أكّد وزير العدل حافظ الأختام الطيّب لوح أمس الاثنين بالجزائر العاصمة أن الأنظمة القضائية أصبحت مطالبة بتحديث وسائل عملها وأساليب إدارتها رغم ما تتميّز به من طابع محافظ في ظلّ الاستعمال المتزايد لتكنولوجيات الإعلام والاتّصال. السيّد لوح أشار في تقديمه لمشروع القانون المتعلّق بعصرنة العدالة أمام نواب المجلس الشعبي الوطني للمناقشة إلى أن عصرنة العدالة تعدّ حاليا من (أكبر التحدّيات التي تواجهها الدول المسايرة للتطوّر الذي يشهده العالم في مختلف مجالات الحياة وفي ظلّ التحوّلات السريعة والعميقة التي عرفتها المجتمعات الحديثة والمتجهة نحو الاستعمال المتزايد لتكنولوجيات الإعلام والاتّصال)، وأضاف أن لهذه التحوّلات (أثر مباشر) على تسيير المرفق القضائي، مذكّرا بأن الجزائر تعمل في إطار برنامج إصلاح العدالة على (إعطاء القضاء وجها حديثا يواكب العصر حتى يستجيب للاحتياجات العملية والمتطلّبات التنموية المختلفة ولأداء رسالته في أكمل وجه في إطار توفير وضمان سلامة وسرّية وأمن المعلومات و البيانات). وفيما يخص مشروع القانون المتضمّن ل 19 مادة موزّعة على 5 فصول أوضح السيّد لوح أن الأحكام التي يقترحها (تجد أساسها في القانون المدني وستسمح باستعمال التقنيات الالكترونية إلى جانب الوسائل التقليدية المنصوص عليها في التشريع الساري المفعول في مجال التبليغات ونشر الأوامر القضائية وتبادل المستندات ومختلف الوثائق القضائية واستعمال المحادثة المرئية عن بعد في الإجراءات القضائية والمحاكمة)، وأضاف أن ذات النص (تمّ إعداده انطلاقا من خصوصيات قطاع العدالة ذي الصلة الوثيقة بحقوق الإنسان والحرّيات الفردية)، مشيرا إلى أن (الوزارة تعمل حاليا بالموازاة مع وضع الأطر القانونية لعصرنة العدالة على اتّخاذ الترتيبات التقنية اللاّزمة التي ستسمح بتجسيد هذا المشروع الوطني الطموح في القريب العاجل). من جانب آخر، أكّد نواب المجلس الشعبي الوطني أمس الاثنين خلال مناقشة مشروع القانون المتعلّق بعصرنة العدالة على ضرورة ربط عصرنة العدالة باستقلاليتها ضمانا لتكريس ثقة المواطن في المنظومة القضائية ولإرساء دعائم دولة القانون. وبعد أن ثمّنوا مضمون ومحتوى مشروع القانون المتعلق بعصرنة العدالة الذي قدّمه وزير العدل في جلسة ترأسها رئيس المجلس الشعبي الوطني محمد العربي ولد خليفة، تطرّق النواب إلى بعض النقاط ذات الصلة المباشرة بين عصرنة العدالة واستقلاليتها، معتبرين أنه (لا يمكن الفصل بينهما). وفي هذا الشأن أوضح النائب لخضر بن خلاف من جبهة العدالة والتنمية أن مبدأ استقلالية العدالة (من أهمّ معايير الحكم الراشد ودعائم دولة القانون وركائز الديمقراطية الحقّة)، مطالبا ب (إصلاح جذري وفعّال) للمنظومة القضائية الجزائرية التي تضم -على حدّ قوله- (ثغرات تخالف المنطق والمعقول). وفي نفس السياق أشارت النائب نصيرة بودريش من حزب العمال إلى أن (عصرنة واستقلال العدالة عنصران لا يمكن الفصل بينهما)، مؤكّدة أن استقلالية القضاء والعدالة يعتبران (الحجر الأساس لبناء الديمقراطية ودولة القانون ولضمان ثقة المواطن في القاضي وأحكام القضاة). وفي هذا الصدد اعتبرت النائب فتيحة عويسات من جبهة التحرير الوطني أن إصلاح وعصرنة العدالة أمران حتميان ومتلازمان)، مشيرة إلى أن عصرنة العدالة (لا يتمّ فقط بتوفير الوسائل المادية والبشرية، بل بإنشاء منظومة قضائية تتماشى وقيم الشعب الجزائري وبإبعاد القاضي عن الضغوطات الداخلية والخارجية وبمنح الثقة والطمأنينة والاستقرار للقاضي والمتقاضي). من جهته، أكّد النائب جلول جودي من حزب العمال أن الخوض في الحديث عن عصرنة قطاع العدالة مربوط ب (الفصل الفعلي) بين السلطات وب (إعطاء أكثر استقلالية للقاضي وحمايته من أيّ ابتزاز قد تمارسه عليه الجهة التنفيذية). وفي نفس السياق، طالبت النائب نادية إحدادن من جبهة القوى الاشتراكية بتعزيز حيادية عمل القضاة ومبدأ المساواة وثقة المواطنين اتجاه الجهة القضائية وبتسهيل الوصول إلى القاضي وتحسين نوعية وجودة الأداء القضائي.