لا تزال معاناة 40 عائلة تقطن بشارع عمار سعدي شاطوناف بأحد أرقى و أجمل شوارع بلدية الأبيار، قائمة لحد الساعة، فمنذ أزيد من 62 عاما وهم يعيشون في وضعية مزرية بسبب إهتراء الشاليهات التي يقيمون فيها، فرغم عمليات الترحيل العديدة التي مست الكثير من مواقع الشاليهات بالعاصمة، إلا أن دور هاته العائلات لم يحن بعد مع أن والي العاصمة قد كان أعلن في إحدى تصريحاته السابقة أنه تم القضاء نهائيا على كامل الشاليهات المتواجدة على تراب الولاية. أول السكان الذين قابلناهم كان عمي مولود الذي يقطن بهذا المجمع السكني، الذي روى لنا حكايته مع الشاليهات التي يقطن فيها لأزيد من نصف قرن فمنذ سنة 1952 تم إيجاد هذا المكان الذي كان في بداية الأمر عبارة عن مجموعة من السكنات الوظيفية والتي تتكون من غرفتين على أكثر، وهبتها بلدية الأبيار للقدامى من عمالها، وكان هو واحدا منهم على اعتبار أنه عمل بذات البلدية لأزيد من 30 عاما، ولكنه لم يكافأ ولو بالقليل نظير كل المجهودات التي قدمها، فمنذ سنة 1952 ومنذ أن تزوج قام بتأجير ذاك المسكن من البلدية، وقد قدمت له وعود كثيرة بالترحيل، إلا أنه لم يتم ترحيله ليومنا هذا، وما زاد الطينة بلة أنه قام بتزويج أحد أبنائه معه في المنزل لأنه هو الآخر لا يملك سكنا أين يقطن فيه، بالإضافة إلى هذا فإن عمي مولود لم يتوان يوما في دفع إيجار منزله المقدر ب 800 دج شهريا، وبهذا يكون السكان الوحيدين الذي يقومون بدفع إيجار شاليهاتهم عبر بلديات الوطن. وما زاد الطينة بلة أن معظم سكان الشاليهات يعانون بأمراض تنفسية مزمنة كالربو والحساسية وحتى أمراض القلب من مادة الأميونت الخطيرة التي صنعت منها الشاليهات، والجدير بالذكر أن هذه المادة هي عبارة عن صوف مدسوسة وسط الخشب الذي شيّدت به الشاليهات لهذا اضطرت العديد من الأسر إلى استبداله بالأجور الأحمر وصفائح الترنيت علهم يتمكنوا من تفادي الأمراض قليلا ولكن عبثا، لم يتمكنوا من ذلك فحرارة الصيف الحارقة وبرد الشتاء القارس كله فوق أزيد من 40 عائلة التي تقطن بهذه الشاليهات. وقد ألحق زلزال الفاتح أوت أضرارا جسيمة بهذه الشاليهات فقد أصبحت آيلة للانهيار، فعلى خلاف الأسقف تشقق أرضيات الكثير من المنازل فأصبحت مائلة تشعر من يقف عليها بالدوار والصداع المفاجئ في الرأس، لا يتوقف الأمر عند هذا فحسب فكل الجدران دون استثناء أصيبت بتصدعات وتشققات عميقة، ففي بعض المنازل ترى ضوء الشمس داخل من الشق وبوضوح حتى أن بعض العائلات اضطرت لسدّها بأوراق الجرائد بسبب النور الكثير الذي يدخل البيت، وهناك إحدى العائلات تخرج المياه من أرضية منزلها طوال أيام السنة وذلك أن الشاليه الخاص بها مشيد فوق منبع للمياه قديم، بعد الزلزال أصبح يسيل بطريقة غزيرة ما يضطر هذه العائلة على افتراش البطانيات القديمة على الأرض ثم افتراش بقية الافرشة الأخرى، وكل يومين تقريبا تقوم هذه العائلة بتغيير تلك البطانيات التي تجدها في كثير من الأحيان مبللة بدرجة كبيرة وكأنها غطست في الماء.