حرائر لم يتنازلن عن ثوب الحشمة تعالت العديد من الأصوات في الآونة الأخيرة وسال الكثير من الحبر حول تعليمة السيد بودربالة، المدير العام للجمارك الجزائرية، القاضية بعدم ارتداء الحجاب بالنسبة للعاملات في ذات القطاع، وهو الأمر الذي أثار حفيظة الكثير من الأطياف السياسية والمدنية على حد سواء حول هذا الإشكال المطروح لأن قطاع الجمارك يعتبر واحدا من أهم القطاعات في الجزائر، لكن تناست الأطياف سابقة الذكر أن قضية منع ارتداء الحجاب في أماكن العمل تعد واحدا من أهم المشاكل التي تواجهها المرأة في مسارها المهني، في بلاد تنص ثاني مواد ديباجة دستورها بالإسلام دين الدولة. عتيقة مغوفل يعتبر حجاب المرأة سترا لها ومظهرا من مظاهر الحياء والحشمة التي خص بها الله عزَوجل المرأة المسلمة دون غيرها من البشر، وحتى لا يكون جسدها عرضة لكل من هب ودب، لكن يشترط اليوم بعض أرباب العمل في الجزائر على طالبات العمل بالمؤسسات الخاصة بهم التخلي عن حجابهنَ داخل المؤسسة وذلك تبعا للنظام الداخلي الخاص بها. الجمارك الجزائرية لا توظف المحجبات قرر في الأيام القليلة الماضية السيد محمد عبدو بودربالة، المدير العام للجمارك الجزائرية، أن يمنع كل موظفات القطاع من ارتداء الحجاب داخل أماكن العمل التابعة لقطاعه، والجدير بالذكر أنَ هذا القرار لم يصدر لأول مرة بل وسبق وأن تناولت بعض وسائل الإعلام منذ حوالي سنتين أنه تقرر منع ارتداء الحجاب لموظفات الجمارك، وها هو الحديث في هذا الموضوع قد عاد مرة أخرى، ولكنَه كان له الوقع الكبير هذه المرة فقد تدخلت العديد من الأطراف الحقوقية والسياسية وأبدت تذمرها من قرار بودربالة، ومن بين هؤلاء فاروق قسنطيني رئيس اللجنة الاستشارية لترقية والدفاع عن حقوق الإنسان، الذي اعتبر القرار ظالما وتعسفيا لأنه يحد من الحريات الشخصية للعاملات التي يكفلها القانون الجزائري والشريعة الإسلامية، كما اعتبر السيد قسنطيني قرار بودربالة بالمشين لأنه يسيء لصورة الجزائر في باقي أقطار العالم على اعتبار أننا بلد مسلم وعلينا أن نتقيد بمبادئ الشريعة الإسلامية. وعلى ما يبدو أن فاروق قسنطيني لم يكن الوحيد الذي أبدى امتعاضه من القرار، فقد كانت السيدة نورية حفصي رئيسة الاتحاد الوطني للنساء الجزائريات، واحدة ممن اعترض على قرار السيد بودربالة القاضي بمنع العاملات بسلك الجمارك من ارتداء الحجاب داخل مقرات عملهنَ، معتبرة ذلك مساسا بالحرية الشخصية للعاملات، من جهة أخرى طلبت من المدير العام للجمارك السيد بودربالة بالسماح للعاملات بارتداء حجاب خفيف يتناسب ومناصبهنَ على حد تعبيرها. مساومات تلحق بالمحجبات عبر الإدارات وعلى ما يبدو أن مثل تلك القرارات لم تعد مقتصرة على أصحاب المسؤوليات الكبرى بل تفشت الظاهرة في جميع الأماكن التي راح يشترط أصحابها على السيدات الشريفات نزع حجابهن والمساس بكرامتهن ، وهو حال السيد (عمر.ك) مدير إحدى وكالات التأمين التابعة للقطاع العام، حيث قام هذا الأخير بنشر عرض توظيف بإحدى الصحف الوطنية يطلب فيه موظفتين إداريتين، وبالفعل تقدمت العديد من الشابات للوكالة من أجل إجراء مقابلات التوظيف، ومن بين طالبات العمل، الآنسة (منى.م) التي تحمل شهادة ليسانس في العلوم القانونية والإدارية، التي أملت أن تجد منصب عمل، جاء دورها ودخلت مكتب المدير من أجل إجراء مقابلة العمل، وبعد أن أجرت المقابلة أعجب صاحب العمل بذكائها ونشاطها، ثم قال لها إنه تبقى شرط واحد حتى تحظى بمنصب العمل لأنها أحسن مترشحة تقدمت وهو أن تنزع حجابها داخل المؤسسة، على اعتبار أن المؤسسة لا توظف المحجبات، لأنها كثيرة التعامل مع المؤسسات الأجنبية، لذلك تشترط نزع الحجاب لكل من تلتحق بالمؤسسة، وهو الشرط الذي رفضته الآنسة (منى) وقد حاول المدير إقناعها بالبقاء وقبول عرضه على أساس أنه سيمنح لها راتبا جيدا إلا أنها رفضت الأمر جملة وتفصيلا واعتبرته تجاوزا وتعديا على حدود الشريعة الإسلامية، لذلك رفضت منصب العمل، وأوكلت أمرها لله عزوجل ليرزقها بمنصب عمل آخر. محجبات يخترن شرع الله على الوظيفة وعلى ما يبدو أن الآنسة (منى) لم تكن الوحيدة التي تعرضت لمثل هذا الموقف، وهو أيضا حال السيدة (فيروز) التي تبلغ من العمر33 ربيعا، متحصلة على شهادة مهندسة دولة في العمران، وبعد تخرجها من الجامعة بدأت تبحث عن منصب عمل يليق بها، لذلك قامت بإيداع العديد من طلبات العمل لدى المكاتب الخاصة بالهندسة المعمارية، وفي أحد المرات استدعاها صاحب مكاتب الهندسة المعمارية تبعا لطلب العمل الذي أودعته لدى سكرتيرة مكتبه، وحين تقدمت السيدة فيروز (لمكتب الهندسة المعمارية وقابلت مديره وبعد أن أجرى لها الفحص الانتقائي أخبرها أنه سيقبل توظيفها في مكتبه شريطة أن تتخلى على حجابها)، والجدير بالذكر أنها كانت ترتدي حجابا شرعيا، ولما رفضت شرطه طلب منها أن تنتقص منه على أن ترتدي سروالا وكنزة بالإضافة إلى لبس الخمار، لكنها لم ترضخ لمطلب صاحب العمل رغم أنه عرض عليها مبلغا لا يستهان به من المال، وفضلت الامتثال لشرع الله على الامتثال لمطلب عبده.