بقلم: عبد الله المجالي أليس ملفتا للنظر أن الأطراف الفاعلة في التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، والتي تشن حاليا حربا ضروسا ضده، هي ذاتها الأطراف الفاعلة ضد جماعة الإخوان المسلمين، وتناصبها العداء، وتعمل على استئصالها. هل من قبيل الصدفة أن تجتمع تلك الأطراف ذاتها على كل من داعش والإخوان. فما هي العلاقة أو أوجه التشابه بين داعش والإخوان حتى تناصبهما تلك الأطراف العربية والدولية كل هذا العداء، وتصر على استئصالهما. بالنسبة لداعش فإن الأطراف العربية والدولية تخوض حربا عسكرية واضحة المعالم ضده، لا بل إن الأطراف العربية، السعودية والإمارات والأردن، استخدمت طيرانها الحربي لأول مرة منذ عشرات السنين لشن ضربات خارج حدود بلدانهم، وهي حرب معلنة لا تخفى تلك الأطراف أهدافها وهي القضاء على التنظيم نهائيا. أما بالنسبة للإخوان، وإن كانت الحرب ضدهم لم تستخدم فيها الطائرات والمدافع، إلا أن الهدف منها -وإن كان غير معلن بوضوح- هو القضاء على الجماعة. وأنصار الإخوان يرون أن الجماعة تعرضت لحرب حقيقية استخدمت فيها الأسلحة النارية وسقط فيها آلاف القتلى والجرحى. نعود للسؤال المتشابه: ما هي أوجه الشبه بين (داعش) و(الإخوان) تجعل منهما هدفا لتحالف إقليمي ودولي يهدف إلى القضاء عليهما. إن طرح مثل هذا التساؤل لن يعجب (داعش) ولا (الإخوان)، ولا أنصارهما، فالطرفان لا يكنان الود لبعضهما، لا بل إن (داعش) ترى في الإخوان جماعة ضالة ومنحرفة، وبعضهم اعتبر الرئيس مرسي كافرا ومرتدا، ويحمل (داعش) كرها وبغضا للإخوان لدرجة أن أنصاره لم يكلفوا أنفسهم عناء صياغة بيان ضد العدوان الصهيوني الهمجي على قطاع غزة، ولا حتى بيان يتعاطف مع المجاهدين في غزة الذين يمثلون حركة حماس، الذراع العسكري لجماعة الإخوان المسلمين. وفي الطرف الآخر فإن الإخوان ينظرون إلى (داعش) نظرة الريبة والشك، وأنهم جماعة من المتطرفين والمغالين في الدين، وأنهم خطر على المشروع الإسلامي الذي يحلمون به من خلال أفعالهم، وهو موقف لم يتغير بعد إعلان داعش للخلافة، بل على العكس؛ فقد ازداد انتقاد الإخوان لداعش، وعبر الشيخ يوسف القرضاوي عن رفضه لمثل هكذا خلافة. إن شقة الخلاف الواسعة بين (داعش) و(الإخوان) تجعل من المثير الإجابة على التساؤل المتشابه إياه. إن ما يظهر للباحث حول نقاط التشابه بين التنظيمين، يتمركز حول نقطة واحدة تتمثل في المشروع الذي يحمله كل منهما، وهو المشروع الإسلامي السني الطامح للوصول إلى العالمية، واستعادة أمجاد الخلافة الإسلامية. إن المشروع الإسلامي لكل من (داعش) و(الإخوان) وبغض النظر عن تباين وسائلهما لتحقيقه أو الاختلافات في كيفية تطبيقه وعلاقته مع الآخر، إلا أنه يشكل خطرا على مصالح الأنظمة السياسية في الإقليم والعالم. إسفار (داعش) عن هدفه دون مورابة، واستخدامه الوسائل العسكرية لتحقيقه، وسيطرته على مناطق واسعة، وعدم تسامحه مع الآخر، وإعلانه، قولا وفعلا، استحالة التعايش مع الآخر أيا كان، جعل إعلان الحرب عليه تأخذ شكلا مباشرا وعلنيا، وجعل التحالف يسفر عن نفسه وهدفه في القضاء على (داعش)، لكنه استتر خلف مبررات بأنه تنظيم همجي بربري، لا يمت للإسلام بصلة، وقد ساعدت فتاوى الأنظمة الرسمية وعلى رأسها السعودية على ذلك. أما في حالة (الإخوان) فإن اتخاذهم وسائل سلمية وهادئة للوصول إلى هدفهم، وقدرتهم على التعايش مع الآخر بل والاستفادة والتعلم منه، واعتمادهم الإقناع بدل الإجبار، جعل التحالف يخوض معهم حربا خفية غير معلنة، حتى إذا استطاعوا الوصول إلى حكم مصر تحوّلت الحرب إلى حرب مباشرة، ولكن بأدوات تتناسب مع الشوط القصير الذي وصلوه لتحقيق هدفهم الأكبر.