أصبحت ظاهرة العنف والشغب ظاهرة واسعة الانتشار في الملاعب الرياضية، وهذه الظاهرة ليست حديثة في المجال الرياضي وإنما هي ظاهرة قديمة قدم الرياضة التنافسية، ولكن الجديد هنا هو تعدد مظاهر العنف والشغب وتغير طبيعته، حيث أصبحت هذه الظاهرة تتعدى حدود الملاعب الرياضية، فالكثير من الجماهير الرياضية أخذوا يحتفلون بعد الفوز بطريقة غير حضارية عن طريق الاعتداء على الآخرين وإلحاق الأذى والضرر بهم أو بممتلكاتهم... لهذ السبب نظم صبيحة اليوم بدار الشباب بحي الظل الجميل بالجلفة الملتقى الوطني الأول من نوعه في الجزائر لدراسة "ظاهرة العنف في الملاعب"...هذا الملتقى شهد حضورا متميزاً، فعلاوة على حضور السلطات المحلية ممثلة في مدير الشباب والرياضة ورئيس المجلس الشعبي الولائي وممثل الدرك الوطني والحماية المدنية فقد حضرت أيضا وبصفة مكثفة عدة وجوه رياضية ودكاترة مختصين في المجال ورؤساء لجان أنصار الفرق المنتمية للقسم الأول لكرة القدم... وفي مستهل كلمة الإفتتاح ندد كل مدير الشباب والرياضة وممثل مجلس الأمة ورئيس المجلس الشعبي الولائي بما حصل من أحداث مؤسفة في ملاعبنا داعين جميع الأطراف إلى مقاومة هذه الظاهرة وتحليهم بمسؤولياتهم مستنكرين أعمال الفوضى والشغب التي تحصل في بعض الملاعب العربية وحتى الأوربية... وقبل أن يأخذ الكلمة الدكاترة المشاركون، شكر صاحب المبادرة السيد " لخذاري مصطفى" الحضور على تلبية الدعوة وتقديمه نبذة عن مسيرة لجنة الأنصار لإتحاد أولاد نايل وخبرتهم في التصدي لظاهرة العنف كما دعاهم إلى تقديم مقترحاتهم والحلول التي يرونها كفيلة بمعالجة هاته الآفة فكانت مداخلاتهم كالآتي : الأستاذ بن عزوز محمدي (مفتش بمديرية الشباب والرياضة): هناك العديد من النظريات التي تهدف إلى تفسير وفهم السلوك العدواني في المجال الرياضي أو التعرف على الأسباب المؤدية إلى فقد الرياضيين السيطرة والتحكم في تصرفاتهم وانفعالاتهم، فهي تذهب في تفسير العنف إلى أنه تعبير عفوي عن الغريزة أو ردة فعل إزاء الإحباط، أو نتيجة طبيعة التعلم والتكيف مع البيئة. ومن أهم النظريات التي تساعد على فهم العنف في المجال الرياضي: نظرية الغرائز، نظرية الإحباط، نظرية التعلم الاجتماعي.. الأستاذ رضا علي (مستشار بمديرية الشباب والرياضة): بعض الأسباب المؤدية إلى مظاهر العنف هو حب النادي أو الفريق يزرع في بعض الجماهير العصبية التي ينتج عنها صراعات ومشاكل لا وجود لها أساساً , ولهذا نرى الكثير من أمثال هؤلاء المتعصبين يتخذون الأسلوب العدواني الذي يُعد من أبرز مظاهر العنف في مواجهة مشجعي الفريق الخصم. أما بالنسبة لمسألة أن الأهازيج تسبب بعض المشاكل فيُحبذ من كلا الفريقين اختيار الأهازيج الرياضية التي لا تثير أعصاب أحداً من جماهير الفريقين حتى لا يتسببوا في نشوب المشاكل والصراعات بينهما وحتى لو انتصر أحدهما على الآخر, وقد حدث أيضا في أكثر من مباراة أعمال عنف, والسبب أخطاء الحكم المتكررة التي ينتج عنها عنف الجماهير,حيث أن إحساس الجماهير بالظلم من قبل التحكيم هي من بين الأسباب الرئيسية في حصول ذلك العنف.. الدكتور حكومي علي (مستشار بوزارة الشباب والرياضة): "العنف في الملاعب" الظاهرة التي أصبحت تفتك بالأرواح وتسقط الموتي و بما انني جزائري سأتكلم عن العنف في الملاعب الجزائرية، هذه الأخيرة التي أصبح العنف فيها اكبر من السلام و الأمن... و رغم تعدد اسباب العنف الا انه يبقي العنف عنفا...و أصبحنا نرى سقوط الجرحي و القتلي في الملاعب شيئاً طبيعياً و ذلك لكثرة مشاهدة هذه الأمور و التعود عليها...
