مسيرة مليونية في العاصمة.. وغضب عبر الوطن صنع ملايين الجزائريين أجواء تضامنية متميّزة مع أشقّائهم الفلسطينيين (المذبوحين) في غزّة وغيرها، وشهدت الجزائر العاصمة بعد صلاة الجمعة أمس مسيرة كبيرة تعدّ الأولى من نوعها منذ سنوات طويلة، حيث لم تتردّد السلطات في كسر قرار حظر المسيرات والمظاهرات في العاصمة بهدف إسماع صوت الجزائريين الساخطين على بين صهيون، والذين لم يتردّد كثير منهم في الدعوة إلى فتح الحدود وتسهيل مهمّة مقاتلة اليهود الغاصبين والجهاد في أرض فلسطين المحتلّة. كانت الجزائر العاصمة على موعد بعد صلاة الجمعة مع حدث تاريخي يتمثّل في كسر قرار حظر المسيرات والمظاهرات، وهو القرار الذي (صمد) 13 سنة كاملة، قبل أن يدفع العدوان الصهيوني المستمرّ على أبناء غزّة السلطات إلى كسره استثنائيا، حيث خرج مئات الآلاف من الجزائريين بعد صلاة الجمعة، وبدأت (أمّ المسيرات) من ساحة أوّل ماي (ساحة الوئام المدني)، باتجاه ساحة الشهداء. وبينما اعتبر غالبية المشاركين أن التظاهر في الشوارع تضامنا مع غزّة هو أقلّ ما يمكن فعله، طالب كثيرون السلطات بفتح الحدود للجهاد في فلسطين، وقال بعضهم: (كيما فتحتو المجال وديتو الشعب لأم درمان ادونا نجاهدو ونرفعو راية الإسلام). للإشارة، فقد دعت شخصيات وطنية وسياسية، بينها المجاهدة جميلة بوحيرد لهذه المسيرة، ومعروف عن بوحيرد دعمها الكبير لغزّة، فقد حاولت مرارا تنظيم زيارات تضامنية إلى غزّة، لكن سلطات النّظام الانقلابي بمصر حالت دون تجسيد آخر محاولة قامت بها قبل أشهر. وفي مجال التضامن الجزائري مع غزّة التي تتعرّض لقصف همجي من إسرائيل أهدت الجزائر مستشفى تخصّصيا هناك، وهو المستشفى التي تمّ إنشاؤه بمبادرة من جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، وقدّم لاعبو منتخب الجزائر الدولي 100 ألف دولار هدية لأهالي غزّة. وفتحت الجزائر معبرا برّيا وجويا لنقل أكثر من 70 جزائريا وفلسطينيا دخلوا الجزائر في ال 15 يوما الماضية. وفقدت الجزائر في غزّة 3 مواطنين، بينهم طفل يبلغ من العمر ثلاث، كما جرح ما لا يقلّ عن 8 جزائريين، في العدوان الهمجي على غزّة. وأكّد وزير الشؤون الخارجية رمطان لعمامرة أمس الجمعة أن المصير المشترك الذي يربط الجزائر مع فلسطين والعالم العربي (يفرض على الجميع التضامن مع سكان غزّة في هذا الوقت العسير). وأوضح السيّد لعمامرة خلال ندوة صحفية نشّطها في مطار (هواري بومدين) الدولي رفقة وزير النقل عمار غول ووزير الاتّصال حميد قرين حول حادث سقوط الطائرة التي استأجرتها الخطوط الجوية الجزائرية من شركة (سويفت إير) الإسبانية، أن (المصير المشترك الذي يربطنا مع الأشقّاء الفلسطينيين والعالم العربي يفرض علينا جميعا هذه اللّحظة التضامنية في هذا الوقت العسير من تاريخ أمّتنا العربية والإسلامية). وأكّد وزير الشؤون الخارجية بنفس المناسبة أن سكان غزّة المنحدرين من أصول جزائرية (هم اليوم في خندق واحد مع إخوانهم الفلسطينيين في غزّة الذين يتصدّون للعدوان الإسرائيلي الهمجي). وقفات ومسيرات عبر الوطن مسيرة العاصمة الكبرى لم تكن الوحيدة، حيث نظمت يوم الخميس والجمعة في العديد من ولايات القطر الوطن وقفات ومسيرات تضامنية نصرة لسكان غزّة (فلسطين) الذين يواجهون العدوان الوحشي لجيش الاحتلال الصهيوني. فبمدينة باتنة، مثلا، نظمت وقفة تضامنية مع سكان غزّة بمشاركة منتخبين بكلّ المجلس من الشعبي البلدي والمكتب الولائي للاتحاد العام للعمال الجزائريين والعديد من الجمعيات، ورفع المشاركون في هذه الوقفة التي استقطبت اهتمام المواطنين وتعاطفهم شعارات مندّدة بالعدوان الإسرائيلي على الفلسطينيين والمجازر المنفّذة في حقّ المدنيين العُزّل وخاصّة