خسارة نواديهم الرياضية تفقدهم أعصابهم مع اقتراب انطلاق الموسم الكروي الجديد، تعود مخاوف عودة ظاهرة العنف المتفشية في عديد الملاعب الجزائرية رغم سلسلة الحملات التحسيسية والتوعوية لمناهضة هذه الظاهرة إلا أنها لم تلق ترحيبا كبيرا من جهة ولم تكن مستمرة كونها موسمية فقط على حد تعبير عديد المواطنين، في وقت أرجع فيه عديد المختصين أسباب تفاقم الظاهرة إلى المعاناة التي تعيشها فئة كبيرة من الشباب التي تتخبط في أزمات ومشاكل عديدة، منها إدمانها على استهلاك للمخدرات والحبوب المهلوسة أثناء تلك المقابلات. لا تزال ظاهرة العنف في الملاعب منتشرة بكثرة وتأخذ أبعادا خطيرة جدا خاصة وأنّ هذه الملاعب تتعرض للتخريب والجمهور يتعرض للاعتداء بكل أشكاله، ناهيك عن الصحفيين سواء كان ذلك في حال ربح أو خسارة المنتخب وهو ما حيّر عديد المواطنين وحتى المختصين الذين أرجعوا الأسباب إلى عوامل اجتماعية نفسية دون سواها. في جولة قادتنا إلى بعض شوارع العاصمة وضواحيها أكد لنا عديد المواطنين أنّ السبب الرئيسي في انتشار ظاهرة العنف هو عدم وجود مساحات ترفيهية خاصة بالشباب، حيث يقوم هؤلاء بتفريغ تلك المكبوتات في الملعب سواء خسر فريقهم أو ربح، ودعوا إلى ضرورة توفير مساحات خاصة بهذه الفئة، في وقت أشار فيه البعض الآخر إلى أنّ الملاعب هي الملجأ الوحيد للتعبير عن مشاكل هؤلاء الشباب وهمومهم من خلال ممارسة العنف، بالإضافة إلى غياب الأمن في الملاعب المتواجدة بالولايات المجاورة، فالأمن يكون غالبا مكثفا في ملعب 5 جويلية وبولوغين فقط على حد تعبيرهم. لعلم النفس وجهة نظر في الموضوع على صعيد آخر أكدت السيدة فاسي أخصائية في علم النفس أن تلك الأفعال العدوانية ما هي إلا تعبير عن جملة من الانفعالات المكبوتة في اللاشعور الجماعي كأسلوب تفريغ وحالة من الرفض للواقع الاجتماعي المزري، إلى جانب الظروف المحبطة بالملعب وبمواقف الأداء المختلفة لها تأثير على نفسية المتفرجين مما يسبب لهم الإحباط واليأس الذي يؤدي إلى ارتكاب سلوكيات عدوانية. وأوضحت ذات المتحدثة أن هناك بعض الأسباب المؤدية إلى مظاهر العنف منها حب وعشق الفريق، حيث يزرع في بعض الجماهير العصبية التي ينتج عنها صراعات ومشاكل لا وجود لها أساساً ولهذا نرى الكثير من أمثال هؤلاء المتعصبين يتخذون الأسلوب العدواني الذي يُعد من أبرز مظاهر العنف في مواجهة مشجعي الفريق الخصم، وقد حدث أيضا في أكثر من مباراة أعمال عنف والسبب أخطاء الحكم المتكررة التي ينتج عنها عنف الجماهير، حيث أن إحساس الجماهير بالظلم من قبل التحكيم سيكون السبب الرئيسي في حصول ذلك العنف، معتقدة أن المراهقين هم الأكثر انتقاضه للتعبير عن رجولتهم وأنهم قادرون على فرض أنفسهم بأية طريقة كانت والدليل على ذلك ما نراه في الشارع، أطفال قُصر يدخلون الملاعب تضيف المتحدثة ووصل الأمر إلى حد ارتكاب جرائم شنيعة. ودعت الأخصائية النفسانية إلى ضرورة توفير فضاءات لممارسة الرياضة داخل المؤسسات التربوية خاصة وأنّ الدخول المدرسي لم يبق عليه سوى أيام قلائل حتى يتسنى للتلميذ تفريغ مكبوتاته وكذا التخلص من الضغوطات النفسية داخل الحصة بصورة منظمة، والتي تمثل متنفسا لسلوكهم العدواني على غرار حصة التربية البدنية الرياضية ولا يأتي ذلك إلا بدمج التلاميذ ذكورا وإناثا في جمعيات رياضية وإعداد برامج تخص الأنشطة الرياضية من طرف مختصين في الميدان. جهود مكثفة للقضاء على ظاهرة العنف بالملاعب جدير بالذكر أنّ عديد الجمعيات والمنظمات المحلية منها والوطنية وحتى الدولية كانت قد بادرت بعدة حملات تحسيسية لمحاربة ظاهرة العنف في الملاعب خاصة الجمعية الفرنسية التي جاءت إلى بلدية الرويبة سنة 2013 وحرصت على الاهتمام بالموضوع بجد من خلال تخصيص لافتات تعلق داخل الملاعب وغيرها من الأساليب التي لقت صدى ولكن موقتا فقط على حد تعبير بعض مواطني بلدية الرويبة، لتليها جمعية ناس الخير التي نظمت هي الأخرى بالتنسيق مع بعض الجهات والشركاء كالكشافة حملة تحسيسية من خلال إحضارها لملعب متنقل لتعزيز وتقوية الروح الرياضية في أوساط الشباب الذين استحسنوا كثيرا هذه الحملة، لكن بعدما تم رفع ذلك الملعب ونقله إلى بلدية مجاورة عاد الشباب إلى تفكيرهم المسبق، ليطالب عديد هؤلاء الشباب الرافض مثل هذه السلوكات بضرورة التحلي بالروح الرياضية سواء في حال خسارة أو ربح الفريق والحفاظ على الممتلكات العامة.