و قد قدم الدكتور إحصائيات من الوزارة حيث يؤكد أنّ هناك اهتمام متزايد بدراسة انعكاسات الرياضة على السلوك العام وعلى العلاقات بين الأفراد، لكن يبقى هذا الاهتمام محدودا نظرا لكونه لا يسلط الضوء على ذلك النظام المتكامل من العلاقات والتأثيرات الاجتماعية التي تحف بالمباريات الرياضية. وما يسترعي الانتباه عن طريق الملاحظة البسيطة والمباشرة أن موجة التخريب والعنف التي أصبحت ملازمة تقريبا لمباريات كرة القدم بالخصوص قد أصبحت قضية المجتمع بأسره، علما و أن هذه المظاهر لا تقتصر على ملاعبنا فقط بل أصبحت '' ثقافة عالمية '' عابرة للبلدان و الملاعب. و قد تضاعف الاهتمام في المدة الأخيرة بهذه الظواهر-يضيف الدكتور- و تركز البحث خاصة على الحوادث التي تندلع خلال سير المباريات بين صفوف المتفرجين والأنصار واستأثر موضوع العنف بالاهتمام باعتباره ظاهرة معزولة على حساب مسألة النزاع الاجتماعي. وإختتم الدكتور مداخلته بتقديم شهادات حية وصور وفيديوهات عن تفشي ظاهرة العنف عبر بعض الملاعب في الوطن وحتى في الخارج... ثم تدخل بعض رؤساء الأندية المشاركة في الملتقى لإعطاء أمثلة وتقديم حوصلة التجارب والخبرات في مجال مكافحة الظاهرة بل الحد منها وإستأصالها من جذورها، بحيث أكد جميعهم أن الدوافع الإجتماعية والسيكولوجية مرتبطة بنقص الثقافة الرياضية للشاب والفراغ الذي يميز محيطه الاجتماعي، مما يجعله يصب إهتمامه في مايعتبره وسيلة للترفيه عن النفس أين يستطيع أن يعبر مع شريحة من الشباب المماثل عن مشاعره بدون تحفظ، و قد تم ذكر الأسباب المباشرة التالية : - التنظيم السيء - تأثير المخدرات والكحول - الحشد الزائد في الملاعب - التحكيم المتحيز - خسارة الفريق - المشاكل الإجتماعية - التوترات السياسية - الصراع بين الأحياء والفرق الجهوية وخلص المشاركون في الملتقى على إصدار بعض الاقتراحات والحلول لظاهرة العنف في الملاعب كان من بينها: - توعية الشباب من طرف كافة المسؤولين والقائمين على الرياضة بصفة عامة - إصدار قوانين وعقوبات صارمة - تنظيم مسابقات تحفيزية بمناسبة البطولات - توفير مناشير تحث على تجنب العنف قبل بداية كل تظاهرة أو مباراة - توزيع أقمصة تحمل شعارات مكافحة العنف - التحسيس عن طريق وسائل الإعلام - تنظيم جائزة أحسن جمهور وفي المساء تم تكريم بعض الوجوه الرياضية وقدماء لاعبي كرة القدم بولاية الجلفة وتقديم جوائز رمزية للمشاركين في الملتقى، كما شكرت في كلمة أخيرة لجنة الأنصار جميع من شارك في إحياء وإنجاح هذا الملتقى الوطني وخص بالذكر مدير الشباب والرياضة الذي ساهم وبشكل مباشر في تقديم يد العون والإٌشراف المباشر ومدير المركب الرياضي ومدير دار الشباب " عيسى هراوة" .