الأطفال والشيوخ والنّساء، كما ردّدوا هتافات مساندة لسكان غزّة الجريحة والقضية الفلسطينية. وبدورهم، شارك مواطنو ولاية سطيف رجال ونساء وأطفالا رفقة فعاليات المجتمع المدني وجمعيات محلّية في مسيرة شعبية حاشدة تدعّم شعب غزّة وتندّد بالعدوان عليه، وحمل المشاركون في هذه المسيرة رايات ولافتات تحمل شعارات تضامنية ومساندة لشعب غزّة وتندّد بالعدوان عليه، إضافة إلى الأعلام والرايات الوطنية والفلسطينية وردّدوا شعارات مناوئة للاحتلال الإسرائيلي ومؤيّدة للشعب الفلسطيني. وبسكيكدة نظم المجتمع المدني مسيرة تضامنية مع سكان غزّة انطلاقا من قاعة (عيسات إيدير) إلى غاية ساحة أوّل نوفمبر عبر الشارع الرئيسي لمدينة سكيكدة. من جهتهم، أعرب عشرات الوهرانيين عن مساندتهم المطلقة للشعب الفلسطيني في غزّة ومقاومته الباسلة ضد العدوان الصهيوني، معبّرين عن شجبهم وتنديدهم بالمواقف العالمية (الصامتة اتجاه المذبحة التي يتعرض لها سكان القطاع). وخلال تجمّع تضامني نظمه المجلس الشعبي الولائي بكافّة تشكيلاته السياسية في قاعة السينما (السعادة) شدّد المتدخّلون من ممثّلي بعض الأحزاب السياسية وجمعيات على شرعية المقاومة الفلسطينية الباسلة التي (تقف في وجه آلة الدمار الإسرائيلية بدعم من الدول الكبرى وبصمت وتواطؤ عالمي مفضوح). وأكّد ممثّل حزب جبهة التحرير الوطني أن مقاومة أطفال غزّة وصمودهم (بيّنت للعالم أجمع عدالة القضية الفلسطينية وقوة الشعب الفلسطيني الذي لم يثنه القصف العشوائي اليومي ولا الأسلحة المتطوّرة التي يستعملها العدو الصهيوني في عدوانه عن المقاومة والاستبسال وإيقاع أفدح الخسائر بالإسرائيليين). وشدّد المتدخّل على (ضرورة تدعيم كفاح الشعب الفلسطيني بكافّة الوسائل)، مندّدا بشدّة بالأعمال الإرهابية للجيش الصهيوني الذي (يقتل الأطفال والنّساء والمُسنّين بأسلحة غير معروفة دوليا). تضامن جزائري واسع مع القضية الفلسطينية عرف التجمّع الذي دعا إليه حزب العمال والاتحاد العام للعمال الجزائريين تضامنا مع سكان غزّة والقضية الفلسطينية تجنّدا واسعا للمناضلين والعمال الجزائريين. وقد استجاب للنداء التضامني مع فلسطين الذي أطلقته منظماتهم الخاصّة ممثّلين عن ولايات الوسط وأعضاء الفروع النقابية للاتحاد العام للعمال الجزائريين واتحاديات أخرى تابعة له. وهتف المشاركون الذين حضروا بقوة للتجمّع الشعبي الذي احتضنته (دار الشعب) مقرّ المركزية النقابية شعارات داعمة لفلسطين وشهداء غزّة وأخرى معادية للكيان الصهيوني. في هذا الصدد، دعت الأمينة العامّة لحزب العمال لويزة حنّون جميع عمال العالم إلى التعبير عن تضامنهم مع الفلسطينيين، معتبرة التجمّع مبادرة (تتماشى مع الموقف الرسمي للجزائر). كما أشارت السيّدة حنّون إلى (مواصلة التجنّد إلى غاية انتصار القضية الفلسطينية)، معربة في ذات السياق عن (إدانة) -من أسمتهم- (خونة) هذه القضية. أمّا الأمين العام للاتحاد العام للعمال الجزائريين عبد المجيد سيدي السعيد فقد أعلن من جانبه عن مبادرة دعم ملموسة تتمثّل في تخصيص أجرة يوم من العمال الجزائريين لفائدة سكان غزّة. ومن جانبه، أوضح سفير فلسطينبالجزائر السيّد لؤي عيسى أن (الأمر يتعلّق الآن بالتفكير في الوسائل الكفيلة بمواجهة العدوان الهمجي المتواصل منذ 1947، إن ما يجري في غزّة ليس إلاّ مظهرا من مظاهر الاحتلال الصهيوني، كما أن الأمر لا يتعلّق فقط بغزّة وإنما بالقضية الفلسطينية برمّتها)، كما أشار إلى أوجه (التشابه) بين الشعبين الجزائريوالفلسطيني، معربا عن ارتياحه لكون الجزائر كانت (دائما الأولى من حيث دعم ومساندة الثورات ومكافحة الاستعمار في إفريقيا)، مؤكّدا على (الآلام الكبيرة) التي يعيشها شعبه في غزّة.