم شمال بغداد) وتكريت (160 كلم شمال بغداد). ومنذ الساعات الاولى لهذا الهجوم، اطلق التنظيم المتطرف حملة ترويج لتحركاته العسكرية على حساباته المتعددة على موقع "تويتر" للتواصل الاجتماعي حيث غزت تغريداته التي حملت اخبارا ومقاطع فيديو وصورا هذا الموقع وتناقلها الالاف من مناصري التنظيم. وقال ارون زيلن الباحث في "معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى" لوكالة فرانس برس إن تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام لا يضع الجماعات المتمردة الأخرى في موقف حرج فقط، بل حتى الشركات التي تحاول بيع منتوجات على الانترنت"، ويضيف "إنهم يتقنون ذلك بشكل كبير جدا". وعند تراجع القوات العراقية في مواجهة مسلحي هذا التنظيم في مدينة الموصل (350 كلم شمال بغداد)، قام المشرفون على حسابات "الدولة الاسلامية" على موقع "تويتر" فورا بنشر صور تظهر سيطرة مسلحي التنظيم على آليات ومواقع عسكرية. وبعيد سقوط معظم أنحاء محافظة نينوى في ايديه، نشر عناصر التنظيم على حساباته صورا تظهر إزالة الحدود بين العراق وسوريا في غرب العراق، وقد جرى تداول هذه الصور بشكل كبير. حرب افتراضية كما نشر التنظيم الذي يعتبر اقوى الجماعات الجهادية المتطرفة التي تقاتل في العراق وسوريا، مجموعة من الصور التي تظهر إعدام مقاتليه لعشرات الجنود العراقيين في محافظة صلاح الدين. وظهرت في إحدى الصور مجموعة مؤلفة من خمسة مسلحين أحدهم لا يزال يطلق النار من رشاشه وهم يقفون أمام نحو 50 شخصا يرتدون الزي المدني ويستلقون على بطونهم في حقل ترابي وقد قيدت ايديهم من الخلف وانتشرت بقع من الدماء فوق رؤوسهم. وكتب تحت الصورة "تصفية المئات من قطعان الجيش الصفوي الفارين من المعارك بالزي المدني". وأظهرت صورة أخرى نحو 30 شخصا بالزي المدني مستلقين على الأرض وبقع الدماء واضحة فوق أيديهم ورؤوسهم، وذلك قرب راية التنظيم المتطرف. وقد كتب تحت الصورة (راية دولة الإسلام تعلو على جثث الرافضة الانجاس). ونشر التنظيم أيضا صورا لعملية نقل عشرات المعتقلين في شاحنات صغيرة وكبيرة. وقد كتب تحتها (اعتقال المئات من قطعان الجيش الصفوي الفارين من المعارك بالزي المدني". ويستغل القيمون على حسابات التنظيم في "تويتر" بطولة كأس العالم والتغريدات المرتبطة بها حيث يستخدمون كلمات وعبارات بينها "كاس العالم" و"البرازيل" في تغريدات خاصة بنشاطات التنظيم ما يعني أن كل من يبحث عن تغريدات بطولة كرة القدم سيمر إجباريا على نشاطات "الدولة الإسلامية". وبالنسبة الى الجماعات المسلحة، فإن المعركة التي تخوضها على صفحات الانترنت ويتلقاها الرأي العام قد تكون في بعض الأحيان أكثر أهمية من المعركة نفسها التي تدور على الأرض، حيث أن باستطاعة تلك الجماعات تحويل هزائمها الى انتصارات وحشد المناصرين لقضاياها. ويقول زيلن (لديهم خطط ذكية حقا. كل الجماعات الجهادية تتحلى بقدرة جيدة في هذا الإطار، ولكن (تنظيم) (الدولة الإسلامية في العراق والشام) يسعى الى التميز عن باقي الجماعات. وعندما انطلق الهجوم الواسع ليلة التاسع من الشهر الحالي، بدا المغردون على موقع "تويتر" يتناقلون عناوين حسابات هذا التنظيم الجهادي الخاصة بكل محافظة عراقية، والتي أطلق على كل منها صفة ولاية. وإضافة الى ذلك، غزت البيانات وأخبار معارك التنظيم وتقدمه في العراق المواقع الإسلامية وكذلك المنتديات الجهادية مرفقة بصور ومقاطع فيديو. ويرى تشارلز ليستر الباحث في مركز بروكينغز في الدوحة ان "السيل المتواصل من المواد والجودة العالية التي تتحلى بها، توحي لمن يتابعون حسابات هذا التنظيم بانه عبارة عن جماعة مجهزة تقنيا بطريقة عالية وتعمل بشكل منظم جدا"، ويضيف "لهذا السبب فان مواجهة هذه الحملة الدعائية يجب ان تحظى باهمية كبرى".