على حدود مصر مع قطاع غزة تنهمك الأسر في إخراج أثاثها وأمتعتها من البيوت وتحميلها على سيارات، تحت رقابة جنود يتابعون ما يجري من عرباتهم مدرعة. وفي هذه القرية وثماني قرى غيرها على امتداد الحدود يجري العمل على هدم 680 منزلا تعيش فيها 1165 أسرة لإغلاق أنفاق التهريب ومحاولة القضاء على تمرد مسلح في شمال سيناء اشتد منذ أطاح الجيش بالرئيس محمد مرسي، أول رئيس مدني منتخب، أطيح به في انقلاب عسكري قبل 16 شهرا. وستتيح المنطقة العازلة التي ستنتج عن هذه العملية على امتداد 13.5 كيلومتر بعمق 500 متر قدرة أكبر على الرؤية، وتأمل مصر في أن تردع عمليات تهريب السلاح من غزة إلى المتشددين الذين قتلوا 33 من رجال الجيش في 24 أكتوبر بحسب ما تعلن السلطات مدعومة بالإعلام المصري. ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن هذا الهجوم. لكنه بحسب محللين يحمل بصمات جماعة أنصار بيت المقدس التي تستهدف رجال الشرطة والجيش في شبه جزيرة سيناء ذات الأهمية الاستراتيجية، والتي تحد إسرائيل وغزة وقناة السويس أسرع ممر ملاحي بين أوروبا وآسيا. وفي ظل هذا الخوف ربما تواجه مصر مقاومة أشد إذا نجحت في إغلاق الأنفاق. وقال مصدر من أنصار بيت المقدس إن كثيرين من أهالي المنطقة يعتمدون على ما يجنونه من التجارة السرية عبر الأنفاق في كل أنواع السلع وربما يرتمون بعد غيابها في أحضان المسلحين الجهاديين. وقال المصدر مشترطا عدم الكشف عن اسمه إن ما يفعله الجيش يبين ضعفه. لكني أقول شكرا للجيش لأن هذا القرار سيدفع بالمزيد من الناس نحونا . والمخاطر كثيرة بالنسبة لمصر التي يسعى حكامها لإثبات مصداقيتهم في استعادة الاستقرار والنمو الاقتصادي. وقد رعت مصر محادثات بين الفلسطينيين والإسرائيليين لوقف إطلاق النار وبدأت تنفيذ مشروع لشق قناة جديدة لتطوير قناة السويس يحتاج لثقة المستثمرين. وربما يكون من الصعب الفوز بهذه الثقة إذا كانت هجمات الشهر الماضي كما تقول بعض المصادر الأمنية قد شهدت تحولا في أساليب المتشددين ابتعادا عن التفجيرات شبه اليومية التي تستهدف العربات العسكرية على الطرق، إلى عمليات أكبر تستخدم فيها السيارات الملغومة لإحداث خسائر جسيمة في الأرواح. وحتى الآن صعد الجيش المصري ضرباته الجوية على المتشددين لكنه تجنب شن هجوم بري. وازدادت الدوريات الأمنية مع قيام القوات بتطهير الشريط الحدودي، لكن يظل من الصعب تحديد مواقع المسلحين إذ إنهم يذوبون بسهولة بين السكان المحليين المتشككين في مؤسسات الدولة. وقال مصدر أمني: أكبر مشاكل الجيش أن المتشددين جزء من السكان المدنيين . ويقول بعض السكان إن الإجراءات الجديدة تصل إلى حد العقاب الجماعي وهو ما لا يفيد في إعادة بناء الولاء للحكومة المركزية التي أهملتهم فترة طويلة. وقالت امرأة تجلس خارج منزلها في أبشار: لن أترك بيتي حتى إذا قتلوني. أنا ولدت وتربيت في هذا البيت. إذا كان الإرهابيون يريدون فهم يعرفون أين هم. ولا داعي لإجبارنا على ترك بيوتنا .